الفول كالموت يدركك أينما كنت
أصدر معهد لأبحاث الأغذية في كندا تقريراً يفيد بأن بعض الأغذية تتسبب في إصابة البشر بالاكتئاب. وقال التقرير إن الذرة (بضم الذال) من مسببات الاكتئاب..والسودانيون يصنعون من الذرة خبزا يسمونه «الكسرة»… ولهذا فهم «سريعو الاشتعال» ويمشون في الشوارع وكأنهم من ضحايا قنبلة هيروشيما، ولكن ما أن تلقي عليه التحية حتى يهش ويبش ويفتر ثغره عن أسنان إفريقية تفل الحديد. من ملاحظاتي أن المصريين والسوادنيين سريعو الانفعال، يضحكون بهستيرية ويتنرفزون لأتفه الأسباب، وقد توصل «معهد حلايب للبحوث الفسيو-فولو سايكولوجي» إلى استنتاج أن «الفول» هو سبب الاضطرابات العاطفية التي يعاني منها أبناء السودان ومصر، وأكدت الدراسة أن تلك الاضطرابات أكثر شيوعاً في مصر لأن المصريين يأكلون الفول «مدمسا» ويصنعون منه البصارة والطعمية التي يسميها عرب الشام الفلافل.
وقد أثبتت تلك الدراسة صحة سوء ظني بالفول، فمنذ مرحلة الصبا، لاحظت أن قدرتي على الاستيعاب في المدرسة تصبح ضعيفة بعد «فسحة الفطور» التي كان فيها الفول العنصر الوحيد، ولطالما أقام عليّ مدرس الحساب الحد، لأنني كنت أتلعثم في الرد على الأسئلة المتعلقة بجدول الضرب بعد تناول الفول .. كان صاحبنا يقف فوق رأسي شاهراً عصاه وصائحاً: خمسة في ستة فأجيب عليه بصوت مرتعش «13» فينهال بالعصا على رأسي وظهري، ثم يعيد السؤال: 8 في 4 فأتوكل على الله وأقول: ثلاثة وعشرين، وكان المدرس المسكين يرمي العصا ويلعن حظه التعيس الذي جعله مدرساً ثم يصيح: حرام عليك يا ابن الـ .. والله لا يوجد في أي جدول ضرب في العالم عددان صحيحان يساوي حاصل ضربهما 13 أو .23
وبعد أن كبرت وتخلصت من جدول الضرب السخيف، لم أنجح تماماً في التخلص من سطوة وتأثير «الفول»، فبعد أن قاطعت الفول عدة سنوات، دارت الأيام وأصبح عندي «عيال» .. وكانت الكارثة أن هؤلاء العيال يهيمون بحب الفول، ولا يتأففون من أكله يوميا، وهذا في حد ذاته دليل على أن فيروس الفول ينتقل بالوراثة، فأنا، والله على ما أقول شهيد، لم أقصر في تزويد عيالي بأطعمة كنت أحسب في طفولتي أنها لا توجد إلا في الجنة التي وُعد بها المتقون. عندما كنا صغاراً كنا نحسب المكرونة ضرباً من الأسماك، وما من شيء خاب ظني فيه مثل الفراولة، فقد كنت أعتقد أنها أشهى ثمار الأرض ثم اكتشفت أنها شيء مثل الخيار المغموس في الشاي الأسود. المهم حصلت على قروض وسُلف، لأوفر لعيالي أشهى الأطعمة، ولكن «العرق دساس»، فها هم قصروا رقبتي وأصبحوا يأكلون الفول علناً، حتى بات الواحد منهم ينام وهو واقف، وعندما أتيت بهم للإقامة معي في لندن قلت: الحمد لله .. أتينا إلى بلد لا يأكل فيها الفول إلا الخيل. ولكن العبد في التفكير، والرب في التدبير، فقد شاء حظي العاثر أن يقع اختياري على منطقة كوينزواي لإقامة أسرتي، وخلال أول جولة لي مع أفراد الأسرة في شوارع تلك المنطقة إذا بلافتات المطاعم تمد لسانها لي، وقد كتب عليها بلغة عربية ركيكة أنها تبيع الفول والفلافل… أظلمت الدنيا في وجهي بينما تهللت أسارير عيالي، وكان لا بد من اتخاذ قرار بالهجرة الفورية من «كوينز واي»، وبررت ذلك للعيال بأن المنطقة ستشهد حرباً أهلية، لأنه متنازع عليها بين العرب والإنجليز، وهكذا انتقلت إلى منطقة «فينشلي» في شمال لندن، وهي منطقة متاخمة للقطب المتجمد الشمالي، وكانت سعادتي غامرة عندما قمت بدراسة ميدانية لأسواق المنطقة وتأكدت من خلوها من الفول، ولكن سعادتي لم تدم طويلاً فقد وصلنا «طرد» ضخم من السودان … نعم، .. عليك نور.. ما توقعته أيها القارئ، كان صحيحاً… فالطرد كان في واقع الأمر شحنة من حب الفول بعث بها الأهل – سامحهم الله – وهكذا أصبح بيتي منتجاً للفول بعد أن كان مستورداً له. وهكذا أصبح عيالي مهددين بالتخلف العقلي!.
فى بلادى الحبيبهمن ينظرون الفول بحب ولايستطيعون ان يوفرو الفول كل يوم ولذا تفتقت اذهانهم وكان الفول بهم رحيما وانجب لهم البوش (ادينى عيش ومويه فول ومويه جبنه ومويه زيت……… انت مجنون مافى حاجه اسمها مويه زيه….. طيب ادينى الويات التانيه واكل الفول بدون زيت) ونام