تحقيقات وتقارير

الميرغني .. يعود عبر بوابة الأحزان ..!

[ALIGN=JUSTIFY]من ذات النقطة التى خرج بها زعيم الحزب الاتحادي الديمقراطي محمد عثمان الميرغني الى خارج البلاد قبل عشرين عاما ستأتي عودته صباح الغد، لكن شتان مابين الخروج والاوبة فقد عبرت مياه كثيرة تحت الجسر منذ مغادرة السيد سليل الدوحة الشريفة الخرطوم وقتها وحيدا وقدومه صباح الغد وبجانبه اخيه الوحيد ليس كفا بكف لكنه داخل نعش وصندوق ليحمل على اعناق الرجال ، ولما كانت عودة الرجل اشبه بالاسطورة التي لايستطيع احد أن يجزم متى تأتي، حتى أن كبارالاتحاديين عندما اعيتهم الحيلة في تحديد موعد لها اكتفوا بترديد مقولة « لا احد يدري موعد عودة السيد الا السيد نفسه ».
والغريب أن الاقدار رسمت سيناريو ضرب بقوة وهزم بلارحمة كل التوقعات وجميع التكهنات التى كانت تنسج حول موعد الحسيب النسيب، ناسفا مجموعة من السيناريوهات التى عكفت لجان حزبه على اعدادها قبل العودة والتى انحصرت فى خيارين «ان يعود عبر المطار ام عبر البوابة الشرقية للبلاد ليطوف على مريديه وجماهير الحزب الاتحادي» على طول الطريق الممتد الى عاصمة البلاد، والهدف من كل هذه الفرضيات هو البحث عن استقبال يليق بمقام مرشد الختمية ورئيس الحزب الاتحادي الا ان الاقدار تجمعت دون ان تقلل من الحشد الذى كانت ترنو اليه اللجان الاتحادية بعد ان جمعتهم سحابة الحزن التى ضربت قلوبهم برحيل رئيس مجلس رأس الدولة السابق أحمد الميرغني لتخرج قيادات الحزب الاتحادي الديمقراطي من مآزق كثيرا ما ارهقت اعصاب المريدين والمتحلقين حول الحزب حتى يجدوا لها التبريرات حول عودة زعيمهم التاريخى بعد عقدين من الزمان قضاهما مناكفا نظام الحكم بالبلاد .
وهاهى ارادة الكون ترسم سيناريو لم يجل بخاطر احد من العالمين لتكون عودة مولانا الوشيكة حسبما اعلن بيان للمكتب السياسي للحزب ، وسيجوب الموكب مدن الخرطوم الثلاث وبجانبه نعش اخيه مسجيا بذات الطريقة التى شيع بها جثمان والده السيد علي فى العام 1968م .
وقال الميرغني فى تصريح حول عودته المفاجئة « انا سأحضر لأعزي واتلقى العزاء» لكن حائط السرية والاثارة لم ينته عند الحد فقد رشحت معلومات تقول ان عودة الميرغني لن تستغرق سوى ثلاثة ايام لاغير قبل عودته غافلا الى الخارج الا ان ماتحصلت عليه من معلومات حول عودة مولانا من نافذين بالحزب الاتحادي تفيد ان العودة هى الرسمية لمولانا وبعدها سيتفرغ لادارة شؤون حزبه من الداخل الشئ الذى سيحدث مجموعة من التحولات فى الساحة الاتحادية بمختلف فصائلها التى اعلنت 7 منها وحدتها ليلة 21 من اكتوبر طاردة كل اشكال التمزق والتشرذم تنشد الوحدة الكبري مع فصيل المرجعيات بقيادة مرشد الختمية، وفى تلك الليلة التى شهدتها دار الزعيم الازهرى وبعد ان فرق الجميع من التوقيع على ميثاق الوحدة قال احد القيادات التى وقعت على الميثاق «كنا نأمل ان يدخل علينا مولانا محمد عثمان حتى تكتمل الوحدة » الان الميرغني قادم الى الخرطوم بعد ان ساعدته الاقدار فاتحة له باب عودة طالما استعصى على حزبه ايجاد المفتاح والمبررات المقنعة لولوجه وان وقفت على جانبيه الدموع والاحزان فهو المعبر الوحيد الذى سيغنيه عن اجابات كثيرة دونت طوال العشرين عاما التى خلت وسيكون مدخلا لحل الكثير من الامور العالقة فى هذه الاثناء ، وهو الشئ الذى تعلمه جيدا قيادة الحزب الاتحادي الديمقراطي لذا التقطت القفاز سريعا واعلنت عن عودة السيد الى البلاد مغلقة بذلك هاجسا ظل يرهق كاهلها طوال الاعوام التى