العيد الانفصالي
فالخراف التي استعصت على البعض قد يصير من الممكن إراقة دمائها بعد أن «يعدي» اليوم الأول للعيد.. فكلما مرت دقائق وساعات دخل عدد أكبر في قائمة «المضحين».. خير وبركة.. هكذا دائماً تكبر أمامنا الأحداث قبل وقوعها.. ولكن الحين تبدو الأحداث و كأنها أمور اعتيادية وسلسة.. ومبروك العيد.. الذي ربما قُدِّر لنا أن نحضره عاماً قادماً.. ونجد أي شي «غير».. فهل نحتمل قصة القول «مبروك عيد الانفصال».. العبارة التي يراها البعض الآخر «مبروك عيد الاستقلال».
يا عيد تعود:
«يا عيد تعود.. يا عيد بالخير علينا سعيد».. هل فرحتنا وإحساسنا بالعيد والمناسبات الموسمية الأخرى عادت تجد حفاوتها في الدواخل.. لا اعتقد أن الكثيرين ينعمون بالحفاوة القديمة لها.. فقد صرنا نؤدي الطقوس الاحتفائية بمكانيكية مجردة.. لأن ازدحام التصاريف ومحاولة المداركة والتواكب مع الآخرين تتداخل كثيراً مع الإيقاعات الخاصة في تضاد زمني ومكاني يجعل منها باباً من أبواب «أداء الواجب».. صباح العيد الذي كان «غير كل الصباحات الأخرى» يبدو لبعضنا مجرد صباح يحمل طابع المجهود والجهد الزائد بقليل من توابل الحياة الأسرية، خاصة إن كانت العوائل ممتدة والأسر كبيرة جداً.. «ويا عيد تعود..».
السفريات والعيد:
كلما اقتربت مواسم التواصل بين أهالي العاصمة وأصولهم في «البلد» كلما ارتأت الجهات المسؤولة عن التراحيل والنقل نظرة أخرى.. «إنه فقه المواسم».. فالتذكرة على البص السفري دائماً في تعالٍ وارتفاع.. فصار الأمر عند الكثيرين هذا العام واجباً ثقيلاً على الجيوب.. أن يذهب «الولد» إلى أمه وأبيه في البلد بصحبة الزوجة والأبناء والخروف وتذاكر السفر خصماً على ميزانية الشهور التي تأتي بعد العيد بمتطلباتها اللازمة والواجبة.. ونأمل أن يكون طريق العودة أقل تكلفة وسلامة.. حتى لا يصل كل هؤلاء لقفل البيوت الكبيرة في البلد واستصحاب الجذور إلى العاصمة التي أصبحت «لحم رأس» كما يقول العامة.. حتى الآن تبدو شوارع العاصمة خالية وخفيفة في العيد.. كدلالة على استمرار البر بوشائج الدم والرحم والعودة للجذور.. وربنا يستركم من وعثاء السفر والمرور.
آخر الكلام:
ها هو العيد بكل إحساساته مع أو ضد الفرح الخالص، لأنه العيد الأول للبعض فرحاً وللبعض حزناً وللبعض هجرة وللبعض عودة وللبعض غياباً أبدياً.. وللبعض انتقال من مرحلة إلى أخرى.. هكذا يعود دوماً.. ودمتم.
سياج – آخر لحظة – 21/11/2010
fadwamusa8@hotmail.com