حوارات ولقاءات

والي النيل الازرق الفريق مالك عقار : الحكومة المركزية هي السبب الأساسي في تعثر التنمية بالولاية!!

[ALIGN=JUSTIFY]صحيفة السوداني – أجراه بالدمازين: صلاح الدين مصطفى
الحكومة المركزية هي السبب الأساسي في تعثر التنمية بالولاية!!
لست متفائلاً بتدفق الاستثمار على ولاية النيل الازرق
أخيراً تم الاتفاق على إنشاء صندوق لدعم الولاية بمبلغ 300 مليون دولار
خزان الروصيرص يمثل لنا (صنم يحيى الفضلي وأحمد جادين)!
علاقتنا مع وزارة المالية مثل علاقة العقرب بحمارها!!
اعترف والي ولاية النيل الازرق الفريق مالك عقار بوجود قصور كبير في تنفيذ مشاريع التنمية بولايته، وعزا هذا القصور لعدم الحصول على حصة التنمية المقررة من وزارة المالية الاتحادية خلال الثلاث سنوات الماضية.
وقال عقار في حواره مع (السوداني) ان ما تسلمته الولاية من ميزانية هذا العام، والذي شارف على الانتهاء يبلغ (7.6%) فقط من حجم المال المخصص مشيراً إلى هذا الوضع أدى للفشل في الايفاء بإنفاذ المشاريع التي أدرجت في البرنامج منذ أكثر من عام.
وأشار عقار الذي كان يتحدث بصراحة ووضوح- إلى ان المواطنين لم يشعروا بأي تحسن في حياتهم بعد السلام، وقال ان إنشاء صندوق المناطق المتاثرة بالحرب لم يتم حتى الآن، لكنه أكد الوصول لاتفاق حول قيام هذا الصندوق بمبلغ 300 مليون دولار يتم ضخها للولاية عبر برمجة زمنية تصل إلى عام 2011.
وعبر عن عدم تفاؤله بتدفق الاستثمارات على الولاية بغياب البُنى التحتية، خاصة الطرق، وقال ان الولاية لا تستفيد شيئاً من تعلية خزان الروصيرص، وأكد الوالي احتواء الأزمة الإنسانية التي شهدتها مدينة الكرمك بسبب السيول والفيضانات.
* بعد انتهاء فترات الحرب، تاق إنسان المنطقة للتنمية الشاملة.. ماهي أهم المحاور في هذا الإطار بولاية النيل الازرق؟
لكي تتم التنمية في هذه المنطقة خططنا برنامجاً تكاملياً يشتمل على 12 محوراً، وحددنا الأولويات، وبعد دراسة مستفيضة وجدنا ان المشكلة الكبيرة هي الطرق، لأن الولاية تنقطع خلال سبعة أشهر من العام هي أشهر الخريف، ولذلك كانت عملية بناء الطريق في قمة الأولويات، وذلك لأن الطرق المعبدة هي السبيل الوحيد لايصال الخدمات الأخرى، سواء أكانت في مجال التعليم، أو خدمات صحية أو غير ذلك.
هنالك برنامج متكامل مدروس، لكنه مرن، فيه قابلية لترفيع أولويات وفقاً للضرورة والامكانيات المتاحة وقد تم تضمين كل ذلك في الميزانية بعد اجازته في المجلس التشريعي، للعام 2008 لكن أداء الميزانية دون الطموح لأن البنود الخاصة بالتنمية، أفقها في المركز غير مفتوح، لا أقول ان العمل متوقف بصورة نهائية، لأن العمل يجري في بعض المشاريع مثل بناء وتشييد المدارس والبنيات الصغيرة التي تسهم فيها مؤسسات أخرى غير وزارة المالية.
والميزانية التي وصلت الولاية من المركز حتى الآن هي 7.6% من الميزانية المرصودة، وعندما نقارن هذه النسبة بحجم التنمية المطلوب نجده نقطة ماء في محيط من المشاكل، صحيح ان الاتفاقية مرت منها ثلاث سنوات، وندخل الآن في السنة الرابعة، ولكن لا توجد تنمية ملموسة والفرق ضئيل جداً بين حالة الحرب وحالة السلام، وربما يكون الفرق الوحيد هو ايقاف صوت السلاح، لا توجد أية تنمية مرئية، ورغم ذلك أقول اننا بدأنا في بناء الطرق، خاصة طريق الكرمك الذي يسير فيه العمل إلى 80 كيلو (ردميات) وحتى هذه اللحظة لم ندفع للشركة المنفذة مليماً واحداً وإذا لم توف الشركة بالتزامها تكون محقة!!