اعقبت التوقيع على اتفاق القاهرة والذى دخل بموجبه التجمع الديمقراطي الذى يقف على رأسه مولانا محمد عثمان الميرغني تشكيلة حكومة الوحدة الوطنية والبرلمان السودانى الا ان الجميع كان ينتظر عودة السيد منذ ذلك الحين دون ان تتم ، لتأتى هذه المرة دون سابق انذار وبطريقة نجح فيها من قاموا باتخاذ قرارها لانها اخرجتهم من امور كثيرة جلها يتعلق بالشأن السياسى الذى اعفاهم عنها رحيل الرجل الثانى بالحزب السيد أحمد الميرغني ، وهب الجميع فى القيام بتجهيز لعودة مولانا فالاستعدادات التى تجرى «بدار ابو جلابية» ببحرى تشعرك ان الكل هنا يعمل فى سباق مع الزمن داخل تلك الدار التى ضرب عليها الزمن واصبحت تحتاج الى الكثير من الترميمات حتى تقف على استقبال الزعيم العائد ، تجولت بين مداخلها التى تقل فيها اثار الاقدام مما يوضح ان عملية فتحها وتجهيزها جاءت بقرار متعجل بعد وفاة السيد أحمد ، الا ان استعدادات عودة الميرغني ذات التاريخ المجهول قبل رحيل شقيقه كانت حاضرة بالجانب الجنوبى من الدار الكبيرة حيث تقف فى باحتها 4 عربات جديدة 2 منها «GMC» مصفحة حسب المعلومات التى استقيناها من احد اعضاء اللجنة المكونة لعودة الميرغني واخرى تايوتا كامرى زرقاء اللون تقف بجوارها فلوكسواجن باللون الذهبى غطتهم الاتربة ، وبالجانب الشمالى توجد حركة دائبة فهناك عمال يعملون فى همة بينهم الحدادون والنجارون وغيرهم ، مما جعلنى انظر الى الساعة التى تجاوزت الرابعة بـ47 دقيقة الشئ الذى يشير الى ان هؤلاء جميعهم يعملون من اجل انجاز مهمة سقفها الزمنى بدأ فى العد التنازلى فالمسافة التى تبقت لهم اقل من 48 ساعة وهناك اخرون بالخارج يلتفون حول الدار يقومون بحمل الانقاض من امامها على ظهر الشاحنات . وبالجانب الاخر من طريق الاسفلت على بعد مسافة قصيرة بمسجد السيد علي احتشدت جموع غفيرة من المعزين والمريدين واختلطت رايات الطرق الصوفية داخل المسجد فالانصار يحملون اعلامهم جنبا الى جنب مع اعلام الختمية والعركيون والسمانية ومشاهد الترميم التى كانت هناك لم تختف هنا فالعمال تلمحهم يقومون بتركيب مجموعة من المكيفات الجديدة والكل متحفز لما سيحمله صباح الغد .
عندها عادت بي الذاكرة الى ليلة وحدة الفصائل الاتحادية وحضرت تلك الكلمات التى رددها نائب رئيس الحزب الاتحادي على محمود حسنين عبر الهاتف من القاهرة عندما دعا كل المتحدين للعمل من اجل انجاز ماتبقى مباركا خطوتهم التى قاموا بها بصوت يخفى تفاؤلا سيأتى به مستقبل الايام عندما قال اعملوا وكونوا اللجان الانتخابية وجهزوا انفسكم ، حينها اوردت ان ماتم من وحدة فى انتظار زعيم الختمية الذى سيأتى صباح الغد ، فهل سيعود الحزب الاتحادي قديما متجددا كما قال السمانى الوسيلة فى ليلة الوحدة فى ذكرى ثورة اكتوبر التى مرت منذ ايام ، ام انا بحر الاتحاديين لن تهدأ امواجه رغم امطار الاحزان .
عباس محمد إبراهيم :الصحافة [/ALIGN]

تعليق واحد

  1. الأخ/ عباس محمد إبراهيم “سلمه الله”
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد..
    أولاً أقول “إنا لله وإنا إليه راجعون ولاحول ولاقوة إلا بالله العلي العظيم” اللهم تغمد الفقيد بواسع الرحمة وألهم الجميع صبراً وسلوانا.

    لست من متابعي السياسة ولا أنتمي لأي حزب في السودان ولكني اطلعت على مقالكم الذي أعتبره حسب وجهة نظري قطعة فائقة في الأدب والحصافة إن صح التعبير.

    قواكم الله وسدد خطاكم وألهمكم دائماً الكتابة الراقية.
    مع خالص التحية والتقدير.
    😉