حوارات ولقاءات

سنا حمد العوض… في قراءة صريحة للأحداث

[JUSTIFY]كثير من القضايا الساخنة التي يشهدها السودان الآن وتلقي بظلالها على المشهد السياسي والاقتصادي والاجتماعي في إطار حالة الاستقطاب الحادة التي تجلت مابين الحكومة المترقبة والمعارضة المتوثبة.. مما جعلت من الأوضاع العامة أكثر تعقيداً وانعكست هذه الحالة على حياة المواطنين والوطن عموماً، ومع الضغوط الخارجية وحالة الحصار الدولية المتربصة بعصاة العقوبات، ومابين رهق المفاوضات الطويلة مع دولة الجنوب والتي هدرت الطاقات المادية والمعنوية.. تبدو الصورة قاتمة للنخب السياسية السودانية لحل الأزمة المتشعبة وسط حالات التمترس، التي أجلت كثيراً عبور الوطن الى شاطىء الأمان والاستقرار والتنمية ورفاهية المجتمع.. كل هذه الأسئلة والملفات للقضايا الداخلية والخارجية المتمثلة في تأثير المحيط الاقليمي على السودان وضعناها أمام الأستاذة سناء حمد العوض القيادية بحزب المؤتمر الوطني وأمين أمانة الإعلام بالحركة الإسلامية السودانية والمهتمة بالشأن السياسي وذات الآراء الواضحة والصريحة والعميقة في قراءة وتشريح الأزمة السودانية.

رشح في وسائل الإعلام إنك سوف تستلمين منصب سفيرة بوزارة الخارجية هل هذا صحيح وأين سناء حمد العوض الآن ؟

– أنا اتولى أمانة الإعلام للحركة الإسلامية السودانية، واواصل دراساتي العليا واهتمامي بالمجالات اللصيقة، وأمثل جزءاً من الحراك السياسي في حزب المؤتمر الوطني من موقع الانتماء والالتزام.. أما عن منصب السفيرة بوزارة الخارجية قالت« ضاحكة ..» …أنا أقرأ ما رشح في الصحف ..

على ذكر أمانة الإعلام في الحركة الإسلامية وأنت أمينها.. كيف تقرأين المبادرة الإصلاحية لمجموعة «سائحون» وهل هي تصب في مصلحة الحركة ؟

– قطعاً.. قطعاً.. هي تصب في مصلحة الحركة الإسلامية خاصة أن جزءاً من الشباب الذين كانوا في «سائحون» الآن بعضهم أعضاء في هيئة شورى الحركة الإسلامية، ولهم جلسات كانت مع الأمين العام السابق وجلسات مع الأمين العالم حالياً، ويمكن أن يكون أثر هذا التيار ظهر من خلال مؤتمر الحركة الإسلامية الثامن وهو دليل عافية وليس ضعف ..

كيف تقرأين المشهد السياسي العربي وصعود الإسلاميين في بلاد الربيع العربي، وحالة الممانعة والتدافع التي يواجهونها من الليبراليين رغم وصولهم عبر صناديق الاقتراع ؟

– كما ترى وكما ذكرت أنت أن الإسلاميين وصلوا عبر صناديق الاقتراع وبإرادة شعبية وبوسيلة ديمقراطية.. بل هي أساس المنهج الليبرالي وكانت في واحدة من لحظات التدافع بين الناس وهي سنة من السنن الإلهية والكونية.. والإسلاميون ظلوا هم العنصر المنبوذ والمحروم من ممارسة حقوقه السياسية والاجتماعية بل والتعبدية، ففي بعض الدول كتونس سابقاً كان حتى الدخول للمسجد ببطاقة، وفي ليبيا القذافي كان المواطن إذا ما تردد أكثر من مرة على المسجد يستجوب ويعتقل حتى في شكل التدين العادي كان يسأل ويستجوب، وكذلك ما مر به الإسلاميون في مصر، بدأ من اغتيال المرشد والإمام حسن البنا وما تعرضوا له من تقتيل وتشريد وحصار، وكيف أنهم مروا بتاريخ طويل من الآلام والمعاناة والصبر والنجاحات… ورغم ذلك نجد أن الخيارات الشعبية في بلاد ثورات الربيع أتت بالإسلاميين مرة أخرى للحكم، رغم الماكينة الإعلامية الضخمة بشقيها الداخلي والخارجي التي تضافرت ضدهم في بلدانهم ورغم الأموال الضخمة التي دفعت حتى تعيد توجيه الناخبين بعيداً عن الإسلام.. ولا أظن من العدل تجاه تجربة الإسلاميين الصاعدين في دول الربيع العربي أن تقيم هذه التجربة في بضعة أشهر وهو الأمر الواضح، الآن الحراك الإعلامي ضد الإسلاميين والتأكيد على فشلهم في إدارة الدولة هو حراك غير موضوعي، وأحياناً كثيرة هي معركة ضخمة يتطاير دخانها في ساحة الإعلام والواقع يجافيها…

