السودان الجديد
حقاً نحن اليوم أمام سودان جديد.. شئنا أم أبينا.. تحاصرني الآن الأنشودة الخالدة التي يتغنى بها الرائع الكابلي ووقفة طويلة من التأمل عند مقطع «نحو سودان جديد».. لفتاة اليوم والغد فهذا الكابلي استبق غناؤه الحدث كثيراً ترنم اشتياقاً «فيك يا مروي شفت كل جديد» فجاءت الأحداث لهذه المروي الحضارة ببعض شواهد الصرح العالي.. سد مروي.. اليوم إننا أمام سودان جديد غير ذلك الذي عرف سابقاً بأنه الأراضي التي تقع جنوب مصر والممتدة من قرورة ونمولي في الجنوب الى شلاتين وأرقين في الشمال.. أنه سودان ما بعد الانفصال.. سودان بعد ذهاب جنوبه الأخضر وإنسانه الأسود فقد كان الرحالة يطلقون عليه في العصور الوسطى هذا الاسم بناءاً على لون سحنة العنصر البشري فيه.. والأحداث والأنظمة تعيد تشكيل السودان في مفاصلة تاريخية ما بين جزئية فتذهب بأخوة لنا بعيداً عنا.. كثر أو قل الجدل تبقى حقائق مثبتة أن بلادنا السودان لم يعد بتلك المساحات الواسعة لم يعد بتلك الجغرافيا الأكثر تنوعاً لم يعد في حوجة لذلك الأرث الوجداني الذي يمجد ثقافة الوحدة وأنه لا شمال بلا جنوب.. وبات أمام النظام القائم.. أمام «المؤتمر الوطني» بحكم أنه الطرف الذي وقع على مواثيق أمامه مهمة عسيرة وهي إعادة تكوين وجدان وثقافة أمة وتعريف العالم بسودان جديد له خارطة جديدة فإن لم تكن في ذهننا «إنها خارطة مبتورة» علينا أن نروج لشكل جديد.. أراضي جديدة منقوصة وتشكيلة سكانية تفقد كل قبائل الجنوب وأن لا نتزرع بأننا أصبحنا كتلة واحدة.. فالتنوع قائم وهو مفضل وعنصر لذكاء الإنسان السوداني الذي ترفد المكونات الجينية نوعاً من التميز العقلي فهل ستنجح الحكومة القائمة في تعزيز إحساسنا بالسودان الجديد.حقاً إننا نحس بأن حديثنا عن بلادنا دائماً ما ينطوي على جزئيات تاريخية «مفروضة» لا قبلها ولا بعدها.. ومعرفتنا بتاريخ شامل للسودان ذهبت به ذمة المناهج الدراسية القاصرة التي لم ترتق بنا الى مصاف الحديث بزهو عن السودان حتى صار الطفل الصغير يتجرأ متحدثاً «دي بلد دي».. وهنا يحضرني قول ثابت أن «الحركة الشعبية» رضينا أم تزمرنا استطاعت أن تفترض سوداناً جديداً موافقاً أو مخالفاً لمشروعها فبتنا في عداد البلاد الجديدة كيف لا يكون السودان بعد يوليو سوداناً آخر.. وفي ذمة هذه الحكومة أن تبصر إنسان السودان بتاريخه قديماً وحديثاً ولزاماً عليها أن تشحذ همة المؤرخين لتفاصيل دقائق الأحداث وأن تخلط ما بين تاريخنا القديم والحديث في مناهج الدرس حتى نستطيع أن نقول إننا أمة تعي الماضي وتستعد للغد الجديد. ورغم كل ذلك ما زال السودان يمتلك الأراضي الزراعية والتعددات الوافرة للثروة الحيوانية ويمكنه أن يكون مصدراً للأمن الغذائي داخلياً وخارجياً وذلك لتوسطه القارة ورغم انتقاص حدوده الجغرافية الا أن التداخل القبلي موجود وتمدده على ساحل البحر الأحمر قائم كأحد أبواب الثقافة والتجارة.. وما زلنا نتعشم في رسم خارطة وجدان أمة سودانية جديدة.
آخر الكلام:
ذهب منقو وبقت الحوجة لتصحيح الإرث الكامل لمقابلة المرحلة المقبلة نقحوا.. الخريطة.. المناهج.. الإرث الثقافي والوجداني.. وكونوا قدر التحدي للعبور بأمة كاملة من مرحلة الى أخرى مفصلية..
«ودمتم».
سياج – آخر لحظة – 6/4/2011
[EMAIL]fadwamusa8@hotmail.com[/EMAIL]