نادية عثمان مختار

شريحتك شنو ومواصلاتك كيف ؟!!


شريحتك شنو ومواصلاتك كيف ؟!!
رغم أننا شعب تغلب عليه سمات البساطة والطيبة اللامحدودة والتواضع الجم في كل حياتنا، إلا ان بعضا منا قد ساقته رياح (العنطظة) الفارغة والتكبر والتفاخر و(البوبار) الى حد بعيد !!
كان التفاخر في السابق مرتبطا بالأثرياء من فصيلة (الفواحش) وهؤلاء الأثرياء ثراءً فاحشاً في بلادنا في العادة تكون نساؤهن- وليس رجالهن- هم مبتدعو الفشخرة والبذخ الخرافي الذي يجعل هذه الفئة منبوذة أحيانا من الآخرين، ولو من باب الحقد الطبقي الذي تورثه مثل ممارساتهم أحيانا و التي لا تحترم مشاعر الآخرين من فقراء الأمة !!
أكثر مايدهشني أن هناك حاجيات بعينها ومظاهر ربطها الأغنياء بالفقراء، بينما هي ليست رخيصة في أسعارها ولا رديئة في جودتها كالبضائع الصينية على وجه المثال، ولكنها ملامح للفقر والتواضع في نظر الأغنياء !
من هذه الأشياء بيوت الإيجار لأناس لايمتلكون بيوتا في هذه الدنيا ولا يحتفظون بأي شهادات للبحث في حقائبهم من فصيلة شنطة الحديد القديمة التي يتوارثها الأبناء عن الآباء عن الأجداد !!
تجد الغني يستهزئ من الفقير الذي لا يملك مفاتيح بيت يملكه ملكا حرا فيقول في سره خاصة ان شتم تعاليا غير حقيقة من ذاك المستأجر (بالله شوف البوبار في بيوت الايجار) !!
ومن مظاهر الفقر ايضا في بلادنا ركوب الانسان لذلك الاختراع المسمى ( ركشة) رغم انه وسيلة مواصلات مجدية؛ قد أسهمت بشكل كبير في حل مشاكل المواصلات، وهي بالمقارنة مع الأمجاد والحافلات الأعلى سعرا، ورغم ذلك تجد الميسور الحال ينظر لراكب الركشة من علٍ ولسان حاله يقول ( بالله شوف ده كمان قايل روحه راكب كامري ولا شنو) !!
اما الأمر والأدهى فهو النظرة الدونية التي يتعامل بها الأغنياء من اصحاب شرائح الاتصالات ( زين) مع من يمتلكون شريحة ام تي إن او (اريبا) كما يسمونها حيث مرت علي الكثير من المواقف لأصحاب شرائح زين تجده ينظر للرقم فيجد ان المتصل من رقم اريبا فيكون رده( ياخ ده تلفون اريبا تلاقيه زول عاوز قروش ولا مسكين ساي) !!
كثير من ملامح الفقر في بلادنا تقابلها ملامح الثراء الفاحش من اولائك الذين يركبون فاخر السيارات حتى انك تظن انها طائرة تسير على الأرض بلا أجنحة ومن يقيمون حفلات أعراسهم ومناسباتهم في فاخر الفنادق الخمس نجوم لتجد البوفيهات المفتوحة التي تأتيهم طازجة وساخنة من أفخم المطاعم في دبي واوربا، ومن يسكنون القصور المنيفة التي ان سمحت لك الظروف ودخلتها يوما فلا شك ان روحك ستحدثك بأنك دخلت الفردوس، وتبدأ في البحث عن الحور العين وشجرة التفاح وانهار اللبن والعسل !!
ملامح الفقر والثراء في بلادنا تظل محلا للمفارقات العجيبة والضحك والبكاء في آن واحد !!
و يبقى الأمر الأغرب ان راكبي الركشات ومتصلي شبكة أريبا هم الاكثر بؤسا وفقرا مدقعا في أخيلة الأثرياء بحسب مواقف شهدتها بعيني وسمعتها بأذني ومازلت مستغربة لماذا ارتبطت اريبا في اذهان البعض بالفقر وتواضع حال مستخدميها؟!
و
السودان عالم جميييييييييييييل !!

نادية عثمان مختار
مفاهيم – صحيفة الأخبار – 2011/8/12
[email]nadiaosman2000@hotmail.com[/email]