جعفر عباس

منهم وبريء منهم


منهم وبريء منهم
بصراحة صرت «أستعر» من كوني أعمل في مجال الإعلام، بسبب تكاثر الذباب في الوسط الإعلامي، والذباب لا يتكاثر إلا حيث تتوافر القاذورات، ومعظم أجهزة إعلامنا صارت مقالب قمامة ينهل منها أشخاص تافهون وسطحيون وبلهاء وأغبياء، ثم يوزعون علينا فتافيت النفايات ويزعمون أنهم يرفهون عنا، ومن المحزن ان أولئك حولوا شهر رمضان الى موسم يتقيأون فيه على وجوهنا بينما بعضنا يجلس أمامهم بكل بلاهة، ويطلب المزيد.. ويشهد الله انني لا أحب رزان مغربي ولا أحب من يحبها، ولكنها مقارنة بالتافهين الذين يحلون محل الشياطين في رمضان، تعتبر مثالا للرزانة والوقار!! وبودي لو أعرف لماذا يربطون بين شهر الصوم والمسابقات السخيفة التي تتعلق أسئلتها بعدد فقرات عنق الزرافة، وكم يوما تستمر العادة الشهرية لدى إناث الخفافيش؟ في رمضان الماضي كان هناك رجل وامرأة كل منهما أعبط من الآخر، يتجولان بكاميرا، ويستوقفون الناس في الشارع ويطرحون عليهم ذلك النوع من الاسئلة، وحاصروا رجلا وسألوه عن شيء كان يفصل ألمانيا الشرقية والغربية قبل ان تتحدا في مطلع تسعينيات القرن الماضي، فرد الرجل أنه لم يكن يفصل بين البلدين سوى الحدود العادية الموجودة بين جميع الدول المتجاورة، ولكن العبيط والبلهاء التي كانت معه ظلا يلحان على الرجل كي يقول ان ما كان يفصل بين المانيا الشرقية والغربية كان جدارا ضخما، وما لم يكن يعرفه مقدما ذلك البرنامج الركيك هو ان السور أو الجدار الذي كانا يحسبان انه يفصل بين الألمانيتين لم يكن موجودا إلا في مخيلتهما، لأن السور الذي كانا يتحدثان عنه كان يقسم فقط مدينة برلين الى قسمين، وليس مثل جدار شارون الذي حوّل ما تبقى من الاراضي الفلسطينية الى سجن كبير يحيط به الحراس اليهود من كل جانب!
في إذاعة ام بي سي على موجة الأف أم طرح المذيع خلال دورة برامجية سابقة سؤالا على مستمع: في أي مدينة يقام مهرجان أبها السياحي؟ فأجاب المستمع العبقري «في الرياض»، وسأل المذيع مستمعة عن المدينة العربية التي دمرها المغول فقالت: موسكو.. وفي مسابقة رمضانية سأل مذيع تلفزيوني أهبل أحد الحاضرين في الاستوديو: في أي مدينة اوروبية توجد إذاعة هنا لندن بي بي سي؟ فأجب أبو جهل: مونت كارلو، وظل المذيع يجتهد لمساعدة ذلك الغبي ويردد: يا عزيزي هنا لندن في أي مدينة؟ هنا لندن؟ والحمار يقول تارة القاهرة وتارة بومبي!! ولكن المذيع كان حريصا على أن يعطي المشارك جائزة بأي وسيلة فسأله: ما هي عاصمة بريطانيا فأجاب: لندن! هنا صاح المذيع الأبله: صاااااااااااح.. لك جائزة وأعطاه أدوات كهربائية تبلغ قيمتها 500 دولار!!
أذكر ان تجتوج الدبدوب (السوداني) كان يقدم فقرات ترفيهية في مدينة أبها خلال الصيف، وكان يطلب من الصغار أداء بعض الحركات والمشاركة في بعض السباقات، وجاء دور تسجيل أهداف في حلقة كرة سلة، واشترك ولدي الصغير فيها ولم يسجل هدفا، ولكن، لأن الجنس على الجنس رحمة، فقد زور تجتوج النتيجة وقدم إلى ولدي الجائزة الاولى وهو يقول له بكل جرأة: يا سلام عليك يا اسمريكا يا بتاع الفول والويكة!! فكما في البرامج الرمضانية كانت لدى تجتوج جوائز بالهبل وكان يدرك ان من تبرعوا بها يريدون لها الرواج، فلم ير بأسا في منحها لولدي الفاشل في كرة السلة!
أعود الى موضوع الإعلام فأقول مجددا انني أخجل من أن تجمعني مهنة بأولئك الجهلة الذين يلوثون عقولنا الملوثة أصلا بترهاتهم وبرامجهم الفجة،.. ثم تصدر مجلات أكتب فيها بانتظام، وتضع صور مذيعات زميلاتي في قناة الجزيرة على أغلفتها وتتجاهلني، ولم تحاورني أي من تلك المجلات ولا مرة واحدة لتعرف عن الحلاق الذي اقص شعري عنده، وأكلاتي المفضلة، ولوني المفضل، وما الى ذلك من معلومات مهمة تسهم في تعزيز الوحدة العربية التي ستتحقق في المشمش.
[EMAIL]jafabbas19@gmail.com [/EMAIL]

تعليق واحد

  1. الله عليك ياجعفر يا ابن عباس دائما مبدع في كل حالاتك الله يديك الصحه والعافيه