فدوى موسى

لغة الدموم


لغة الدموم

عمك «عبدو» لفح العمة وركز الطاقية وأعد كلمات جزلات ليقولها في لمة أهل الحي ذلك اليوم باعتبار أن فسحة من الانفراج والحرية تدفقت طاقاتها كنوافذ للعشم وأن لا تعتيم أو عرقلات أمام أحد أن يكون ضمن قواعد السلطة والحكم وتستبشر خيراً في أن القادم أفضل وأحسن.. وفي طريقه لموقع اللمة جاءه الصوت الذي يخشاه «أو ترق كل الدماء».. فهمهم «عمك» في نفسه قائلاً «اها يا ناس تاني لغة الدموم دي.. اها أحسن لي أرجع أشرب قهوة أم الحسن وأسد دي بطينة ودي بعجينة..».

وعود مسؤولين:

دائماً ما يصف العامة الكلام الواعد وكبير المطلق على عواهنه «إنه كلام جرايد ساي».. وأخيراً أضافوا إليه «كلام مسؤولين».. في ذلك المكان اجتمع أهل المنطقة وجلبوا النحاس استعداداً لاستقبال المسؤول الكبير حتى يناقشهم في قضاياهم الهامة واعدوا له قوائم.. وكأنهم موعودون بلقائه.. لقاء ليلة القدر أن تتنزل عليهم أو كأنه يحمل عصا سحرية تحول كل ما تلمسه ذهباً.. وقف المسؤول وهو في هندام بلدي جميل دليلاً على أنه يعتز بجلبابه السوداني وعمامته الأصيلة.. وبكلماته الساحرات اذاع ذائع المنطقة ان الفرصة مفتوحة للجميع ليدلوا ويطلبوا ويطالبوا.. وحمل كل من أتيحت له الفرصة قائمته وأرغى وأزبد حتى.. وحكى أماني أن تكون المنطقة حضارية، شوارع ومؤسسات ومنشآت كبرى فيها وفيها.. وجاء دور المسؤول «فجاطت» الموسيقى المشهد وقدل قدلتين وبشر.. اختلطت أصوات الموسيقى بجلبة الحضور وجاءت كلمات المسؤول مختصرة «كل مطالبكم محل اهتمامنا.. ومنطقتكم من أولياتنا ونحنا أولادكم وابشروا بالخير» وأعادت صوناجات النغم الزخم الموسيقي إلى مكان اللمة.. والكل يقول ويهز وينتهي المشهد المهيب إلى «عرضة وقدلة» وتتبخر المطالب ويكون الشيء المفيد الوحيد أن هؤلاء القوم «قالوا ونفسوا عن كربهم».. برضو فايدة.

همس العمل:

العادة أن يكون مكان الهمس والقيل والقال هو مجتمع الاجتماعيات والمناسبات اللمات، ولكن هناك من له القدرة على جعل أوساط العمل بيئات صالحة لنمو بكتريا القطائع والنمائم والدسائس.. حتى أن بعض المكاتب يكون المنسوبين فيها على شفى الانفجار إن بادر أحدهم بفك حنكه أو ابتدار «المواددة» وتلطيف الأجواء.. لذا وجب عليك أن تلزم «خشمك» وتكون قدر لسانك وأن تبعد عن البذاءة التي تولجك مهالك القول ونيل درجة «آكلي اللحوم البشرية».. لأنك بلا شك أن سمحت لنفسك للخوض في الأعراض كان لزاماً أن «تأكل لحم أخيك».. وكمرحلة أولى لابد من خلق بيئات عمل خالية من مرض اللت والعجن.. فاهمسوا لبعضكم بالقول الحسن الطيب كما يقول «عبدو» كلام الخير والإيمان.

آخر الكلام:

لغة التحاور والتفاوض أجمل مدخل للتوافق.. الإنساني في أي مكان.. شكراً عزيزي فكلماتك حلوة.. فاقداك قلوب اتعودت تسمع كلامك وضحتك تترصد الأخبار.

مع محبتي للجميع

سياج – آخر لحظة
[email]fadwamusa8@hotmail.com[/email]