مقاطعاً… ولكن هذا ما يسمى بالممارسة الديمقراطية وهي التي أتت بالإسلاميين كما ذكرت والإعلام جزء من العملية السياسية..؟

– هو حراك إعلامي مسيس وغير موضوعي كما ذكرت وإذا جاز لي التعبير أقول إنه خلال الممارسة الديمقراطية وضح أن دعاة اللبيرالية في العالم العربي والإسلامي لا يؤمنون بها حقيقة.. فإن لم تأتِ بهم الديمقراطية.. فهي ديمقراطية خائبة ومنهج غير سليم وهم لا يختلفون كذلك عن الديكتاتوريات التي سقطت ودائماً أقول إن تجربة الإسلاميين في السودان يمكن أن تصلح نموذجاً يُدرس… وأنا لا أتحدث هنا عن الاحتذاء بها، ولكن يمكن أن تصلح نموذجاً يُدرس… وبعدها تجربة حماس التي فازت عبر صناديق الاقتراع وبطريقة ديمقراطية وفقاً للمعايير ومحددات اللعبة السياسية…

مقاطعا.. عفواً يا أستاذة المثال هنا غير صحيح فالتجربة السودانية الإسلامية للحكم لم تأتِ عبر صنادق الاقتراع؟

– دعني أكمل الفكرة بأن تجرية حماس أتت وفقاً للديمقراطية.. وفق قواعد اللعبة السياسية والتي انقلب عليها الاميركان أولاً والدول المجاروة، والتي لم تقبل وصول حماس للحكم، وكذلك تجربة الإسلاميين في الجزائر سابقاً والتي انقلب عليها العسكر، وبمباركة فرنسية وتدخل أجنبى إذا الشاهد أن التجربة الديمقراطية التي تأتي بالإسلاميين هي تجربة منبوذة وتبيح أي شكل من أشكال الضرب تحت الحزام وما تعانيه التيارات الإسلامية والتي صعدت للحكم في المنطقة العربية دليل على ما ذكرت، وهو الضرب تحت الحزام بطريقة غير ديمقراطية، لطالما تشدق بها الغرب ومن شايعه من النخب الليبرالية بالمنطقة.. وفي تقديري لن يصح إلا الصحيح، وكذلك ليس من العدالة الآن أن نقيم كل هذه التجربة، والتحولات وعمرها لم يتجاوز العام، وأن التحولات السياسية الكبرى لا تقاس هكذا بهذه الطريقة غير الموضوعية في هذه الأشهر، ولكن يمكن قياسها بعد فترة من الزمن، وكل مايمكننى أن أقوله إن المنطقة كلها تعيش مرحلة مخاض وتحول فى ظل متغيرات كبرى فى العالم أبرزها حالة الركود الاقتصادي وفي ظل ضعف سيادة الدولة في القرن الواحد والعشرين، وفي ظل التمدد المفاهيمي الأممي وثورة الاتصالات والمعلومات، وقد سميت الثورات العربية بثورات الفيس بوك وغيرها من المواقع الاجتماعية، وكل هذه المحددات والمتغيرات العالمية والاقليمية تجعلنا نتروى قليلاً في إصدار الرأي، ثم بعد حين يمكن أن تكون هناك رؤية سياسية أو رأي حول ما يحدث، لكن أبرز الشواهد تقول إن الغرب يرفض نتائج هذه الديمقراطية التي جاءت بالإسلاميين للحكم ،وكذلك جزء من دول المنطقة تخشى أن يتمدد اليها هذا الخيار الثوري وبالتالي تحرص على الإجهاز هذا الحراك الشعبي الثوري وإفشاله، بحيث أن تعيد الأمور الى نصابها الذي تظن، ولكني أحسب أن الأمور لن تعود كما كانت، ولن يستطيع الغرب أن يبعد الإسلاميين عن اللعبة السياسية مرة أخرى، إلا إذا كانت هنالك رغبة في تنفيذ سياسية الفوضى الخلاقة في المنطقة …!!