* ماهي المشكلة في كل ما ذكرت.. كيف نفهم ان تشتكي الحكومة؟
المشكلة في المركز في أفق بنود التنمية المخصصة من المركز (العاصمة) فقد تم تخصيص 50 مليون جنيه للتنمية وارتفعت في عام 2007 إلى 65 مليون جنيه وفي هذا العام إلى 65 مليون جنيه، وكل هذه المبالغ لم تصل، وفي الثلاث سنوات الماضية يفترض ان نكون قد استلمنا 175 مليون جنيه، لم يصلنا منها سوى (كم وأربعين مليوناً).
* ماهو دوركم في مطالبة المركز بتسديد هذه المبالغ؟
نحن نطالب المركز يومياً، ليس بهذه المبالغ فقط، ولكن المنطقة ونسبة لظروفها المعروفة أثناء الحرب يفترض ان ينشأ له صندوق فيما يعرف بالمناطق المتاثرة بالحرب، وحتى هذه اللحظة لم يتم إنشاء هذا الصندوق لكن هناك اجتماعات متواصلة يتم فيها نقاش هذه الاشياء، وتم اتفاق مبدئي على تكوين هذا الصندوق وسوف يتم فيه ضخ 300 مليون دولار، شريطة ان يتم خصم كل المبالغ التي ضخت في الولاية خلال الثلاث سنوات الماضية، لأن (المال تلتو ولا كتلتو) ونتمنى ان يصلنا هذا المبلغ.
* متى تصل هذه المبالغ؟
النقاش توصل إلى جدولة هذه الأموال حتى عام 20011 لكن تم وعدنا بمبلغ 25 مليون دولار قبل نهاية العام وهي تساوي تقريباً 50 مليون جنيه والنقاش مستمر في هذا الخصوص.
وفي الاتفاقية أيضاً هنالك مال اسمه (مال التشييد) يفترض ان يدفع في الستة أشهر الأولى قبل إنفاذ الاتفاقية وأيضاً هذا المال لازلنا نناقش حوله، والعملية هي أخذ وعطاء.. هذه المنطقة تحتاج إلى تنمية شاملة وإلى أموال ضخمة.
* سبق وان أعلنت حكومتك عن العديد من مشاريع التنمية (في شهر رمضان قبل الماضي تقريباً) وكنتم على ثقة تامة ان هذه المشاريع سوف يتم تنفيذها بعد ستة أشهر، لكن لم يتم ذلك حتى الآن؟
أعلنا ذلك بثقة تامة على خلفية المال المرصود لنا، وإذا تحصلنا على أموالنا من المركز في موعدها لما كانت هنالك اشكالية، ثم ان الاتفاقية اتاحت الافتراض وقد حاولنا ذلك، لكن هذا الأمر اصطدم أيضاً بإجراءات في وزارة المالية، من بينها السقف المحدد للولايات الشمالية والذي نفذ قبل ان نتقدم بطلب القرض.
* العلاقة بين المؤتمر الوطني والحركة الشعبية في كثير من ولايات السودان، وكذلك المركز، تقوم على الشد والجذب، الأمر الذي عطل العديد من فرص التنمية، هل ينطبق هذا الحال على ولاية النيل الازرق؟
هذا الوضع معروف في السودان كله وموجود لكن في النيل الازرق لدينا وضع خاص ومن الناحية التنفيذية لا توجد مشاكل، نحن نقرأ عن وجود مشاكل، ولكن على صفحات الصحف فقط.
هنالك توافق تام في النواحي التنفيذية بيننا وبين الاخوة في المؤتمر الوطني لأننا أبناء هذه الولاية ونهدف لرفعتها أما نقاط الخلاف فهي على المستوى السياسي، فلدينا برنامج فكري واضح ولديهم برنامج مختلف، وهذا لا يؤثر على خدمة أهلنا.. أما في المركز فقد يكون الوضع مختلفاً.
