فدوى موسى

في شحمة كلاي

في شحمة كلاي
كثيراً ما أجد نفسي في «زنقة زنقة» لا تحتمل إلا أن أخوضها لأنني ببساطة قد قدت نفسي إليها بوعي أو بلا وعي ولا أرجح فيها نظرية المؤامرة لأن نفسي تعف عن مبدأها.. ودائماً ما أتذكر مقولة لحبوبتي عندما كنا نخطيء في أداء شيء ورَّطنا أنفسنا فيه «لزومو شنو.. انتوا القال ليكم تخشوا فيهو شنو.. في شحمة كلاكم..» ولعلها تستشهد ببعض الدهون التي تحيط بالكلية البشرية، ولا أدري ما هو سبب ربطها لهذه الشحوم بالمواقف.. عموماً في ذلك اليوم خرجت في منشط يتطلب براحاً من الوقت وطوال سعي في طريقي كنت أسأل نفسي «يا بت انتي مجنونة ولا شنو بلاش من لبس الطواقي عز الليل.. وبلاش من الولوغ في مطبات انتي لا تمتلكي مفاصل فيها.. و.. و..» ولكن اتجاه آخر داخلي يدعوني للاصطبار حتى فتح منافذ للهواء اسنشقت فيها بعض عبق المخارج الصحيحة دون اضرار أو أذى.. خا صة وأن الأجواء مشحونة بالمتناقضات والاضطراب «وبرضو في شحمة كلاي».

الحنك السنين:

كثيراً ما كنت أعجب لذلك المسؤول الذي يمتلك قدرة رهيبة وفائقة على احتواء أي موقف مضاد لاتجاه ما يذهب إليه.. فإن جاءوا إليه بملفات تذخر بالغضب والسخط.. اقعدهم وانتزع منهم ابتسامات جلية لأنها تخرج من بين ثنايا الغضب والقهر.. وفي خاطري دراما وكوميديا حياتية تستفز مراكز الانفعال الضاحك.. والشوارع في الصيف تنز بالزهج والتوتر للازدحام وحرارة الطقس والضيق والعجلة والشفقة التي تمتاز بها جمهور الشعب السوداني.. والسائق يعبر في الشارع ويقفل مجال الدخول للأخر والذي يبدو أنه شخص «تمتام» فيستفزه هذا الأمر ويبدأ في انتهار الآخر متمتماً «يا يا يا ح ح ح…» فيبادره الأخر بإكمال سريع للعبارة يا «حيوان» فينفجر الاثنان بالضحك وتزول حالة الاحتقان فهل هسع عرف السائق أنه حيوان أم أن فطنته هي التي خارجته.. سريعاً.. هذه الأيام البلاد كلها في حالة «حوجة» ماسة لإزالة الاحتقان بسبب ما ستفصح عنه الأيام في انتخابات جنوب كردفان وحالة الاحتشاد التي يمارسها الطرفان «الوطني والحركة» تستدعي أن يتساميا من أجل مستقبل هادئ بعيداً عن جر البلاد والعباد إلى حالة الاحتراب والسلاح والدماء.. فقد حان الوقت لتعاطي الأمر بصورة لا تنطوي على ظلم أو قهر ولا نقول إنها مرحلة «الحشاش يملأ شبكته» ولا نتمتم بما قاله السائق «يا يا …».

ü آخر الكلام: «شحم الكلى» في هذه البلاد أحياناً يقود إلى مواقف لا تحل إلا بعد إعمال الحنك السنين وطقه.. ربما كانت المخارجة في لفظة ما تفيد بأن الشعب السوداني «لا يريد الحرب ثانية» إنما هي الحياة الكريمة دون أذى ولا من.. مع محبتي للجميع.

سياج – آخر لحظة
[email]fadwamusa8@hotmail.com[/email]