فدوى موسى

في صحراء الحياة

في صحراء الحياة
كلما أظلمت اللحظات انفرجت زوايا للهمِّ وازدادت في تمددها مساحات لا تحتمل التروي، وبات التعجل سمة الحال الماثل، ماذا عسانا ندرك.. هل نناطح طواحين الهواء حولنا لعلنا بذلك نقول إننا لا زلنا نتنفس.. لا بد من قليل تحمل وتصبر، فالأمور لا تؤخذ على هذا النحو من عدم التريث والتلهف إلى العبور العاجل.. هل كل الكون حولنا مثالي.. لماذا لا ننظر إلى هذا «الزيد» وذاك «العبيد»، وكلاهما يعبر في المتاح من الحراك الحياتي.. وكل يدثر نفسه بثياب القبول عند الآخر دون أن يفرط في بعض من شيء غالي.. أليس الإنسان هو الأقدر على إدراك الصعاب إن عزم الأمر.. إذن لماذا التكاسل.. فالحياة ليست رمادية السواد وبيضاوية.. قلنا له: انشقت طرق معبدة بالمخافة والتوجس والرهبة.. قال في بعض التجارب دربة على الاستزادة بعصارة وزبدة الخبرة الإنسانية.. قلنا له وإن شابها شيء من حتى.. قال الأصل التنقيب فالتِبْرُ موضعه عند التراب باطناً.. قلنا أنسبِرُ غوراً لا نعرفه.. قال هي خلاصة الحياة.. ماذا دهانا الآن ونحن في إقبال وإدبار كالواقفة عند قلب الصحراء تزاول البحث يميناً وشمالاً.. فتضع مولودها عند ذاك المكان.. لعل الزرع والماء يصيبه الفينة.. ترتفع وتنخفض نجاداً ووهاداً وتنداح الانفراجة عند النظر للسماء التي هي كل الرحمة وكل التفاؤل ويجيء القطر مدراراً فتنزل الطمأنينة عند ذاك المكان.. ويترعرع فلذة الكبد، فقد لامست شغاف القلب رجاءات للتوسل والتوكل ولا بأس في قليل انتظار.. ابتلَّت الصحراء وأعادت سطح الأرض بعضاً من ابتسام.. قلنا له ما زال الأمل للاخضرار وسط الجدب.. قال إذن هي التجربة الإنسانية الكاملة.. يولد حي من ميت التسلسل القدري فيكون بعض الحياة من بعض الممات.. تسلم لحظات التآخي البشري عندما تجد من يصدقك المشورة والرأي على طبق من أطباق التعمق الشفيف.. تنداح أحياناً الانفراجة ويترأى خيط لا تعرفه إلا عند تحصنك بذاك الرأي وتلك المشورة.. تنداح الانفراجية ويترأى وضوح الشعرة الفاصلة ما بين هذا وذاك فيكون الأبيض أبيض والأسود أسود ولا تتداخل نقاط الركون للرمادية فقد انقطع تواصل الضباب وبانت الحقيقة منحاً من وهم سراب الضوء ورهاب واقعه.. فلا تتجارى إلى رهاب أنت لست بداركه ولا تبذل عرقاً أنت لا تعرف مورده.. قلنا له بتنا موجوعين من تفاصيل سبقت علينا وسدت الأفق وقطعت فواصل التداعي.. قال الأفق لا يقفل إلا عندما يكون محدوداً.. متى ما ضيقتموه ضاق من حولكم المدى.. فأنتم من تكبلون أنفسكم من الانطلاق.. قلنا إذن هي الانطلاقة إلى الرحابات البعيدة ولكن.. قال كفاكم حديثاً لشيء لم تبدأونه بعد.. دعوا الأمور تقول قولتها وأعينكم على وعيها المؤتمل.. إذن هي المحاولة والتجريب فمن شاء أن تكون همته الثريا.. جاءت به إلى بعض علو وسمو.. ومن شاء أن تكون همته دون أبواب الشحذ والارتقاء أبقته حيث كان.. قلنا له هل نحن معنيون بإصلاح الكون قال والوقار يتبدى.. نعم نعم فأنتم لعمران الأرض وعبادة الرب.. فأنقطع سيل تساؤلنا فقد بان أن لا تداخل بين أبيض وأسود.

آخر الكلام:

.. ماذا عسانا نفعل والأمر في رمته يدخل باب الاختبار والتمحيص.. من قال إن الرجاء لا يتداعى بلا عشم وأن الباطن لا ينز شفافة محتوى.. فتعال إلى الحياة بنفس عالية وهمة واعية ولا تكترث كثيراً لبعض عزم الهمم المثبطة.. إنها الحياة خليط من كل شيء ولكنك أنت الذي تنتقي نقاوة من نقاوة.. ودمتم..

سياج – آخر لحظة – 6/4/2011
[EMAIL]fadwamusa8@hotmail.com[/EMAIL]