نادية عثمان مختار
لعنة الحرب في لغة الرئيس
مازالت القلوب حزينة وواجفة من القادم المجهول! وكثير من بني هذا الوطن في حيرة من أمرهم، بينما ولاة امرنا يهتفون فوق رؤوسنا بلغة الحرب ولا يريدون ان يكفوا عنها ابدا، وكأنها فخارا وعزا، بينما هي هزيمة وانكسار وترويع للباحثين عن الأمن والأمان النفسي في وطن عانى ويلات الحرب طويلا في الجنوب، وعندما جاء السلام كان وبالا علينا اذ قسم الوطن الواحد فصارت الدولة دولتين، والشعب اشقاء في دول جوار لاتربط بينهما حسن الصلات !!
حقيقة نريد الساسة ان يدركوها، وعلى رأسهم الرئيس عمر البشير وهي ان الشعب- وأنا واحدة منه- و(ليسمح ان اتحدث باسمه) قد مل حديث ولغة الحرب التي اصبحت سائدة بمناسبة وبدون مناسبة، في أحاديث سيادة الرئيس، فما إن يسأل أحدهم أو لايسأل سيادته عن موضوع وبخاصة ابيي إلا وترتفع لغة الذخيرة الحية مجلجلة في كلماته كما جاء في تصريحاته لـ(بي بي سي) والمقابلة التي أجريت مع سيادته في برنامج (هاردتوك) التلفزيوني عندما سئل عن أبيي فجاء رده عاصفا (ان ابيي “جزء لا يتجزأ من السودان”، وأن أي محاولة للإخلال بالبروتوكول الموقع بين البلدين سيؤدي الى تجديد الصراع) !!
كما قال: إن السودان قد يلجأ الى رفع السلاح بوجه الدولة الجديدة في الجنوب، اذا لم تحل مشكلة منطقة “ابيي” المتنازع عليها والغنية بالنفط.!
ورغم كلمة ( قد) التي جاءت في سياق الخبر إلا ان التصريح في شكله العام يظل مثيرا للقلق ومحفزا على الشر اكثر من كونه تحذيرا بعدم المساس بمنطقة ابيي من قبل الدولة الجارة!
أبيي مشكلة خلفها التهاون من الجانبين في الشمال والجنوب؛ لذا لن يكون حلها بلغة التهديد والوعيد، خاصة وأن الجنوب أصبح الآن دولة جوار من حقه الرد بلغة أكثر دموية او بفعل (أهوج) لا يحمد عقباه !
العلاقة المتوترة في الأساس بين السودان والدولة الجارة الوليدة لا تحتاج لمزيد من صب النار على الزيت بلغة كهذه، وانما للغة دبلوماسية رفيعة المستوى ومناقشات وحوارات مجدية تفضي لحلول مرجوة، في ثناياها حلول غير ذات دم ولا إزهاق لمزيد من الأرواح، ويكفي أولائك الذين قدموا أرواحهم مهورا لسلام (منقوص) فصل البلاد، وشتت العباد!!
الرئيس البشير قال: “عندما جئنا الى السلام جئناه عن قناعة، وكنا منتصرين في كل ميادين القتال، وكنا نقاتل من أجل السلام، وقسمنا السودان من اجل السلام، ونحن حريصون على هذا السلام، ولن نقاتل الا اذا اجبرنا على القتال”.
ونقول له ياسيادة الرئيس حرصكم على ماتبقى من وطن؛ يجب ان يكون حقيقيا بأن يكون (عاصم) لكم من استخدام لغة الحرب وأدواته، وآلياته لينعم الوطن بشيء من الاستقرار والسلام في ظل الوضع الجديد الذي جعل من البلاد( سودان إلا ربع) بعد ذهاب الجنوب مأسوفا عليه !!
و
ارحموا الوطن من طعم الدماء !!
نادية عثمان مختار
مفاهيم – صحيفة الأخبار – 2011/7/13
[email]nadiaosman2000@hotmail.com[/email]