نادية عثمان مختار

مستشفى سرطان الأطفال ..متى يكتمل الحلم ؟!

مستشفى سرطان الأطفال ..متى يكتمل الحلم ؟!
في السابق كان من البعيد والمثير للدهشة جدا أن تسمع أن فلانا مريض بالسرطان ؛ إذ أن مرض السرطان نفسه في السودان كان من الأمراض القليلة والنادرة جدا !
واليوم- للأسف- انتشر هذا المرض اللعين في أجساد أغلب أبناء الوطن كانتشار النار في الهشيم !!
أصبحت كلمة (فحص السرطان) وكأن قائلها يتحدث عن فحص للملاريا ، والملاريا رغم خطورتها الشديدة لدى بعض الشعوب إلا أنها أصبحت الصديقة القريبة لدماء أبناء السودان وبناته، وهي المرض الوحيد الذي ربما لا يخافه السوداني، ومن المعتاد جدا أن يشرع في مداواة نفسه حتى دون الحوجة للذهاب إلى الطبيب ؛ فقط يتناول علاجه من أقرب صيدلية في طريقه سواء كان حقنا أو حبوبا !!
رغم انتشار مرض السرطان، هذا الداء الكريه في بلادنا إلا أنني لم اشعر أبدا أن هنالك اهتماما من الدولة او المعنيين يوازي حجم وخطورة هذا المرض القاتل ومسبباته !!
في ورشة عمل شهدتها من قبل؛ كان الموضوع أهمية مكافحة استخدامات أكياس البلاستيك، بحسبان أنها من المسببات الرئيسية للسرطان بما تحتويه من مواد مسرطنة تدخل في تكويناتها وصناعتها؛ ومنذ ذلك اليوم بعد الندوة صرت انظر لكل ( كيس نايلو والهواء شايلو) شذراً، وبحقد شديد وينتابني شعور قوي بأن أركض خلف ذلك الكيس البلاستيكي لأقوم بإعدامه بيدي، رغم انه وهو طائر في الهواء لا ضرر منه وإنما الضرر في استخدامه في حفظ حاجياتنا من الخضارات والمشروبات وما شابه بحسب الدراسات، وما جاء ذكره في تلك الورشة بخصوص محاربة أكياس البلاستيك، وتشجيع الناس للعودة للبدائل المضمونة متمثلة في (القفة) وكل ما هو مصنوع من الخوص والألياف وزعف النخيل وتظل مدينة القضارف نموذجا مشرفا في مسألة القضاء على أكياس البلاستيك!!
رؤية أي مريض بهذا الداء المميت مدعاة للحسرة وأن (تطلع) الدنيا من نفسك؛ خاصة عندما ترى المريض هزيلا شاحبا مصفرا لونه ومنحولا شعره من أثر جرعة الكيماوي المهلكة والمتعبة جدا !!
ولكن يبقى الأمر أكثر إيلاما عندما تجد أن جسد طفل غض السنوات ، بريء الملامح ، قد نهش جسده الضئيل هذا الداء العضال فحوله إلى شبح يمشي على قدمين ! حينها تتمنى لو انك تستطيع أن تقاسمه هذا الألم أو أن تنتزعه من جسده الضعيف الذي لا حول له ولا قوة ليحل بجسدك أنت بدلا عنه !!
كلما رأيت طفلا كهذا قد تساقط شعر رأسه من أثر جرعات الكيماوي فأصبح (هرما) وهو مازال في نضار طفولته؛ أجدني أتساءل وأسأل كل من حولي .. متى سيكتمل مستشفى الأطفال للسرطان (99199) ؟!
متى ستتم اكتمال التبرعات لإنشاء هذا الصرح الذي يمكنه- بأمر الله- أن ينقذ ملايين الأطفال في السودان من موت محقق ؟!
إذا كان الساسة في بلادنا مشغولين بإدارة الحروب وصنعة الموت (للكبار) فليتلفت أهل الخير من بني الوطن لصنعة الحياة (للأطفال) !
فهم أطفال اليوم وشباب الغد الذين نأمل أن يكبروا ويشفوا من داء السرطان ويجدوا أن الوطن قد سلمه الله من أيدي أبنائه من صناع الخراب وعشاق الحروب !!
و
لك الله يا وطن !!

نادية عثمان مختار
مفاهيم – صحيفة الأخبار – 2011/6/20
[email]nadiaosman2000@hotmail.com[/email]