الفاتح جبرا

فني ساااكت


فني ساااكت
عندما يود الكاتب (أى كاتب) أن يكتب مقالاً أو عموداً فإنه يبحث عن الفكرة فإذا ما وجدها يقوم بوضع عناصر ومحاور يناقش من خلالها فكرته حتى يكتمل المقال .. بالنسبة للعبد لله لا أجد خلال مسيرتى فى الكتابة مشكلة إذا ما وجدت الفكرة .. مشكلتى دوماً هى (الفكرة) إذا وجدتها عندها تأتى الكتابة دونما (عصلجة) .. لم تصادفنى فكرة إستعصت علي فى أن أحولها إلى (ساخر سبيل) ما عدا فكرة اليوم (غلبتنى عدييييل كده).. وهى تصريح طالعته عيناى على الصفحة الأولى بإصدارة أمس من صحيفة الرأى العام .
التصريح يا سادتى الأفاضل للسيد البروفيسور عبدالله الصادق مدير هيئة المساحة أدلى به أول أمس فى (إحتفال) بقاعة الصداقة من أجل تدشين (خريطة السودان الجديدة) يقول (البروف) فى تصريحه بأن خريطة السودان بعد الإنفصال (جميلة) وأن شكلها الهندسى (جذاب) !
العبدلله إحتار حيرة ما بعدها حيرة من تعليق (البروف) فلأول مرة بعد أن (هرمنا) ونحن فى هذا السن المتأخر نعرف بأن من (خرائط الأقطار) ما هو جميل وما هو (شين) يقطع الخميرة ..(ومش كده وبس) كمان ما هو جذاب يجذبك بأناقته وشكله الهندسى (الفاتن) وما هو (عااادى) تمر عليه مرور الكرام دون أن يلفت الإنتباه .
فجأة وجدت نفسى أنادى على طفلى (ناجى) ذى العشرة اعوام طالبا منه أن يأتى ومعه (الأطلس) وما أن حضر امامى حتى خاطبته قائلاً :
– كدى أفتح الأطلس ده وورينى أجمل خريطة بتاعت دولة
– ودى يا بابا أعرفا كيف؟
– يكون شكلها الهندسى جذاب !
– أنا غايتو يا بابا ما بعرف هندسى وما هندسى وجذاب وما جذاب .. أنا بحب خريطة السودان وممكن هسه أرسمها ليك من راسى !!
أصابتنى غصة فى الحلق وطفرت من عينى دمعة حزينة إذ لن يكن بمقدور ناجى أن يرسمها بعد الآن .. تذكرت حينما كنا أطفالاً فى عمر ناجى نرسم على كراسات (الهندسة البيضاء) خريطة السودان التى تقبع داخل نفوسنا عن ظهر قلب ونتفنن فى رسم وتلوين أنهارها وغاباتها ووديانها !
الآن .. أصبحت تلك الخريطة التى حفرت فى مخيلة وذهن كل سودانى (وحشة) وشينة وغير جميلة ولا جذابة !! يا الله .. كيف لمن تبتر ساقه أو يده أن يقول له الطبيب أن شكلك الآن أجمل .. وأنك تبدو أكثر جاذبية من قبل ؟؟
أن يفارقك عضو ولدت به وعشت معه ويبتر إلى الأبد فالحزن واحد سوى أن البتر كان بسبب (السرطان) أو (حادث حركة) !!
لقد أجهدت ذهنى كثيراً لأفهم تصريح السيد البروف مدير المساحة ولما أعيانى التفكير حاولت أن أشرك الآخرين :
– (لينا عمر 19 سنة طالبة جامعية) : أنا أفتكر البروف عاوز يقول ليكم ياااااى الخريطة كده بقت تجنن !!
– (حسن عمرين 45 سنة سواق ركشة) : شوف يا استاذ الزول ده الظاهر متخصص وبيعرف الخريطة الجميلة الجذابه من الما جذابه عشان كده أنا بفتكر ما تدخلو معاهو فى نقاش و(عنكبة) !
– (حنان مسكول 37 سنة حنانة) : أنا بفتكر والله كلامو صاح .. أصلو الخرائط دى زى نقشة الحنة فيهن واحدات جذابات وواحدات عاديات ساااكت !
– (حسن أبنص- 28 ميكانيكى) : المعلم ده عاوز (يحنكنا) يا استاذ ساااكت .. معقوله الخريطة بعد (الزعمطة) الحصلت ليها دى تكون جذابه ؟
– (عوض أنفاس 29 سنة عاطل) : بالله لو لقيت ليا الزول ده أسألو ليا قول ليهو خريطة (كوستاريكا) كيف؟

كسرة :
التحدث عن أمر هامشى و(غير مهم) وترك ما هو (عميق) يذكرنى بتلك الطرفة التى تقول بان جيران مدير أحد مصانع الأدوات الكهربائية قد أخبروه بأن أحد المهندسين الذين يعملون تحت إدارته دأئم التواجد فى منزله اثناء غيابة وحتى يقنعوه بذلك طلبو منه أن يجلس معهم فى مكان بعيد ليرى بأم عينية (وقد كان) .. وما أن خرج الرجل من منزل المدير حتى صاح الأخير :
– لكن يا جماعة ده ما مهندس .. ده (فنى) ساااكت !! .

الفاتح جبرا
ساخر سبيل
[email]gabra-media@hotmail.com[/email]


تعليق واحد

  1. [B][SIZE=4][FONT=Arial Black]الاستاذ جبرا
    والله الخريطه بقت زي الجروها لحدي ما اتقطعت وزي ما قال عوض انفاس بالله لو لقيت ليا الزول ده أسألو ليا قول ليهو خريطة (كوستاريكا) كيف؟
    [/FONT][/SIZE][/B]

  2. [FONT=Simplified Arabic][COLOR=#FF007B][SIZE=5]اليوم اخي الفاتح واثناء احدي النشرات كانت تبدو الخريطة على شاشة خلفية وتخيلتها بعدة اشكال ، مرة وجدتها في شكل ثور فقط تحتاج لزيادة الفك من الامام وتارة مصلاية جلد عجل وتارة تشبه خريطة استراليا نوعا ما وتارة بدتي لي وكانها ورقة احترقت من الاسفل او اكلتها الارضه ..
    ولكن بالمقابل تمعنت الجزء الذي انفصل واصبح في نظري كالهلال الجديد او قطعة البطيخة او قطعة جبنة توم وجيري .. دا يا ربي عشان يمكن سهلة الابتلاع [/SIZE][/COLOR][/FONT]