عبد اللطيف البوني

غضبة الطيب صالح


غضبة الطيب صالح
سمعت بJ(اضاني الشقية دي البموت وبياكلها الدود) كذا مرة الراحل المقيم الطيب صالح وهو يجيب اجابات مختلفة عن حكايته مع مصطفى سعيد بطل روايته العالمية الذائعة الصيت (موسم الهجرة الي الشمال) هل هو الطيب صالح نفسه بمعنى ان الطيب صالح صاغ مغامراته النسائية الخاصة في رواية تحت اسم مستعار وهو مصطفى سعيد وذلك لان هناك اوجه شبه في السيرة الذاتية خاصة الهجرة من شمال السودان والى شمال الدنيا في بريطانيا فكان دوما يرد بالنفي ولكن بتبريرات مختلفة في مرة سمعته يقول ليته كان في فحولة مصطفى سعيد . وذات مرة قال ان كان لابد من ان يخلع الكاتب نفسه على احد شخوصه الروائية فان الطيب صالح يرى نفسه الاقرب الى شخصية الزين فهو برئ مثله ومنفتح على الاخر مثله ولكن تنقصه الفيوضات العرفانية التي يتحلى بها الزين الاشارة لارتباطه بشيخ الحنين
ذات مرة غضب الطيب صالح من تشبيهه بمصطفى سعيد او تشبيه مصطفى سعيد به واعتبر ذلك القول مؤامرة لتشويه الرواية ولحرمانه من صفة انه مبدع وان مثل هذا القول على حسب قوله يختصر كل العملية الابداعية في ان شخصا كتب سيرته الذاتية وانتهى الامر وتوسع في الامر قائلا ان هذا حدث للمتنبئ من قبل عندما اختزل بعض النقاد سيرته الابداعية في انه شخص باحث عن الحكم والسلطة لذلك اصبح مطية لها وحدث لابي نواس عندما اختصره البعض في شخص باحث عن المتعة فاصبح عبدا لها واضاف الطيب صالح قائلا ان مثل هذه الاقوال تجرد الادب من البعد الفني وتحوله من خانة الابداع الى خانة الاعترافات الخاصة
رغم الغضبة المضرية للطيب صالح اعلاه الا انه اعترف بان اي قاص لديه علاقة حميمية مع شخوص رواياته وهو يتعاطف معهم ويدافع عنهم ولم يستبعد انه قد يحاول تقليدهم ووصف هذا بما يسمى مخاطر المهنة فالنجار قد ينغرس فيه مسمار او يجرحه منشار والجزار قد تصيبه سكينته او يقطع صباعه بفراره كذا الكاتب قد تصيبه شظية من شخوصه نسبة لالتصاقه الشديد بهم ولعل هذا مايسميه علماء النفس المعاصرين بتشوهات المهنة فالاطباء النفسانيون متهمون دوما بانهم اصبحوا مريضين نفسيا لاحتكاكهم بمرضاهم ولكنهم ينفون ذلك لدرجة تجعلك تظن بهم ذات الظن وبهذه المناسبة سئل الراحل المقيم الدكتور حسبو سليمان الطبيب النفسي المشهور عن علاقته بمرضاه بعد ان يفارقهم فقال انها علاقة وطيدة وحكى قصة احدهم انه بعد ان عالجه رجع الى اهله بالشمالية ومن هناك ارسل له قفة بلح وبعد يومين جاء للخرطوم وقابل الدكتور حسبو وقال له انه جاء من الشمالية خصيصا ليتاكد من وصول قفة البلح ولايرى الدكتور حسبو في هذا التصرف خروجا عن المالوف
هذا الموضوع اعلاه عبارة عن خاطرة وردت لي بعد مشاهدة السهرة الرائعة التي قدمتها قناة النيل الازرق في العشرين من رمضان الحالي مع اثنين من المختصين في علم النفس وطبيب نفساني وعدد من دارسات علم النفس وموضوع الحلقة الاساسي هو هل يتاثر المريض النفسي بمرضاه لدرجة انه يصبح مثلهم ؟

حاطب ليل- السوداني
[email]tahersati@hotmail.com[/email]

تعليق واحد

  1. والاجابه شنو ياالبوني؟؟ هل يتاثر الاطباء النفسانيون بمرضاهم. كلنا خايفين من الحكايه ده وخاصه لو واحد من العائله قال عاوز يقرا طب نفسي خلاص وده من كتره ما سمعنا انو الاطباء بقوا مجانين وحتي المسلسلات وخاصه المصريه بتحكي عن جنون الاطباء النفسانيون .احتمال احتكاكهم الكثير بمرضاهم يؤثر عليهم والله اعلم. وكل عام وانتم بخير