تحقيقات وتقارير

خمسة أيام و«قهوة حبشية» تضع خلفها 14 شهراً من التوتر …..«نيفاشا» الثانية في «الزهرة الجديدة» ما وراءها ..؟!

[JUSTIFY]خمسة أيام أمضاها الرئيسان عمر البشير وسلفاكير ميارديت في العاصمة الأثيوبية الجميلة الممطرة،بعد أن كان مقررًا أن تستمر لقاءاتهما يومين،مما يعكس توفر رغبة وإرادة مشتركة مكنتهما من تجاوز عقبات رئيسية استعصت على وفديهما المفاوضين في ماراثون استمر منذ مايو الماضي.
وصل سلفاكير الى أديس أبابا عصر السبت الماضي وكان برنامجه أن يقضي يومًا ونصف اليوم في لقائين مع البشير لحسم النقاط العالقة العصية، في طريقه الى نيويورك لحضور أعمال الجمعية العامة للامم المتحدة،ولكن نصائح أصدقائه ورغبته أبقتاه الى حين تجاوز عقبات رئيسية تقف حجر عثرة أمام التوصل الى تسوية سلمية تعبد الطريق لعلاقات تعاون مع الخرطوم.،وأوفد نائبه الدكتور رياك مشار الى الامم المتحدة.
وفي المقابل وصل البشير الى أديس أبابا نهار الأحد الماضي وكان برنامجه أن تستمر محادثاته مع سلفاكير يومي الاحد والاثنين وأن يكون اليوم الثالث مكرسا لمناقشة تعزيز العلاقات مع أثيوبيا والعودة في نهايته الى الخرطوم،غير أن تعقيد القضايا والرغبة في نهاية سعيدة للمفاوضات دفعته الى البقاء بالطابق الثاني في «شيراتون أديس» حتى نهار أمس.
الجلسات الرئاسية الست بين البشير وسلفاكير التي بدأت ودية وتبادلا فيها الابتسامات و» القفشات» والذكريات أمام الكاميرات في القصر الرئاسي الأثيوبي، توترت مع سخونة القضايا قبل أن تنتهي ليل الخميس في جلسة سابعة ودية وحميمية ضج فيها مقر البشير الذي استقبل نائبه السابق بالضحك وتخللتها أكواب الشاي و»فناجين» القهوة الحبشية ذات النكهة المميزة،خلفت وراءها 14 شهراً من التوتر والملاسنات والسنان والدماء والدموع.
المتابع لجلسات الرئيسين الممتدة سيصل الى حقيقة أنهما جاءا الى أديس أبابا وهما متوجسان ولكنهما مقتنعان أن محادثاتهما في طريق ذي اتجاه واحد يفضي الى السلام والتعاون،وان ضرورات المصالح قبل غيرها تقتضي أن يتعاونا،كما أن أوضاع مواطنيهما المعيشية واقتصاد دولتيهما يشكل ضغطا عليهما،بجانب مراقبة المجتمع الدولي ومتابعته الدقيقة لمواقفهما خصوصا أن المهلة التي حددها مجلس الامن الدولي انقضت قبل يوم من بدء جلساتهما.
الارادة والرغبة التي توفرت للرئيسين كانت كافية لتجاوز النقاط التي عبراها في خمسة أيام ،في جلسة واحدة،غير أن غياب الثقة أبطأ بالجلسات الرئاسية،مما أثار قلق المراقبين والمتابعين قرب قاعة المفاوضات في أديس ابابا،كما أن تعقيد الملف الأمني وشؤون أبيي الحساسة استنزفا وقتاً طويلا .
وكان ثمة تفاهم خلال اللقاء الأول في القصر الاثيوبي بتجزئة ملف أبيي الى قسمين ،الأول معالجة الوضع الانتقالي، بترجمة تنفيذ الاتفاق الموقع في يوليو 2011 بتشكيل الأجهزة الانتقالية لتطبيع الاوضاع الامنية والسياسية وملء الفراغ الاداري والتنفيذي، وإرجاء الوضع النهائي في أبيي الى مرحلة لاحقة باعتبار أن التنفيذ السلس لاتفاقات التعاون مع الجنوب وتحسين العلاقات سينعكس ايجابا ويفتح الطريق أمام معالجة موضوعية للنزاع.
ويبدو أن سلفاكير كان مقتنعا أن مصير علاقة الجنوب مع السودان ينبغي أن لا يرهن بحل النزاع على أبيي، لكنه واجه ضغوطا قوية من أبناء المنطقة خصوصا وزير شؤون مجلس الوزراء دينق ألور ومسؤول الملف لوكا بيونق،لإقحام واستعجال حسم قضية أبيي ،فدخل شيطان التفاصيل وعطل الاتفاق على الرغم من أن الطرفين اقتربا من التفاهم.
