الطاهر ساتي
لسنا هكذا يا أخ العرب ..!!
** ولم تسقط من ذاكرتنا بعد تلك الحلقات التي كانت تبثها فضائية خليجية في رمضان العام الماضي تحت مسمى « طاش ما طاش » .. كان السوداني فيها يلعب دور الساذج الكسول الذي لايفهم الخطاب سريعا ، وإذا فهم لايتقن عكسه واقعا عمليا .. رصدت إحدى حلقاتها بالصدفة ، فاحزنتني أن تكون تلك هي الشخصية السودانية التي تترآى للمثقف العربي ، فكتبت رافضا تلك النظرة الدونية التى ينظرنا بها بعض « مثقفاتية العرب » .. وأذكر أن زميلا عربيا من تلك الديار راسلني معتذرا ، ثم رافضا كل تلك الحلقات التي وصفها بالعبث ، فنشرت رسالته التي وجدت صدى طيبا في نفوس أبناء وطني بديار الغربة ، كما عبر بعضهم في رسائل حجبتها حتى لا نوغر صدور بعضنا تجاه بعضنا ، بفعل « جهلائنا ».. !!
** فتوقفت عبقرية « طاش ما طاش » عن عبثها الموسمي تحت وطأة نقد بعض الوعي العربي ببعض صحف الخليج .. ولم يعد في هذا الشهر الفضيل مايعكر صفونا تجاه الفضائية التي كانت تحتفي بتلك « الهبالة » .. ولكن .. وكأن قدرنا هو الإكتواء – في كل رمضان – بسخرية من هم دون قامتنا إرثا وحضارة ووعيا ، يأتي الممثل المصري محمد هنيدي بحلقات هي الغباء ذاته حين يتجسد في الدراما ، تحت مسمى « سوبر هنيدي ».. ويبث عبر فضائيات مصر والإمارات حلقة لم يجد فيها للسودان موقعا غير أن يكون مرتعا للتخلف والغباء والكسل .. !!
** هنيدي في تلك الحلقة يبدي ضجرا واضحا لعدم رغبته للذهاب الي السودان بحثا عن رجل أعمال مفقود ..والدة خطيبته تسخر منه « الشباب اللى زيك بيروح قطر وأبوظبي ..وأنت تروح السودان ..؟؟» .. ثم سيل من الحوار والنقاش يظهر السودان للمشاهد وكأنه قطعة من جهنم وديار الداخل فيها مفقود والخارج منها مولود ، وتهكم مهما بلغ بنا السوء لا نقبله بأن يصدر تجاه بلدنا وشعبنا من « ناقص وعي و معرفة » .. ثم يأتي هنيدي خائفا قلقا الي وادي حلفا ، ويخالط المجتمع الكسول الذي فيه عامل محطة وقود يرفض بيع وقوده حتى لا يتحمل عناء القيام ، أو كما يعكس المشهد القبيح الذي يعكس مشاعر ومفاهيم بعض البلهاء العرب تجاه شعبنا .. ومابين وادي حلفا والخرطوم تتوقف عربتهم ، وتقودهم خطاهم لعرس سوداني في ساحته الناس والأبقار ، فيهرب هنيدي من الأبقار بمظان أنها جاموس ، ولكن أحدهم يخبره بأن الأبقار هنا تدفع مهرا للعروس .. تأمل الجهل بالأشياء ، بحيث عبقرية المؤلف والمخرج لاتعرف الأمكنة السودانية التي تقاليدها تدفع الأبقار مهرا للعروس ، فاختارت بجهلها مابين حلفا والخرطوم .. ثم بذكاء خبيث تتعمد عبقريتهم خلط الأبقار بالناس في سوح الحفل .. وهى رسالة مفادها « هكذا هم » …!!
