رأي ومقالات

تشيلوا الثروة وتخلوا الحيوانية !!

[JUSTIFY]لا أملُّ من تكرار الطرفة المشهورة التي تقول: إن أحد العملاء في بنك الثروة الحيوانية قد أعجبته إحدى الآنسات من العاملات بأحد فروعه المصرفية.. والرجل ظل يأتي يومياً لمشاهدة الفتاة من شدة إعجابه بها، مرة بحجة أنه يريد توريد مبلغ من المال لحسابه، ومرة بحجة أنه يريد أن يسحب مبلغاً من نفس الحساب، ومرة ثالثة بسبب أنه يريد الإطلاع على موقف الحساب.. وفي ذات يوم جاء الرجل كالمعتاد ولكنه فوجئ بأن «زولتو» لا تجلس في مكانها المعتاد… والرجل انتظر كثيراً ولم تحضر.. ولما سأل عنها قيل له إنه تم نقلها إلى فرع آخر وتم استبدالها بالآنسة التي يراها جالسة في مكانها والتي تبدو أنها أقل جمالاً في نظره.. وبالطبع فإن «أخونا» كورك وزعل واحتج وأرغى وأزبد وطلب مقابلة المدير شخصياً محتجاً على نقل «زولتو»، والمدير أفهمه أن هذا إجراء طبيعي وروتيني يحدث من وقت لآخر في بنك الثروة الحيوانية.. ولكن الرجل انفجر قائلاً: «لكن يا سيادتك تنقلوا الثروة وتخلوا الحيوانية»..

والحديث عن بنك الثروة الحيوانية يطول كثيراً، ويكون أطول من «السّلَبَة» نظراً لأهميته في كون أنه البنك الوحيد في طول البلاد وعرضها الذي يرتبط اسمه بثروة البلاد الحيوانية، والتي لا يقل تعدادها عن مائة وخمسين مليون رأس من الوحدات الحيوانية بكل مكوناتها. ولا نضيف جديداً إن قلنا إن أهل بلاد السودان في حقيقتهم «رعاة» وليسوا مزارعين، وهذا هو السر في نجاح ثروتهم الحيوانية وضمور إنتاجهم الزراعي مهما أضفنا له من مدخلات وتقانات.. ولهذا فقد ظل قطاع الحيوان يمتص كل الصدمات ويشكل حائلاً كثيفاً بين أهل السودان والفقر مهما زادت معدلات الجفاف.. ولكي يكون لدينا بنك قوي في قامة ما لدينا من موارد حيوانية، كان لا بد أن تتم تقوية بنك الثروة الحيوانية بزيادة رأسماله لتواكب الأعباء المطلوبة منه، ولتساعد في تنمية القطاع الحيواني الذي تزداد أهميته في ظل انحسار عائدات البترول.. وربما أننا نحمد الله على انحسار عائدات البترول في هذا الوقت بالذات حتى نلتفت إلى مواردنا الزراعية ولا نصاب بالمرض الهولندي.. أو المرض النيجيري الناجم عن الاهتمام بالبترول على حساب الزراعة.

وسيكون المطلوب أن تتدخل الدولة لإعطاء جرعة قوية وفاعلة إلى بنك الثروة الحيوانية بزيادة نصيب الحكومة في أسهم البنك وامتلاك ما لا يقل عن سبعين في المائة منه حتى نتمكن فعلاً من رعاية مشروع تطوير الثروة الحيوانية التي أدت دوراً كبيراً في الفترة الماضية وستؤدي دوراً أكبر في المستقبل… ولا نحتاج إلى أن نقول إن بنك الثروة الحيوانية يملك من المؤهلات والكوادر البشرية والبنيات الأساسية ما يجعله قادراً على الانطلاق بقوة نافذة، حيث يمتلك البنك شركتين تعملان في مجال خدمات الحيوان، إضافة إلى الشركة المتخصصة في خدمات طريق الماشية. ويكفي أن إحدى هذه الشركات أقامت أكثر من خمسين محطة لإمداد المياه بتكلفة تصل إلى خمسين ملياراً على طول طريق الماشية من ولاية دارفور مروراً بكردفان والنيل الأبيض وصولاً إلى بورتسودان، وكل هذا يعني أن بنك الثروة الحيوانية يمتاز بظهر قوي «وبنية أساسية ذات حيوية فقط يحتاج إلى «قدْحَة» تتمثل في إضافة بعض الحيوية المالية ودخول الدولة كمحفز وراعٍ للقطاع»..

