نور الدين مدني

لا بديل للسكك الحديدية


[ALIGN=JUSTIFY]* صدق الذي قال ان المدن كالنساء؛ لكل منها طبيعتها ونكهتها الخاصة. وكما ان للحبيبة الأولى وضعها الخاص الذي لا يمكن ان يمحوه الزمن والبعد المكاني، كذلك فإن عطبرة -التي أمضيت فيها سنوات عمري الأولى قبل ان ننتقل مع الوالد إلى عروس البحر بورتسودان ومنها للخرطوم- تظل الأقرب للنفس.
* عطبرة كانت عاصمة الحديد والنار والرجال قبل ان يجور عليها أهل السلطان السياسي في الحقبة المايوية، فعملوا على كسر شوكتها بكسر شوكة السكك الحديدية التي كانت شريان السودان النابض بالحياة، ولكنها ما زالت تحتفظ بألقها الخاص الذي تستمده من أهلها الطيبين المسالمين.
* كان الصراع السياسي في عطبرة محصوراً بين الاتحاديين والشيوعيين، وبحكم جذورنا العائلية ننتمي للحزب الوطني الاتحادي انحزنا في ذلك الزمان لإبراهيم المحلاوي وبعده للطيب حسن، ولكن التداعيات السياسية التي لم يسلم منها الحزب الوطني الاتحادي فرقت بيننا في دروب الحياة السياسية المتجددة.
* يظل العامل المشترك الأعظم والأهم في عطبرة هو السكك الحديدية التي كانت تجمعنا من كل حدب وصوب، بمختلف ألوان طيفنا السياسي والفكري والإثني، وتجمع كل أهل السودان عبر خطوطها التي امتدت شرقاً وغرباً وشمالاً وجنوباً.
* عندما نذكر عطبرة -التي ازورها اليوم في مناسبة عائلية- نذكر تاريخ الحركة الوطنية التي كانت لها فيه يد طولى، عندما كانت الحركة العمالية مؤثرة وفاعلة ونذكر السكك الحديدية التي ما زلنا نقول انه لا بديل لها إلا السكك الحديدية نفسها.
* لذلك فإننا لن نمل المطالبة بإحياء السكك الحديدية، حتى ندفع في شرايين عطبرة التي ارتبطت شرايينها بشرايين الوطن الكبير بدماء الحياة العملية من جديد لكي تتجدد حركتها في كل ربوع البلاد وتسهم بدورها في ربط أجزاء الوطن وكل المواطنين بما يعزز الوحدة الوطنية الطبيعية التي هي جاذبة بعيداً عن ألاعيب السياسة وعهودها المتقلبة.
* ان السكك الحديدية يمكن أيضاً ان تسهم في حركة النقل البري بتكلفة أقل وضمان أكثر، إلى جانب دورها الاجتماعي الأهم في ربط النسيج الاجتماعي عبر شريانها الممتد على طول البلاد وعرضها.
* وسنظل أوفياء للسكك الحديدية التي أسهمت في دفع مسار الحياة العامة عبر تاريخها الطويل، وما زالت قادرة على العطاء إذا أعيد تأهيلها وتأهيل ورشها المهنية التاريخية التي كانت تميز مدينة عطبرة عن سائر مدن السودان.[/ALIGN] كلام الناس – السوداني-العدد رقم:913 – 2008-05-29
noradin@msn.com