تحقيقات وتقارير

إعفـاء عصام البشيــر.. ضحيــة الصـراع!


انقسم الشارع الكويتى بين مؤيد ورافض لقرار وزير الاوقاف القاضى باقالة د.عصام احمد البشير من منصبه كأمين عام لمركز الوسطية .ولم تكتف وزارة الاوقاف والشؤون الاسلامية الكويتية باقالة الرجل بل انها قطعت جميع الصلات التي تربطها به بما فى ذلك ايقافه عن العمل كخطيب في مسجد الراشد.
ود.عصام البشير الداعية الاسلامى السودانى المولود بتندلتى بشمال كردفان العام 1956م، من اسرة ترجع اصولها لضواحى تمبول بشرق الجزيرة. تقلد منصب الامين العام لمركز الوسطية بعد تأسيسه بالكويت قبل ثلاثة اعوام وهو مركز فكري وبحثي وتدريبي تابع للجنة العليا لتعزيز الوسطية بدولة الكويت، يُعنَى بمعالجة التطرف و الغلو الفكري. ود. البشير الحاصل على البكالريوس من جامعة الامام محمد بن سعود بالرياض ، والدكتوراة من ام درمان الاسلامية ، انضم لجماعة الاخوان المسلمين بالسودان فى بداية السبعينات. ومثلهم فى التشكيل الوزراى بعد مفاصلة رمضان كوزير للأوقاف.
ولكن لم تلبث خلافات الرجل مع الجماعة ان ظهرت وبشكل قوى فى منتصف اغسطس 2005م، فى اعقاب توقيع نيفاشا، وقبل تشكيل حكومة الوحدة الوطنية، ويقول بروفيسور الحبر يوسف نور الدائم الامين العام لتنظيم الاخوان المسلمين عن تلك الفترة فى حوار صحفى سابق ان
مجلس شورى الاخوان قيَّم تجربة المشاركة في الحكومة، ممثلة في وزارة الإرشاد وبعد التقييم قرر ألا يكون الدكتور عصام البشير ضمن قائمة الجماعة في الحكومة، فرفض الدكتور عصام قرار مجلس الشورى، وخرج من الجماعة وانضم للمؤتمر الوطنى واصبح عضوا بالمكتب القيادي له. ليتجه بعدها الرجل لدول الخليج ويصبح داعية معروفاً، له قاعدة شعبية كبيرة خاصة وسط الشباب من الجنسين، علاوة على اعجاب بعض السياسيين الفاعلين فى تلك الدول، خاصة برؤاه المعتدلة.
(2)
مما دفع بوزير الاوقاف الكويتى السابق للاستعانة به لتأسيس مركز الوسطية وادارة دفة اعماله، بمزايا مادية ضخمة، اثارت نقمة الكثيرين، خاصة ان الرجل لم يكن كويتى او خليجى الجنسية.
وليشتعل بعدها المشهد السياسى الكويتى برمته خاصة بين الحركة الدستورية الاسلامية(الاخوان) والتجمع السلفي, بعد ملاسنة خشنة بين حسين الحريتي وزير الاوقاف وصاحب القرار الضجة من جهة و د. جمعان الحربش النائب البرلمانى الاخواني.
ففى المعركة التى اشتعلت منذ الاثنين الماضى باعفاء البشير ومنعه امس الاول الجمعة عن الخطابة اكد الوزير الحريتى ان قراره في شأن البشير تم وفق النظم واللوائح وفي اطار صلاحياته, وقال: (أنا اعرف عهودي والتزاماتي, ولا أريد من الحربش أو غيره تذكيري بها).
فى الفسطاط الآخر دعا البرلمانى الحربش الوزير الى تطبيق مسطرة العدالة والانصاف على الجميع بدون استثناء او تفرقة، لافتا الى ان الوزير اختزل جميع التجاوزات التي وردت في تقرير ديوان المحاسبة وديوان الخدمة فى نقل د.البشير من منصبه، وابدى الحربش استغرابه من موقف الوزير بملاحقة د.البشير ومنعه من الخطابة في صلاة الجمعة الاخيرة في حين نجد ان كبار المتجاوزين والمسؤولين عن غالبية المخالفات هم جلساء الوزير في مكتبه. الحربش لوح بشن هجوم كاسح على الوزير وقال (اذا لم يقم الوزير بمسؤولياته السياسية وما تقتضيه المصلحة العامة فما عليه سوى الانتظار الذي لن يدوم طويلا).