ومما زاد ملف أبيي تعقيداً هو تبني وفد الجنوب مقترحات الوسيط الأفريقي ثابو أمبيكي خاصة ما يتصل بأن يكون رئيس مفوضية استفتاء أبيي من الإتحاد الافريقي الأمر الذي رفضه البشير في شدة باعتبار أن أبيي لا تزال سودانية وستظل الى حين البت في مستقبلها،بالاضافة الى تحديد موعد الاستفتاء في اكتوبر 2013 وهي فترة يكون فيها المسيرية خارج المنطقة.
وزاد الشقاق المخاشنات بين مبيكي والدرديري محمد أحمد حول مقترح الأول بشأن رئاسة المفوضية،حيث قال الدرديري خلال اللقاء الرئاسي ان السودان به خبراء مؤهلون لرئاسة المفوضية وهو ما اعتبره مبيكي – وهو من دعاة الافريقانية- تشكيكا في الافارقة وغضب من ذلك ،واعتقد أن سوء تفاهم حدث وليس قصداً من الدرديري الاساءة الى الاتحاد الافريقي او رفضا لدوره.
ما يمكن قراءته من موقف سلفاكير حرصه على علاقة تعاون مع السودان،وعدم الاستجابة لأبناء دينكا نقوك في حكومته الذين صرحوا في اليوم الأول للجلسات الرئاسية انه لا توقيع لأي اتفاق من دون قضية أبيي،غير ان ما حدث عكس ذلك،فسلفاكير لم يربط مصير الجنوب بمصير أبيي،وهو ما أغضب دينق ألور الذي خرج غاضبا من اللقاء الرئاسي الأخير، وقال للصحافيين ان ملف أبيي سيحال الى مجلس الامن الدولي، وغادر الى جوبا مقاطعا جلسة مراسم توقيع الاتفاقيات.
سلفاكير خصص فقرات طويلة في خطابه خلال الاحتفال بتوقيع الاتفاقيات لقضية أبيي ،وكانت رسالة مباشرة لدينكا نقوك أن حكومة الجنوب لن تتخلى عن قضيتهم وستقف وراءها حتى تصل الى الاتحاد الافريقي ومجلس الامن الدولي،لكنه طرح ذلك بتوازن يعكس حرصه على علاقته الجديدة مع الخرطوم مع عدم خسارة أبناء أبيي، وقال سلفاكير في كلمته إن «الخرطوم وجوبا لم تتمكنا لسوء الحظ من التوصل إلى اتفاق حول مستقبل منطقة أبيي ، وأضاف: «للأسف ان أخي الرئيس البشير وحكومته رفضا بالكامل اقتراح الاتحاد الافريقي حول هذا الموضوع»، ودعا الوسطاء الى تحويل الملف لمجلس السلم والأمن الافريقي.
ثمة دور لم يكن منظورا للمبعوثين الدوليين الذين كانوا يرابطون في فندق «شيراتون أديس» بطواقمهم الفنية والادارية وهم المبعوث البريطاني الذي غادر قبل أن تنضج الطبخة والمبعوث النرويجي وبعض السفراء الغربيين في أثيوبيا،وكان من أكثر المداومين المبعوث الاميركي برينستون ليمان ومبعوث الامم المتحدة هايلي منغريوس وسفيرة الاتحاد الاوروبي روالندا ، فكانوا يتحركان وراء ابواب موصدة وبأحاديث هامسة في كافتريا الفندق وبين ردهاته المتعددة ويعكس قلقهم الدخان المتصاعد من سجائرهم وفناجين القهوة التي ترتشف بأنفاس هادئة،وكانوا في سعادة غامرة خلال حفل توقيع الاتفاقيات،ويبدو أن عواصمهم كانت أكثر سعادة،فقد صدرت بيانات تبارك الاتفاق من الامين العام للامم المتحدة بان كي مون والرئيس الاميركي باراك اوباما ومن الاتحاد الافريقي ولندن وأوسلو وغيرها.
أوباما الذي سيخوض الانتخابات الرئاسية في نوفمبر المقبل كان في حاجة الى انجاز يكون وقودا في الحملة الانتخابية التي تبقى لها خمسون يوما،لذا كان حريصا على أي اتفاق بين الخرطوم وجوبا للرد على منافسه الجمهوري الذي اتهمه بالتهاون في ملف السودان.
كما أن الاتفاق من الجانب الآخر يجنب السودان والجنوب دخولهما على خط المناكفة في مجلس الأمن الدولي بين الولايات المتحدة من جانب والصين وروسيا من جانب آخر،كما حدث في الملف السوري،وينزع من المتشددين «كروت ضغط»،ويفتح الباب أمامها للحديث مع المجتمع الدولي بقوة لإعفاء الديون والحصول على معونات لدعم اقتصاديهما،وان كان التعويل على المجتمع الدولي في ذلك سراباً،فأين دعم مؤتمر المانحين في أوسلو،ولكن المثل الشعبي يقول «الحاري ولا المتعشي»،فلنتحرى مجدداً.
[/JUSTIFY]