ونقترح على المجلس الأعلى للنهضة الزراعية أن يقوم بالدعوة لتنشيط بنك الثروة الحيوانية والأخذ بيده والتوجه به نحو أداء دوره.. ثم لا ننسى أن الوكالة الوطنية لتمويل وتأمين الصادرات هي الأخرى كانت قد أدت دوراً متميزاً في دعم قطاع الثروة الحيوانية إبان تولى الأستاذ أحمد بابكر لإدارتها، والذي يشغل الآن، لحسن الحظ، إدارة بنك الثروة الحيوانية الأمر الذي يدعونا إلى التوصية وبإصرار شديد لإيجاد علاقة «توأمة» بين البنك والوكالة، على أمل أن يجد قطاع الثروة الحيوانية دفعة نوعية قوية وفي الاتجاه الصحيح.. وربما أن البرنامج المقترح بإقامة شبكة من الحفائر والسدود ومواقع المياه والمزرع لإيواء الثروة الحيوانية، بدلاً من الذهاب في رحلات متكررة وتفقد وزنها بسبب الحركة والسفر الدائم وتربي «عضلات» بسبب الهجرة المستمرة بدلاً من أن تربي الشحم واللحم… فمشروع توزيع الأراضي لأغراض المراعي المقفولة CLOSED RANCHES سيريح هذه الثروة المتنقلة، ويجعل أهلنا الرحل أكثر استقراراً، ويبعد عنهم شبح الجنوبيين والجيش الشعبي المتوثب والمتربص بثروتهم الحيوانية والمنتظر بلهف وشبق شديدين للاستيلاء عليها…

كسرة:

لا بد من التذكير بأن أسوأ السيناريوهات التي يمكن أن تنفذها الجبهة الثورية مدعومة بحكومة الدينكا في جنوب السودان وبعض بقايا المعارضة السودانية، هي أن تستولي على أحدى المدن الحدودية، ثم تدعو دول الاستعمار لمساندتها، ثم تتحرك الخلايا النائمة بالخرطوم وعواصم الولايات لإثارة القلاقل والفتن وتدشين الحملات الإرهابية بتحريك الكوادر الإعلامية للإسناد الإعلامي، وخلق الأجواء غير المستقرة.. وعندها يقولون إن «الربيع السوداني» خلاص جاكم.. ويكون الهدف إسقاط السلطة في السودان وتفتيت البلاد وطرد العرب والمسلمين ومحاصرتهم إلى أن يجدوا مكاناً في شعاب مكة أو أرض أبين من حواضر اليمن السعيد.. ثم إذا نجحوا في مسعاهم اللئيم، أعلنوا عن جمهورية السودان الجديد الذي لا مكان فيه لمن يحفظ سورة الفاتحة، ولا موقع فيه لمن يتحدث بغير عربي جوبا.. «إنتكم ياجماعة كلاس بفهمتوا كلام تاع أنا؟!»

صحيفة الإنتباهة
د. عبد الماجد عبد القادر
[/JUSTIFY]

تعليق واحد

  1. سلام عليكم
    عندما بدأ النبي صلى الله عليه وسلام دعوة الإسلام جمع قريشا وقال لهم :
    «أَرَأَيْتُمْ إِنْ حَدَّثْتُكُمْ أَنَّ العَدُوَّ مُصَبِّحُكُمْ أَوْ مُمَسِّيكُمْ، أَكُنْتُمْ تُصَدِّقُونِي؟» رواه البخاري… وفي الحديث أيضا: «كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا خَطَبَ احْمَرَّتْ عَيْنَاهُ، وَعَلَا صَوْتُهُ، وَاشْتَدَّ غَضَبُهُ، حَتَّى كَأَنَّهُ مُنْذِرُ جَيْشٍ يَقُولُ: «صَبَّحَكُمْ وَمَسَّاكُمْ» رواه مسلم… فياأهل الحكومة والإعلام كفاكم تخويفا للناس وأنتم ليس لديكم ما يفيدهم من وراء تخوفيكم.