** تفاصيل الحلقة من مشهدها الأول وحتى الأخير ضاجة بكل ما هو « قبيح ومشين » .. والمحزن أن بطل تلك التفاصيل هو محمد هنيدي الذي اكتشفه المخرج السوداني سعيد حامد .. اشتد ساعده فرمى بلد مكتشفه وشعبه ..والمحزن أيضا انها تأتي من بعض مثقفي شمال الوادي الذين نحسبهم يعرفون قيم شعبنا وصفاته النبيلة أكثر من مثقفي العرب الآخرين .. هذا هو المحزن في الأمر .. حيث لاتزال هناك عقلية لم تتعمق في الجذور بعد ، وتكتفي بالقشور .. ومن السهل جدا مقارعة السخرية بالسخرية ، والسفاف بالسفاف ، بوسيلة الدراما والآخريات .. ولكن تلفازنا طيب وخلوق ومبدعينا على قدر من التهذيب ، بحيث يمنعهم تهذيبهم وأدبهم من توجيه عبقريتهم الي ديار فيها يتخذ البعض المقابر مسكنا ويتشاكسون في توريثها لأبنائهم وأحفادهم ، وكذلك تهذيبهم يمنعهم من توجيه عبقريتهم الي شوارعهم الحمراء .. فالثغور العربية التي يستطيع المبدع السوداني أن يغزوها بابداعه مكشوفة ، وسوقها رائج .. ولكن لمبدعنا أدبا أرفع وأقيم مما يسمى بالأدب العربي ..ولهذا نكظم الغيظ ، وننصح ..« خلونا في حالنا » .. وأسخروا من أنفسكم ، إن كنتم تبصرونها …!!
إليكم – الصحافة -الاثنين 15/9/ 2008م،العدد5476
tahersati@hotmail.com [/ALIGN]
احييك على هذا المقال الذى اثار فى الكثير من شجون نظرة من نحسبهم اخوة لنا ولا يرون فينا الا كل سىء او ما يريدوننا ان نكون عليه وهم مليئون بما يحتاج لقرون حتى اكتمال سرده ناهيك عن حله او معالجته ,وشعبنا الطيب يكرمهم ويحتفى بهم فى كل الاحوال اعتقد انه من الافضل لهم الالتهاء ببلاويهم ويخلونا فى حالنا وزى ما قالوا الجمل ما بشوف عوجة رقبته
اخي ساتي هذا ما تعودنا عليه من العرب عموما ليست قصرا على مصر او السعودية او خلافه , بعد هذا المقال يبعث لك احدهم رسالة ويقول نحن يا السوادنة بنحبكم او يقول نحن ابناء النيل و نحن نصدق ولكن نقول لهم اصبروا الجوع قادم و لن لجدوا السوداني الطيب الابله او كما تظنون!!!!!!!
أس بلائنا أن الحقيقة هى ليست مجرد سيناريو أوسيناريوهات تندرج تحت مسمى الأدب والإبداع يقدمها مبدعين أو أفراد بدعوا نظرتهم وتحليلهم للشخصية السودانية والشارع السودانى عموما ، ولا هى مجرد مقال كتبه مثقف سودانى يردع ذاك الهجوم الطائش فى حق شعب هو أمه بمعنى كلمة أمة ، لا…. والف لا ….، الحقيقة هى نظرة الشارع العربى الكبير للسودانى الذى هو رصيد الشارع ليس إلا ، السودانى الذى يتأتىء حتى لسانه بلغة الضاد التى هى أيضا رصيده ليس إلا ، ونحن الذين حتم علينا قدرنا أن نجول معظم شوارع بلاد العرب ونلتقى عابريها نعرف ذلك جيدا ، وفى سبيل الدفاع عن عروبتنا ظل الكثير منّا يعانى التهكم والصخرية والدونية ، والسبب لأننا نحن السودانيون أمه بحالها لا تحتاج يوما أن تكون رصيد أمة أو أمم ، والمؤسف كل السودان شارعه العريض المليء بمثقفيه ومبدعيه وصفوته وكادحيه وصناع قراره يعرفون ذلك جيد ، يدركون أن السودان مهما دفع من فواتير ومهما خلق من إبداع ومهما نافح عن العروبة وعروبته سيبقى الرصيد ليس إلا ، والكل يدرك أن السودان سيظل ذاك البلد الأمه المتفرد فى كل شيء ، ذاك الوطن الذى يمكنه أن يكون قبلة العالمين ومنارة الحرية ومهد الديانات ومنبع جميع أعراق نسل أدم إن أراد له أهله ذلك ، فمتى نريد !!!!!!