الجالية السودانية بالجريف
كلما سمعت عبارتها الحنينة تلك «أهلاً ماما فدوى..».. أحسست بأن قلبي ما زال في مكان ما من جسدي.. صغيرتي التي لم تربطني بها وشائج الدم أو الرحم ولكنها تماماً تستطيع أن تحرك عاطفتي نحوها.. عاطفة الأمومة.. إنها الصغيرة المقيمة بحارتنا مع أهلها المستقرين معنا من أحد دول الجوار.. قد الفناها منذ صغرها الباكر.. باتت في الحي كله مثلاً للطفلة المحبوبة المهذبة.. ورغم أن هجرة نشطة خفية تلقي بظلالها على منطقتنا بالجريف غرب من قبل بعض دول الجوار.. تختفي أدواتها في أطر السرية وينبلج فجرها على وجود أعداد هائلة من اللاجئين صباحاً يبحثون عن إخوتهم ومواقع كمخبأ حتى يجدوا العمل والمأوى النهائي.. فتظهر الأعمال الهامشية وكناتين القهاوى والبخور.. واليوم يمضي ومنطقتنا تشهد تغيراً واضحاً في شكل «السكان».. تغيراً تلحظه إن كنت من المداومين على ركوب وسائل المواصلات العامة.. وأكاد أجزم عند صعودي للمركبة العامة أنني أقطن تلك الدولة بالجوار لشدة وحشتي لوجه مألوف من بلادي.. وحتى الحادث الأخير الذي أثار حفيظة أهالي المنطقة كان معظم ضحاياه من رعايا أحدى دول الجوار.. ولا أملك عندما أرد على «قريبتي» التي تسكن خارج المنطقة اتصالها.. إلا أن أقول «تمام أهلك الجالية السودانية بالجريف غرب بخير..».. ورغم معرفتي التامة أن الكثيرين من سكان المنطقة الأصلاء يستأجرون نصف أو بعضاً من منازلهم تحت ضغوطات الظروف القاهرة والغلاء الفاحش الذي لا قبل لهم به إلا باقتطاع جزء من لحمهم الحي.. من سكنهم وبيوتهم.. نحن كمواطنين بسطاء نحس بالظروف التي جعلت هؤلاء يلوذون بنا على بعض صعابنا ورغم إيماننا بأننا لسنا بالأفضل كثيراً.. إلا أننا نأخذ على توافدهم المحموم إلينا المآخذ الجمة.. فقد بدأت سلوكيات بعض أبناء المنطقة تتغير تماشياً مع واقع الوافدين الذين تمحورت حياتهم مع الظروف الجديدة.. لا أدري هل ظلمتهم الظروف أم ظلمت أهل المنطقة..
عموماً بعد الأحداث الأخيرة التي اجتاحت المنطقة العربية خاصة في ليبيا وبدأ دور بعض «الغرباء» فيها سالباً.. صرنا نتوجس من أي تواجد أجنبي في البلاد لا.. لأننا نخشى مساعدتهم ولكن لأن الأوجه الآن بدأت تأخذ أطراً أخرى.. لذا نأمل أن يقنن وجود هؤلاء الأجانب.. لأن الكثيرين منهم «لا ناقة لهم ولا جمل» في أي مآرب سوى وجود ملاذ مستقر.. ورغم ذلك تكثر الشكوى من بعضهم لوجود بعض الممارسات غير المستحسنة، بل المرفوضة.. ولابد أن تكون سياسة دولتنا واضحة تجاه تغلغل هؤلاء وسط البسطاء.. والحق يقال إن أعدادهم في ازدياد مضطرد.. كما أننا لا نطالب بقفل الأبواب وتوصيدها أمامهم ولكن نطالب بتقنين ليس إلا.. وهي دعوة نرفعها للسادة المسؤولين عن المنطقة من القاعدة إلى القمة..أدركوا وجود الجالية السودانية بمنطقة الجريف غرب.
آخر الكلام:-قال لي «لماذا إذاً يؤجر أهالي الجريف لهؤلاء المنازل».. قلت له «لماذا إذاً لا تخفض أسعار السلع الأساسية».. قال «الضرورة».. فقلت له «إذن هي الضرورة».. ودمتم..
[/SIZE]
سياج – آخر لحظة – 3/3/2011
[email]fadwamusa8@hotmail.com[/email