العين والتراب
لما كل هذا الرهق والحياة لا تحتمل أكثر من تبسيط الصعب واحتمال بعض من كبد فمن هو في شاهق البناء يرنو بنظرة آملة إلى المسكين الذي يلتحف بعض (جالوص) ويحتمي بحياة بسيطة قوامها «عصرية هادئة وعنقريب مفروش في حوش مرشوش بجردل وكوز».. وكبابي شاي مصحوبة بفائح رائحة بخور بسيط.. طقوس لتتجاوز بها هذا الإنسان البسيط عبق الفقرا الذي سكن الأجواء وتغلغل في نفوس النسمات ورغم ذلك لم تخرج طوابع الحياة عن قبول الواقع بأريحية وذهنية متفتحة وراضية مازال أهل بعض الشواهق يرمقون هؤلاء ببعض «حقارة».. ولكنها الحياة.. الحياة التي لا يقبل بتفاصيلها كاملة الا هولاء البسطاء الشيء الذي يدفع من هم أعلى مراتب في الرخاء إلى تمني العودة إلى تلك الأيام الماضية.. فالماضي كان لا يبعدهم عن بساطة مريحة للعصب.. ومازال صاحب ذلك العنقريب في الحوش المرشوش بالجردل والكوز في ثنائية مع الابريق وبرش الصلاة والفلاح.. كما تسول نفس من يركب (الطائرة) بتمني حال المزارع المستقر على الأرض هو يحفر ويحصد وملابسه متبللة بعرق الأرض وملحها.. بينما هو ينحي «طوريته» جانباً وينظر صوب السماء نحو الطائرة ويمني نفسه بحال ذلك الراكب الناظر من النافذة صعوداً وهبوطاً وتحليقاً في الجو… وهكذا تدخل نظرة الحياة من الحياة إلى بواطن الاختلاف وحب ا لحل المغاير… كثيرون من يرون ان الاستكانة نوعاً الاستسلام.. ولذلك ان تتخيل ان هناك اللاهث وراء الحياة يتأتي عليه زمن يحسد فيه حيوان كلباً أو كلبة في حالة نوم عميق في حفرة في الأرض المكشوفة للغاشي والماشي حيث تستوي أحياناً حالة لهاثة لما يقارب البراءة من السبع غسلات إحداهن بالتراب.. هكذ يبدو البعض في ثياب التعب والرهق الطويل جدلاً ما بين الإنسان القيمة المعنوية والقيمة الحيوانية البحتة.. ونظرة أخيرة يلقيها الإنسان على بعض دواخله يكتشف بعدها انه على شفا الخروج من الدخول وتزاحم النهايات مع البدايات… هي الحياة بكامل تناقضها واستواء بعض اعوجاجها.. وانعدال بعض ميلها.آخر الكلام
لا نرضى دائماً… وعيوننا لا يملاها الا تراب الرقاد الابدي.. وهكذا حال الإنسان مع تعقدات نفسه التي تأبى ما يحلم به البعض وتحلم بما يأباه البعض.. انها النفس البشرية بكل جدلها وانتفاخها على نفسها.
مع محبتي للجميع..
سياج – آخر لحظة
[email]fadwamusa8@hotmail.com[/email]