نادية عثمان مختار

مصادرة الصحف بعد الطبع (حقارة) وإضرار مؤسس !!


مصادرة الصحف بعد الطبع (حقارة) وإضرار مؤسس !!
كثيرة هي الممارسات التي تورث في نفوس الناس الغضب والإحساس بالمهانة والغبن والحقد تجاه الآخر (المتسلط) حد الافتراء على خلق الله والتسبب في قطع عيشهم وربما تجويعهم وتشريدهم ان استطاع الى ذلك سبيلا !!
كثيرة هي الممارسات التي تجعل الصحفي في بلادنا متدثرا بلباس الإحساس بالعجز وقلة الحيلة رغم امتلاكه لسلاح القلم وناصية الكلمة الموجعة التي اذا صوبها باتجاه من استقصده في عرضه او ماله او عمله ومصدر رزقه فسينال منه بطلقات الحروف ولظاها لا محالة وسينتقم لنفسه شر انتقام دون شك ولكن !!
الإحساس بالغبن يتعاظم عندما يكتمل يقينك ان من اراد إيذاءك في رزقك ورزق من يعملون تحت مظلة مؤسستك انما هو متعمد، هذا الإيذاء مع سبق الاصرار والترصد، وبشكل فيه من الدهاء واللؤم والخبث مايمكنه ان يرديك قتيلا ، جراء الغيظ الذي ربما أدى بدماغك لجلطة مفاجئة او بقلبك لذبحة تنتقل على إثرها لرب سموات عالم بحالك، وهو الرؤوف الرحيم خاصة عندما يضيق بك الحال جراء الظلم والقهر والتربص و( الحقارة) المؤسسة !!
هذه (الحقارة) المؤسسة تحدث في السودان بشكل يومي ممن هم اصحاب السلطات والنفوذ، ومن بيدهم (العصا) يرفعونها في وجه من عصى وحتى من لم يعص !!
ومن أشكال هذه الحقارة ماتفعله السلطات بأصحاب المؤسسات الصحفية في بلادنا بمصادرتها للصحف، ولا نقول دون ادنى وجه حق فربما كان لديهم اعتقاد بأن ثمة حق في أمر المصادرة ولكن المؤلم ان تكون المصادرة دون أدنى توضيح وتبرير مقنع لصاحب المؤسسة او رئيس تحريرها وطاقمه الصحفي الذي (يطفح) الدم من اجل الحصول على (فتات) معلومات من خزينة اسرار الدولة، ومن يتولون أمر إداراتها ليقوموا بتمليك بعض الحقائق للناس حتى يعرفون من يحكمهم وبأي آليات (القوة) يحكمون !!
مؤلم- حد النزيف- ان يستيقظ رئيس تحرير صحيفة ما وطاقمه الصحفي ممن قضوا يومهم يهرولون خلف الاخبار والمواد الصحفية وجمعها وتصحيحها وتنقيحها وتصميمها وارسالها ليلا، وبعد يوم شاق من التعب للمطبعة ليجدوا انها لم تخرج من مطبعتها تلك، ولم تصل المكتبات، وان
(الرقيب) بسلطاته غير المحدودة قد صادرها من المطبعة (بعد الطبع) وقبل نزولها الأسواق وقبل ان تعانق أشواق القارئ الذي يتوجه للمكتبة ليقول له البائع ان الصحيفة لم تأته اليوم !!
مصادرة الصحيفة بعد الطبع وليس قبلها عزيزي القارئ مقصود في حد ذاته ليس لشيء إلا لإيقاع كامل الضرر الجسيم على صاحب الصحيفة ليخسر فادح الخسائر من دم قلبه وقلب طاقمه الذي- دون شك- سينعكس عليه امر المصادرة ذاك في تأخير راتبه (المتأخر) أصلا ..!!
مصادرة الصحيفة بعد ان يكون مالكها قد دفع للمطبعة حق الطباعة او سجلت عليه أموال ينتظر تسديدها، انما هي سياسة تمارسها السلطات لتقول لصاحب الصحيفة (خم وصر) و(عشان تاني تقل أدبك وتكتب الماعايزنو يتكتب) !!
ولكن المحير حد الحيرة هو ان لا يعرف صاحب الصحيفة ماهو ذلك المكتوب الذي أثار حفيظة السلطات لدرجة مصادرة صحيفته وايقاع كل هذا الضرر الجسيم عليه!!
وعندما يشاء الرقيب التصريح بالأسباب يكون ذلك بعد اتصالات عديدة ومشاوير في عز الحر وصولا لـ (مقر) من صادروا الصحيفة، ودلقوا على الرهاب جهد صحفييها وأحبار الحقيقة إمعانا في الإذلال وإخراسا للاقلام وممارسة الإرهاب الذي ليس من بعده ارهاب !!
ماحدث مع الزميلة صحيفة (الأحداث) الغراء بمصادرتها ليومين على التوالي من قبل السلطات دون إبداء الأسباب أمر ليس جديدا على (الأحداث اخواتها) من سائر بقية صحف الخرطوم ولكن المؤلم هو ان يفشل تماما أصحاب الكلمة الحرة وقادة الرأي في بلادنا لتشكيل رأي عام قوي ضد مثل هذه الممارسات المجحفة في حقهم ، او تسيير مواكب هادرة باتجاه أي قصر منيف او مكتب فخيم يقبع بداخله مسؤول لايعرف معنى ان يقطع احدهم نور الحقيقة عن الشعب ويرهب اقلام الصحافيين، ضاربا بسلطتهم الرابعة عرض الحائط ومكرسا لمفاهيم التسلط والجبروت وعدم احترام الرأي الآخر وإعدام الديمقراطية تحت أقدام الديكتاتورية ومصادرة الرأي والكلمة الحرة !!
لا خير في بلاد يُرهب صحافييها وتصادر صحفهم وتلوث صحائفهم بمحاولات تركيعهم وجعلهم (خرس بكم عُمي) او بجعلهم (ابواقا) تعزف الأنغام (النشاز) تمجيدا وتطبيلا (في الفاضية والمليانة) لمن تحكموا في رقاب البلاد والعباد سنين عددا ورغم ذلك لا يريدون لقلم ان يهدي إليهم عيوبهم !!
التحية للاستاذ عادل الباز وكل أركان حربه وكتائبه المقاتلة في سبيل إعلاء كلمة الحق وإرساء دعائم صحافة حرة ونزيهة !!
و
اللهم لا تسلط علينا من يخنق الكلمات في حلاقيمنا !!

نادية عثمان مختار
مفاهيم – صحيفة الأخبار – 2011/8/10
[email]nadiaosman2000@hotmail.com[/email]