علاقتنا مع (ناس المركز) مثل العلاقة بين العقرب و(حمار العقرب) حمار العقرب يحمل العقرب إلى مسافات بعيدة (ويفسحها) ليس حباً فيها، ولكن لكي يعود ليأكل صغارها.. هذه هي العلاقة نحن العقرب والمركز هو (حمار العقرب).. المركز (يودينا) بعيد يعطينا شعارات ووعود، و(يجي يأكل عيالنا) ثم يعيدنا مرة أخرى.. والمشكلة ان العقرب لا تفهم هذه العملية، لكن نحن نفهمها جيداً ونعرف من هو الذي (يأكل عيالنا)!!
* لقد كنت وزيراً مركزياً للاستثمار، والآن تبدو آفاق الاستثمار في الولاية مفتوحة.. إلى أي مدى يمكن ان يتحقق تقدم في هذا الاتجاه؟
المشهد يبدو كحلم غير قابل للتحقق لا يمكن ان نتحدث عن استثمار في ظل هذا التردي الواضح في البُنى التحتية، صحيح ان المستقبل واعد، وبرغم عدم وجود النفط في المنطقة، إلا المعادن الأخرى موجودة ومقومات السياحة متوفرة.. والمشكلة هي في البنى التحتية وعلى رأسها الطرق.. نعود إلى نقطة البداية إذا لم ننشئ بنية تحتية قوية لا يمكن ان نتحدث عن آفاق الاستثمار.
* هل ينطبق هذا الواقع على الزراعة أيضاً؟
بكل تأكيد صحيح ان كافة مقومات الزراعة متوفرة، لكن هنالك حقائق يجب ألا تغيب عن بالنا، وهذا المستثمر يعرف كل شئ، فالفدان عندنا انتاجيته ضعيفة، ولن يغامر مستثمر في أراض لا يتعدى إنتاج الفدان فيها قنطارين أو ثلاثة حتى ولو وفرنا له كافة التسهيلات.
* شهدت منطقة الكرمك في الفترة الماضية كارثة إنسانية بسبب الأمطار، وقد عانى المواطنون من نقص حاد في الغذاء، ماذا فعلت الحكومة لمعالجة هذه المشكلة؟
بديهي جداً ان تحدث كارثة في هذه المنطقة، فقد كانت الأمطار غزيرة والسيول منهمرة من الهضبة الأثيوبية بقوة، وقد هرعت الحكومة لإنقاذ الموقف من خلال المخزون الاستراتيجي الموجود في الولاية، واستطعنا تذليل بعض الصعاب، وكذلك قامت الأمم المتحدة باسقاط الغذاء عبر الطائرات وحتى الاثيوبيين ساهموا في المساعدة من خلال جرارات محملة بالغذاء، والوضع الآن تحت السيطرة.
* لاحظنا تزايد وجود المنظمات الأجنبية في الولاية، وكثر الحديث في الآونة الأخيرة عن هذه المنظمات وعن الأجندة التي تنفذها.. كيف تقيم لنا وجود هذه المنظمات على خلفية ما يثار حولها؟
اثارة الحديث عن المنظمات الأجنبية الموجودة على مستوى السودان ناتج من (فوبيا) الخوف من الغريب و(الخواجه) تحديداً، ففي أذهان الكثيرين ان الخواجه جاسوس ولديه أجندة، نحن هنا في ولاية النيل الازرق نظرتنا مختلفة (خالص).
نحن ننظر لهذه المنظمات من ناحية انها تسد فجوة وفراغاً لم تستطع الحكومة ملئه وهي لا تفرض الخدمات التي تقدمها ولكنها تعمل وفقاً للاحتياجات الحقيقية التي نقدمها لها، نحن الذين نخطط احتياجاتنا .. لذلك فإن الميزانيات التي تضعها هذه المنظمات قمنا بتضمينها في ميزانيتنا، ولا يوجد تخوف في هذا الاتجاه وإذا كانت الحكومة عندها ثقة في نفسها فسوف لا تجد صعوبة في كيفية التعامل مع المنظمات.