ويصف مراقبون قرار ابعاد د.عصام البشير بأنه يأتي استجابة لضغوط النواب السلفيين, ومحاولة من الوزير لكسب ودهم. وتوقعوا فى ذات الوقت ان تشتعل المواجهة بين الاخوان والسلفيين خلال الايام المقبلة, بسبب قرار الوزير, خاصة ان د.البشير مدعوم من الحركة الدستورية.
وذهب متابعون الى ان السلفيين كانوا يرغبون في ابعاد د.عصام البشيرعن مركز الوسطية والسيطرة عليه, وانهم مارسوا ضغوطا شديدة على الوزير السابق لهذا الغرض, كما واصلوا مخططهم مع الوزير الحالي بتكثيف الضغط عليه لازاحة البشير عن مركز الوسطية, واوضحوا ان الحريتي لم يستطع الصمود في وجه تلك الضغوط, رغم انه سبق واعلن انه لا نية لتغيير الامين العام لمركز الوسطية.
المصادر ذاتها اكدت على انه اذا كان وزير الاوقاف قد استراح بقراره الاخير من ملاحقة النواب السلفيين له فإنه فتح على نفسه جبهة جديدة يقودها نواب (الحركة الدستورية) الذين سيعتبرون قراره تحديا لهم, واشاروا ايضا الى ان مركز الوسطية بات يمثل مطمعا للاخوان والسلفيين, رغم ما يتم تداوله بشأن وجود مخالفات وتجاوزات وتنفيع في المركز.
ويرى عادل القصار الكاتب بصحيفة القبس الكويتية ان د.البشير قد وقع ضحية للتجاذبات السياسية والفكرية الداخلية. ويقول القصار ان بيان الدكتور عصام البشير الصادر بعد اعفائه من منصبه، قد وضع النقاط على الحروف، مبينا بالأرقام المشاريع التي انجزها مركز الوسطية خلال مسيرته. ويضيف ايضا اذا كان مركز الوسطية قد وجهت اليه تهمة تبديد أموال الدولة، فإن الدكتور البشير قد برأ ذمته بعدم امتلاكه أية سلطة وظيفية للتصرف المالي على نحو قليل أو كثير، خلافا للشأن الإداري في المركز الذي يحكمه ويديره المكتب التنفيذي برئاسة وكيل الوزارة وعضوية عدد من القيادات في وزارة الأوقاف.
غير ان ياسر جاد الله القيادى بجماعة الاخوان المسلمين بالسودان ورفيق د.عصام لاكثر من ثلاث عقود له رأى آخر فهو يذهب الى ان افكار الرجل التجديدية اثارت حفيظة الجماعات السلفية. وهو الامر الذى يتسق مع رفض هذه الجماعات لتأسيس فكرة المركز فى وقت سابق. حيث وصف بعضهم المركز بانه تنازل عن الثوابت وتمييع للدين.
ويعود جاد الله ويرى ان د. عصام البشير تشكل عبر ثلاث مراحل الاولى بدأت منذ نهاية السبعينات وبدا فيها الرجل متشرب لفكر الاخوان والسلف، رافضا للفكر التجديدى خاصة فى حالة الترابى. وثانيتها اتت بعد سفر الرجل لبريطانيا وامريكا، فاكتسب افكار تجديدية، دفعته لابتداع المدرسة الوسطية التى تتشابه مع التيار التجديدى فى مطلع الالفية وهذه هي المرحلة الثالثة. وهو ما عجل باستبعاده عن تيار الاخوان المسلمين فى السودان والعالم.
ويبدو ان ابعاد الرجل بكامل مستحقاته من المركز الذى اسسه وتحويله لمستشار للوزير يدحض فى ذاته اية تهمة فساد مالى او ادارى بحق الرجل.
وتبقى احداث مركز الوسطية فصلاً صغيراً فى حياة د.عصام المعروفة بالتنقلات الساخنة.
محمد عبد العزيز :الراي العام


تعليق واحد

  1. يا دكتور عصام والله البلد فى حاجه ليك وهذه فرصتك دع لهم الجمل بما حمل وارجع لبلدك عزيز مكرم وطنك محتاج لافكار النيره وحديثك العذب ارجع يا دكتوووووووور

  2. واللة هذا الخبر مما يحزننا لاكن لخير انشاء اللة يادكتور سبت اللة خطاك وحفظك من هؤلاء القوم والى الامام (ويمكرون ويمكر اللة واللة خير الماكرين):D