عودة للتجربة الإسلامية السودانية والتي ذكرت بأنه يمكن أن تدرس، وبمعنى مقارب أن يحتذى بها.. لكن الواقع يقول حتى التجربة الإسلامية ورغم بعدها التاريخي هي الآن تعاني وظهرت فيها أصوات للإصلاح، كذلك لم تنجح في معالجة أزمة السودان، بل تفاقمت أزمته.. ما قولك ؟
– أنا كما أسلفت.. قلت إنها تجربة يمكن أن تدرس ولا أقدمها كتجربة في سياق أن يحتذى بها، أو كما وصفتها أنت بالمقاربة …والفرق بين المعنيين كبير ..ان تُدرس التجربة يعنى أن نتعلم من الأخطاء والإيجابيات في الكثير مما حدث من حراك.. أما الاحتذاء فيعني الغاء العقل واتباع التجربة مباشرة.. لذلك أعود وأقول إن تجربة الحركة الإسلامية السودانية هي تجربة إنسانية وجهد بشري فيه الصواب وفيه الخطأ، وهي تجربة لنتاج فكري قاصدة نحو مثال يعبر عن كمالات الإسلام، ويعبر عن كمالات المعاني والقيم التي حملها الدين الإسلامي الذي نقل الناس من عبادة العباد الى عبادة رب العباد، ومن ظلم وجور وضيق الدنيا الى سعة الآخرة، ولكنها تظل تجربة لكي تتطور ولابد أن تتعلم هي ذاتها من أخطائها، وأن تكيف نفسها على التحديات التي تواجهها، وأن تستمر في تجديد دمائها ..التجربة الإسلامية السودانية رغم أن اختلافها عن التجارب الإسلامية الأخرى بأنها أتت عبر انقلاب عسكري للحكم والتجارب الأخرى جاءت عبر صناديق الاقتراع، والحقيقة هذه النقطة كان فيها حوار كبير بيننا والإسلاميين الذين في فترة من الفترات وضعوا مسافة بينهم وبين تجربة الإسلاميين في الحكم بالسودان، بسبب ظنهم أن محاربة ومحاصرة التجربة السودانية لأنها أتت عن طريق الانقلاب، وأن الوصول لابد أن يكون عن طريق الصناديق، ولكنهم اكتشفوا أيضاً بعد تجربة وصول الإسلاميين عبر صناديق الاقتراع بأنهم في ذات مربع المحاصرة والممانعة وأن القضية في الفكرة وليس في الطريقة التي أتيت بها في نظر الغرب ..

مقاطعاً.. لكن عفواً هل تبررين للحركة الإسلامية السودانية أنقلابها؟

– أنا لا أبرر ولكني اذكر وقائع ومواقف للغرب، لأن ذات الغرب والليبراليين وذات دول المنطقة رحبوا بانقلاب موريتانيا وهو انقلاب عسكري… لذلك أعود وأقول إن التجربة الإسلامية السودانية هي تجربة إنسانية نجاحها يعتمد على حرصها على تجديد نفسها وأن مؤتمرها العام الثامن الذي انعقد مؤخراً كان دليلاً على حركة التجديد، والذي حمل مؤشرات حقيقة في قضايا المعاصرة والمواكبة، وفي تجديد الأفكار وتجديد الأفراد وتجديد الهياكل والبنية التحتية للحركة، وهذا ما حدث.. والمؤتمر كان مطلوباً منه أن يعبر عن استيعاب الحركة للتحديات الموجودة حولها ووعيها بها، والتجديد يعني مساحة كبيرة في التأكيد على العلاقات الخارجية والحركة الإسلامية السودانية، جزء من تيار فكري عريض وهي حركة تغيير اجتماعي وفكري وبرز هذا من خلال المشاركة الكبيرة في هذا المؤتمر، وكان مطلوباً أيضاً أن يرسل المؤتمر رسائل تطمين بأنه شريك فعَّال، يقوم بما يؤمن به بذات المعايير المعروفة للعبة الديمقراطية المعمول بها في العالم، وقام المؤتمر بإعلان ذلك في البيان الختامي.. والشاهد تجربة الحركة الإسلامية في المؤتمر العام الثامن كان فيها نقد عالٍ للذات، لم يحدث من قبل في المنطقة عموماً، وقليلاً جداً ما نرى مثل ذلك أو نسمع عنه، وكان نقد بصوت عالٍ وواضح لقضايا حيوية مست الدولة والحزب، وهذا كله دليل عافية ونجاح، والحركة أثبتت في المؤتمر أنها على مستوى التجديد والمشاركة من خلال الحضور، وكانت المشاركة الفعالة في التداول لأكثر من 60% ونسبة النخب المتعلمين حوالى 70%الى 80% وكذلك تمثيل الفئات من المرأة والشباب، وهذه هي المؤشرات التي تقاس بها نجاح الحركة، ونحن هنا لا نتكلم عن حزب لأن الحركة هي انتماء فكري تعطيه ولا تأخذ منه، وهذه مقاييس مختلفة تماما ًعن الحزب السياسي.