الصحافة – رئيس التحرير

تعليق واحد

  1. [SIZE=6][B][COLOR=undefined]ضحكت مساء الأمس وأنا أُشاهد من على قناة فرنسا 24 الناطقة بالعربية لقاءً مع شخص يُدعى ” مراد عبدالله ” ربط إسمه بمهنة صحفى ولا أدرى أين يكتب لأنى لم أسمع بإسمه فى عالم الصحافة ويبدوا عليه أنه يقيم بباريس ، وكانت المقابلة بعنوان حرية الصحافة فى السودان ، وقد كذب هذا المدعوا بمراد وقال للمذيعة أن الرئيس البشير لم يصف الجنوبيين وحدهم بالحشرات بل وصف كل أفارقة السودان بأنهم حشرات ؟؟!! مع أن الحقيقة تقول والجميع يعلم بأن اللذين وصفهم الرئيس البشير بالحشرات هم الحركة الشعبية حينما قال الحشرة الشعبية وحتى لم يُلصق هذا الإسم بأهل الجنوب ناهيك عن ما سماه هذا العنصرى البغيض بأفارقة السودان ، كما ذكر بأن الحكومة تحمى جريدة الإنتباهة بالدبابات شأنها شأن السفارة الأمريكية لأن صاحبها خال الرئيس البشير وتُشجعها على ما تكتب ولا يتم سؤالها عن ما تكتب ، ونسي هذا أنه لا توجد أي حراسة حول مقر الإنتباهة وأن الصحيفة تهاجم الحكومة نفسها وكم من المرات تم إغلاقها وجرجرتها للمحاكم بسبب بعض كتاباتها ، إن هذا وأمثاله كُثر هم من يسيؤون للسودان وشعبه فى الخارج وينقلون عنه أخبار كاذبة لتوافق هواهم ولتشويه صورة وسمعة السودان لمجرد أن النظام الذى يحكم لا يروق لهم !![/COLOR][/B][/SIZE]