نادية عثمان مختار

يموت الوطن جوعا ولا يأكل من (الربا ) يا برلمان !!


يموت الوطن جوعا ولا يأكل من (الربا ) يا برلمان !!
يقولون في الأمثال إن فلاناً (مارق للربا والتلاف) كدلالة على سوء خلقه وانفلات سلوكه ولامبالاته بأفعاله (الشريرة) وانعكاساتها السالبة على البلاد والعباد!
هكذا ربطت الأمثال بين (الربا) و(التلف) أي الخسارة وإتلاف الشيء و تخريبه!!
تعريف (الربا) في اللغة يعني (الزيادة) وحكمه (التحريم) شرعاً بالكتاب والسنة ونص التحريم من الكتاب قوله تعالى:(وأحل الله البيع وحرم الربا)
و من السنة؛ عن جابر بن عبد الله (رضي الله عنهما) قال :(لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه، وقال: هم سواء)!.
ما دعاني لهذه المقدمة هو حديث تعطيل البرلمان لإجازة قروض خاصة بتمويل مطار الخرطوم الجديد ومشروع سدي أعالي عطبرة وستيت بسبب شبهة ( الربا) والعياذ بالله !!
دوما أجدني- وبشكل لا إرادي- اربط بين حدوث أي كارثة في (مشاريعنا) وبين تمويلها بأموال (الربا) !!
وجدتني أطلق لخيالي العنان برهة..وأفكر لو أن المطار الجديد الذي ننتظر استكمال إنشائه بفارغ الصبر حتى يكون لنا واجهة وبوابة دخول للبلد؛ لا نخجل منها عند قدومنا أو قدوم أي زائر؛ تم إنشاؤه بأموال (الربا) فأي مصير سيلحق به ؟!
أظن وليس كل الظن إثما؛ ستزيد كوارث سقوط طائراته (المتحججة) !!
وستشتعل النيران في مبانيه وتلتهمها حيطة حيطة، إدارة، إدارة، طيارة طيارة !!
وأما عن السدود المزمع إنشاؤها من الأموال المشتبه فيها ربويا
فسيبتلعها النيل، وستغرق في باطنه، ولن يبقى في مكانها سوى الخراب لا محالة !!
توجيه السيد رئيس البرلمان احمد إبراهيم الطاهر للجنة الشئون الاقتصادية بعقد ندوة تضم نواب البرلمان وعلماء الدين والخبراء الاقتصاديين لإعادة تقييم تعامل الدولة بالعقود الربوية، أراه ليس متسقاً مع تصريحه الذي أكد فيه (حرص الدولة على الالتزام بأحكام الشريعة الإسلامية وضرورة إبعاد الربا عن معاملاتها المختلفة)!!.
فلطالما الدولة ملتزمة بأحكام الشريعة الإسلامية فلا أرى داع أن تعقد الندوات لتقرر (حرمانية) أمر لا خلاف عليه، ولا يدخل تحت باب ( الأمور المشتبهات) !!
ليس من باب الفتاوى التي أصبح كل من هب ودب يفتي بها، ولكنه مجرد رأي استنادا على نصوص قرآنية صريحة وواضحة لا تقبل الالتفاف حولها !!
فإما أن تعترف الحكومة بكامل برلمانها (بحرمانية) الربا وتمنع التعامل به منعا باتا، ولا تجعل من القاعدة الفقهية (الضرورات تبيح المحظورات) (شماعة) وحجة لتحليل (الربا)، وذلك بحسبان أنها دولة إسلامية (خالصة) تراعي حدود الله وتعمل وفق تعاليم دينه الحنيف، أو أنها (تفضها سيرة وتدغمس دغمستها والشعب ليهو الله) !!
شرع الله لا يختلف حوله اثنان ولا يحتاج أن تقام له (الندوات) لإيجاد
(مخارجات) دنيوية تُحلل (الربا) الذي حرمه الله من فوق سماواته السبع، وليس كل الأمور قابلة لاجتهاد البشر !!
أما إشارة رئيس البرلمان التي نقلتها الصحف؛ وأشار فيها إلى فتوى صدرت من مجمع الفقه فوضت وزارة المالية لتحديد إن كانت هناك ضرورة للقرض أم لا؟ مع الإقرار التام بحرمة الربا) وإضافته (إن قاعدة الضرورات تبيح المحظورات سبق أن طبقت في جوانب معينة لحفظ النفس، وقاس عليها العلماء في السودان ضرورة حفظ الدولة لأن الدولة قد تموت وتتعرض للمشاكل)!!.
فعليه نقول :
إذا كانت (الدولة) ستموت لعدم التعامل بـ (الربا) فخير لها أن تموت بـ (الحلال الطيب) مع الفقر المدقع والمشاكل!!
و
في الحالتين أنا الضائع !!
نادية عثمان مختار
مفاهيم – صحيفة الأخبار – 2011/6/1
[email]nadiaosman2000@hotmail.com[/email]