هل السلطة فتنت الإسلاميين الذين في الحزب الحاكم والحركة الإسلامية، ومما أدى الى تراجع الفكرة والمشروع …أم أن وجود المحاصرة والمصادمة المستمرة مع المعارضة داخلياًوخارجياً سبباً آخر للتراجع ؟

– هناك حديث بدأت به ولابد من تفكيك مصطلحاته.. أولاً أن الحركة الإسلامية تيار فكري وحركة تغيير اجتماعي وجزء من اهتمامتها هو السياسة، لذلك لن يكون صحيح أنها فُتنت بالسلطة أو تراجعت عن فكرتها الدعوية.. وحقيقة عندما نقيس فكرة ومشروع الحركة الإسلامية ودعوتها في المجتمع نقيسه بانتشار عدد المساجد في البلاد وبمستوى التغيير الاجتماعي للسودان، فالذي نراه اليوم ليس مثل ما كان السودان في الستينيات والسبعينيات، وذلك لارتفاع مستوى الوعى بالإسلام وقضاياه وتحدياته، ومدى تعاطينا معه لانتشار الدعوة الإسلامية.. أما الحزب فهو كما قلت محاصر بعدة صعوبات منذ أن استلم السلطة، ورغم ذلك لديه برامجه وخططه الماضي فيها….

مقاطعاً.. على ذكر الأثر الديني وانتشار المساجد بفضل الحراك الدعوي للحركة كيف تردين على ظهور حالات التنصير في المجتمع وارتفاع معدلات العنف والصراعات الدينية الإسلامية التكفيرية؟

– أقول أحياناً كثيرة نحن نحتاج- في جملة من القضايا- أن نأخذ الأمور في السياق الكلي… السياق التاريخي والسياق الاجتماعي، ومن الظلم قياس تجربة بدأت منذ الاربعينيات بنماذج لقضية التنصير الأخيرة.. فتجربة الحركة الإسلامية في السودان أنا اعتبرها تجربة ناجحة في مجال الدعوة، ويمكن كما قلت بانتشار المساجد وفي رمضان هجرة الشباب الى المساجد، وتقديم الشباب لحركة الجهاد الواسعة وتقدمهم في الجامعات ليمثلوهم في الاتحادات، وكذلك على مستوى الأطراف والدعوة نجد بناء دور تحفيظ القرآن والزوايا المنتشرة، ويمكن قياس ذلك أيضاً في الاقتصاد الإسلامي والصيرفة الإسلامية التي أصبحت انموذجاً يطبق ويحتذى به، وكل هذا لا ينفي الحاجة والرغبة الى التطور والتجديد والمواكبة، وهذا ما طرح في المؤتمر الأخير وهي تجربة ليست كاملة- كما قلت- بل هي مليئة بالعبر والتحديات، وقد يكون جزءاً من القضايا التي ذكرتها من عنف وتكفير وقضايا تنصير ليست مستهدفة فيها الحركة الرسلامية، بل المستهدف هو الأمة والوطن والمجتمع السوداني.. فالشاهد أن قضايا التنصير الآن تتحدث بها ليبيا، وهناك أيضاً مصر واليمن، فهي حركة كنسية تنصيرية عالمية، السودان ليس استثناء منها، وأنا أقول للمجتمع إن فعاليته لا تنحصر في ما تفعله الحركة الإسلامية وحدها، بل أن تتحرك كل مكونات المجتمع ضد القضايا التي تمس أمنهم ودينهم وسلامتهم من الأسرة ودورها والتراتبية والرعاية من الآباء والأمهات والشيوخ والمعلمين والمثقفين حركة مجتمع كامل لا تتحمله الحركة الإسلامية وحدها، رغم أنه كانت مبادرة في أمر الدعوة عبر المنظمات الإسلامية التي كانت سباقة في نشرها مثل منظمة الدعوة الإسلامية وغيرها من المنظمات على نطاق السودان، بل في افريقيا وغيرها من البلاد

صحيفة آخر لحظة
عيسى جديد
[/JUSTIFY]

تعليق واحد