فدوى موسى

فقه السترة 2

فقه السترة 2
قليل من الصبر:

كثيراً ما لا تحتمل أنفسنا تفاصيل الواقع خاصة إن جاء هذا الواقع محتشداً بالابتلاء والامتحان أو إصابتنا فاجعة.. ربما ساقنا عدم الاحتمال لحالة من السخط اللحظي غير مأمون الجانب.. فكثيرون تراهم يتلفظون في المواقف الحرجة ما يصل لمرحلة «السب» الذي هو مدخل للخروج من الملة والناس.. وكثيراً ما كنت أعجب لأمر بعض المارة أو المتزاحمين في كثير من المواقع العامة عندما يخرجون عن أطوارهم وتتفوه ألسنتهم بكلمات لا تتناسب وحدود المرونة المعتادة منهم أو المأمولة فيه.

لا أظن هناك مفر إلا أن نتسلح بأخلاق مرنة و«مطاطية» تعتمد على مبدأ الصبر الذي هو باب الأجر لأنه الصفة التي تجعلك تسمو لرحمة المولى «وإن الله مع الصابرين» ولشدة ما للصبر من قيمة عالية ارتبط دائماً بالابتلاء والمحاصصة.. لأنك تجد الصابر إما مريضاً يأمل في الشفاء أو محتاجاً في كنف طلب عاجل.. أو ممتحناً في انتظار نتيجة امتحانه.. لذا تجد أن الصبر في حد ذاته حالة من الابتلاء، ولكن أخطر حالات الانفراط الصبرية أن تشكو الله لعباده وهو اللطيف بهم.. ومثل هذه الحالة كثيرة الحدوث خاصة عندما نسمع عبارات مثل «انحنا الله ما أدانا..».. أو تبطن السخط مع بعض عبارات مثل «دي قسمة الله».. وربنا يصبرنا ويصبركم.

ü فقدان ذاكرة:

لا أصدق نفسي حتى هذه اللحظة وأنا أقف أمام الموظفة وهي تستجلي بعض البيانات الشخصية عني، حيث أوصلتني إلى التسلل في الاسم حتى جد الجد.. فوجدت نفسي أقف ناسية «يا ربي جد جدي منو؟» فظللت أردد الأسماء واحدة تلو الأخرى لعلها تيقظ أحد الأسماء الواردة للذاكرة هي اسم جد جدي باعتباره الحسم لذلك.. «منو.. منو..» وفجأة أدركت اسم «جد جدي» عذراً له ولي فقد باتت الذاكرة الأساسية خربة تحتاج لدواعم خارجية أو كما يقولون «اكستيرنال».. وظللت أحس بالحرج النفسي هل يتناقص بي معدل التذكر إلى حواف اسمي فقط في يوم من الأيام..؟ أسأل الله العافية.

ü لا تكن خبيثاً:

في مواقع كثيرة يلتقيني البعض بأن الطيبة وحسن الظن بالناس صفات يجب أن اتخلص منها الآن قبل الغد.. ودائماً ما أعود بذاكرتي إلى أحد الإخوان الأصدقاء أيام الجامعة وهو يوصيني دائماً بأن «حسن الظن بالناس ورطة».. ورغم أنني كثيراً ما أقارب أن أصادق على تلك العبارة إلا أنني أقول لنفسي كما أظن يجب أن يظنوا بي.. والظن بعضه إثم.. ولكني استسلم لضرورة حسن الظن عندما أتذكر ما معناه «أنا عند حسن ظن عبدي بي».. كذلك إنزال النفس منزلة الآخرين فليس أريح للقلب وأسعد للإنسان من حسن الظن الذي يزيح الخواطر المقلقة التي تؤذي وترهق العصب والنفس.. عليه فقط قليل من اجتهاد لدرء الظن بالعلم والحقيقة.. فليهدأ الظانون من اختلاجاتهم وتصوراتهم تجاه الآخرين.. وقليل من الاجتناب.

آخر الكلام:

الصبر.. وحسن الظن أصبحا عملتين نادرتين.. فهل حاولنا تملكهما كما نحاول ونحاول تملك المال والنقد.. رجاءاً أحسنوا الظن أقلاه في ربكم وأنفسكم مع محبتي للجميع.

سياج – آخر لحظة
[email]fadwamusa8@hotmail.com[/email]