* سنوات الفترة الانتقالية تجاوزت نصف المدة المتفق عليها، نتساءل هنا على المستوى السياسي إلى اي مدى حدث انسجام وتعايش بين أبناء الولاية على مختلف انتماءاتهم السياسية؟
بصورة عامة لا يمكن ان يتوحد الناس على المستوى السياسي وإلا لكان هنالك حزب واحد فقط، لكن هنالك الحد الأدنى للتعايش، أنا لا يمكن (أن اكون أخو مسلم) ولا اتوقع ان يكون أي شخص من قيادات الحركة الإسلامية (حركة شعبية).. لدينا رؤانا ولديهم رؤاهم، وكما قلت لك نحن على وفاق تام في الجانب التنفيذي، لكن على المستوى السياسي لدينا برنامج واضح (السودان الجديد الذي يقوم على التعدد والتنوع والحريات واحترام الحقوق الأساسية).. والطرف الثاني لديه ما يعرف (بالتوجه الحضاري) (وأي زول بيدي ضهرو للتاني في الجانب السياسي).
* كيف تستعد الولاية للانتخابات من حيث تهيئة المناخ العام وو؟
عندما يأتي وقت الانتخابات سوف ننظر في ذلك، هذه محطة لم نصلها حتى الآن.
* يرى البعض ان بعض المشروعات التنموية التي تحققت مرتبطة (بكاريزما) الوالي أي بشخصية مالك عقار في الجانب الآخر يرى كثيرون ان مالك عقار قليل المكوث والاستقرار في الولاية فهو تارة في الخرطوم وأخرى في جوبا؟
(مافي حاجة أسمها كاريزما الوالي).. إذا كانت هناك امكانيات يمكن لأي شخص ان يحقق النجاح، وإذا كانت هنالك انجازات قد تحققت فهذا تحقق وفقاً للامكانيات المتاحة وطريقة توظيف هذه الامكانيات وأنا لا ادعي ان ما تحقق جاء نتيجة لكاريزما الوالي.
أما وجود الوالي في العاصمة لفترات طويلة، فهذا مربوط بالمركز، نحن ننفذ التعليمات فقط، واذكر في مرة انني عدت من الخرطوم في السابعة صباحاً ودخلت المكتب في الثامنة وعند التاسعة صباحاً كنت في طريقي للخرطوم مرة أخرى لتنفيذ طلب حضور عاجل.
نذهب للخرطوم لأن هنالك العديد من القضايا والمشاكل التي لا توجد مفاتيح حلها إلا في الخرطوم، وهذا يؤكد ان عملية اللامركزية في السودان مازالت تواجه صعوبات كبيرة، وكل الولاة يعانون من هذا الأمر، ولا يوجد والٍ اخر يستطيع البقاء في ولايته لمدة شهر كامل.
* تم تحويل العاصمة في فترة سابقة للكرمك لفترة وجيزة.. ماهو المغزى من هذه الخطوة؟
الكرمك هي منطقة رئاسة الحركة أثناء سنوات الحرب، وكان الكلام يدور حول (المناطق المقفولة)، وان لا أحد يعرف ما يدور هناك، ثم الهدف الأساسي وهو تنمية مثل هذه المناطق، لذلك نقلنا الإداريين إلى مسرح التنمية.
والنتيجة كانت جيدة حتى على مستوى الوزراء واتيحت الفرصة للكثيرين منهم لزيارة هذه المناطق والتعرف على قضاياها عن قرب.
وقد تم توفير ميزانية خاصة ومستعجلة لعمل مشاريع اسعافية، وبالفعل تم انجاز العديد من المشروعات وكان هنالك حراك سياسي وتنفيذي.
* الحديث في السودان عن مشروع تعلية خزان الروصيرص وارتباط ذلك بالتنمية الشاملة.. ماهي الفوائد المباشرة لهذا المشروع بالنسبة لولاية النيل الازرق؟
خزان الروصيرص بالنسبة لولاية النيل الازرق هو بمثابة (صنم يحيى الفضلي وأحمد جادين) وليست له أية فائدة لنا، لكن بالنسبة للسودان عموماً فالفائدة كبيرة، من حيث زيادة إنتاج الكهرباء، وتوفير مياه لزراعة ما لا يقل عن ثلاثة ملايين فدان، عبر ترعتي كنانة والرهد.
الفائدة الوحيدة التي يمكن ان نجنيها هنا، هي تغيير حالة المتأثرين بهذا الموضوع وربما تكون التعويضات التي سوف تقدم لهم سبباً في تحسين أوضاعهم المعيشية وأنماط حياتهم.
* ماهو حجم التضرر الذي سوف يقع على المتأثرين؟
الضرر هو فقدانهم لأماكنهم وأراضيهم لكن بالمقابل سوف يتم تعويضهم ربما للأفضل من الوضع السابق.[/ALIGN]

تعليق واحد