نادية عثمان مختار

متى كان العلاج مجانيا لتلغي مجانيته يا سيادة الوالي ؟!!


متى كان العلاج مجانيا لتلغي مجانيته يا سيادة الوالي ؟!!
من لم يمت بالسيف مات بغيره تعددت الأسباب والموت واحد) ..! هكذا قال الشاعر تاكيدأ على أن الموت آت للبشر ولو كانوا في بروج مشيدة وهو القدر الذي لا فرار منه و للموت أسبابه رغم اكتمال الأجل حيث أن المقولة الأولى التي تتبادر للذهن عندما يقولون إن فلانا قد مات و في داخل سرادق عزاءه وبعد رجوع (العنقريب) مباشرة يكون السؤال كالآتي (هو المرحوم كان مالو) ؟!!
وفي الغالب تكون الإجابة (والله المرحوم كان عيان شوية الله يرحمه ومات في المستشفى) !!
المرض هو سر الموت في السودان بجانب الحروب التي ابتلانا الله بها حيث يقتل أبناء الوطن بعضهم من قبل أن ينفصلوا ويصيروا دولتي جوار وبعدما انفصلوا .. الأمر سيان والدم يجري والأرواح تزهق هنا وهناك دون توقف !!
من وسط أنباء التوترات في جنوب كردفان وآبيي ومن بين الملاسنات والتصريحات الحكومية المفجعة هنا وهناك استوقفني خبر من عدة أجزاء ولكن الجزيئة التالية قبضت قلبي وذكرتني بحال المستشفيات والمرضى في بلادنا والذين يدفعون حياتهم ثمنا لاستهتار المسئولين وافترائهم على خلق الله دون وازع من ضمير ولا رحمة !!
جاء في الخبر ما يلي (أعلن الخضر إلغاء العلاج المجاني بالمستشفيات، والاكتفاء بالعلاج الاقتصادي لمن يحوز بطاقة تأمين صحي بقيمة 25 جنيها في الشهر للأسرة) !!
الخبر في حدود كلماته هذه وقبل إكمال تفاصيله مثيرا للغضب ومحفزا للإحساس بتعالي الدولة وإصرارها على ممارسة كل ما من شأنه كسر ظهر المواطن الغلبان وتحميله مالا تحتمله طاقته من أعباء ومعاناة ولسان الحال يقول ( الماعندو خمسة وعشرين حق البطاقة يموت يعني) ؟!!
العلاج الاقتصادي الذي يتحدث عنه جناب الوالي لا يقل كثيرا عن العلاج الاستثماري في مستشفيات الخمسة نجوم والتي لا تستطع أن تفرز بينها ومباني الهليتون والهوليداي فيلا !
العلاج الاقتصادي الذي يتحدث عنه سيادته جربته بنفسي في مرض الوالد عليه رحمة الله وبعض أشقائي في مستشفيات الحكومة في بحري والخرطوم حيث عانيت الأمرين كما شهدت بأم عيني معاناة من لا حول لهم ولا قوة ولا ظهر ولا مساعد يعينهم على إجراء فحص واحد من الفحوصات الكثيرة التي تجرى جميعها خارج المستشفى وبأسعار ( مولعة نار) !!
يا سعادة الوالي : التأمين الاجتماعي وبطاقته بقيمة الـ(25) جنيها ليست هي الحل السحري لحلحلة مشاكل المواطننين وإنهاء معاناتهم في رحلة البحث عن الشفاء في مستشفيات الحكومة !!
ثم أن السودان به قرابة الخمسة وأربعون مليون نسمة فماذا يساوي عدد (298) ألف أسرة لنظام التامين الصحي بدعم الولاية وماذا تساوي نسبة الـ 29% من سكان الولاية البالغ عددهم ستة ملايين نسمة لهم بطاقات تامين صحية مجانية إذا كان السيد الوالي يقول أن هنالك (32) مستشفى في ولاية الخرطوم وحدها تحت الصيانة وماهو الباقي من مستشفيات مصانة إذن ؟!
ما فائدة التامين الصحي وبطاقته لو أن كل الفحوصات الغالية جدا تكون على حساب المريض خارج البطاقة والمستشفى الحكومية وفي معامل التحليل الخاصة ؟!
حديث الدكتور عبد الرحمن الخضر والي ولاية الخرطوم عن إلغاء مجانية العلاج محبط للغاية ! لا لشيء إلا انه لغي شيئا ليس ملغيا في الأساس !!
المواطن يا سيادة الوالي بالبطاقة التأمينية وبدونها يصرف دم قلبه في العلاج ولا وجود لإحساس المجانية في حياته ..!!
فقط كان جميلا لو أنك انك تركت الأمر كما هو عليه دون حديث الإلغاء .. بحسبان أن المواطن يعيش المآسي ولكنه يكره أن يتم تذكيره على الدوام بأنه عايش في مأساة !!
و
يا صديقي أنا عيان !!

نادية عثمان مختار
مفاهيم – صحيفة الأخبار – 2011/6/21
[email]nadiaosman2000@hotmail.com[/email]