جعفر عباس

تسليع لبيبي والعروس والأخلاق


تسليع لبيبي والعروس والأخلاق
ذُهل الشاعر احمد شوقي عندما سمع بالغواصة التي تسير تحت الماء وتقدر على رصد اساطيل العدو وضربها وتدميرها، وكتب قصيدة مطلعها:
ودبابة تحت العباب بمكمن
أمينٍ ترى الساري وليس يراها
هي الحوت أو في الحوت منها مشابه
ولو كان فولاذا لكان أخاها…
ولكن الشاعر أدرك ان هذا الاختراع المذهل أداة دمار وفناء فأنهى قصيدته بقوله: وأفٍ على العلم الذي تدَّعونه/ إذا كان في علم النفوس رداها،… ومنذ صباي وهذا البيت عالق بذاكرتي، أستعيده كلما سمعت بمكوك الفضاء والهاتف النقال وطائرة ستيلث والنعجة دولي ورزان مغربي! وأصبحت مقولة «أف على العلم..» ترد على لساني في السنوات الأخيرة على مدار الساعة، بعد ان أصبح العالم كله سوقا مفتوحة وكل شيء فيه قابلا للبيع والشراء، ومن أشهر «المتاجر» في العالم موقع على الانترنت اسمه إيبايyaBe وهو عبارة عن موقع دلالة ومزادات يعرض فيه الناس من مختلف انحاء العالم خمسة ملايين نوع من السلع يوميا، وكانت أكثر «سلعة» شدت مواصفاتها انتباه الملايين هي: فتاة أوروبية في السابعة والعشرين تنتمي الى عائلة معروفة وتقدر ثروتها الخاصة بـ 23 مليون دولار تبحث عن زوج مواصفاته كذا وكذا (لن أخوض في هذه التفاصيل كي لا يتوهم قارئ أنه الفارس المنتظر ويحسب ان ابا الجعافر تحول الى خاطبة تتلقى عمولات من مليونيرات أوروبا البائرات).. وموقع المزادات هذا «لا ينضحك عليه».. يعني لا ينشر إعلانا قبل التحري والتأكد من ان صاحبه او صاحبته شخص حقيقي وجاد!!
وبالتأكيد فإن هذه الفتاة بملايينها تلك ستجد «بدل العريس ألفا»، وستظل تتسلى بهم الواحد تلو الآخر، وقد «تمسك» في واحد منهم عندما تحس بأن ملايينها وشبابها في خطر، وقد أدى نجاح هذا الموقع ورواج سلعه الى تشجيع مواقع متخصصة للمزادات، كان آخرها موقع تم تدشينه في بريطانيا يوم 23 فبراير من عام 2003، واسمه moc.dedulcnI toN ويقف وراءه شخص اسمه جون غونزاليس، ويتخصص هذا الموقع في بيع بويضات نسائية للراغبات في الحمل في ظل معاناتهن من مشكلات في المبايض، وكان نفس هذا الشخص قد افتتح قبل عامين موقعا لبيع الحيوانات المنوية عبر الانترنت ويتعهد «للمتبرعين والمتبرعات» بأنه لن يكشف هوياتهم.. طبعا ليس هناك شخص عاقل يتبرع لتاجر بحيوانات منوية او بويضات بل المسألة تجارة في تجارة، وزبائن هذه السلع أشخاص بالضرورة لا «يعانون» اي وازع ديني او أخلاقي!! ماذا تعرف المرأة التي تقبل ان تحبل بجنين تم شراء عناصره من بقالة الكترونية عن الأمراض الوراثية التي يعانيها صاحب الحيوان المنوي او البويضة؟ ومسألة أخرى هي أنه حتى العاهرة المزمنة ترفض ان تتعرض للاغتصاب لأنه نوع من انتهاك الخصوصية، ولكن أوليست المرأة التي تضع في رحمها حيوانا منويا لرجل ليس زوجها تتعرض لنوع بشع من الاغتصاب الطوعي؟ المسألة برمتها ناجمة عن ميل جديد في ظل العولمة نحو التكويش والملكية الفردية.. والاطفال سواء أتوا عن طريق شراء مكوناتهم، او شرائهم جاهزين من بلاد فقيرة مثل كمبوديا ورومانيا صاروا مجرد سلعة.. ويا خوفي ان ينتهي بنا مشروع الإصلاحات الأمريكية الذي سيطرحه الجمهوريون إذا أطاحوا بباراك أوباما الى مرحلة يقال لنا فيها: عندكم فائض أطفال للتصدير وقوانين التجارة الحرة تلزمكم ببيعهم للراغبين في الشراء! يعني حتى بعد «الاصلاح» سنظل كما نحن نلد للموت ونعمر للخراب!

[EMAIL]jafabbas19@gmail.com [/EMAIL]

تعليق واحد

  1. مرات عديده يا جافر أباس !!الناس بتنسي الوزاع الديني والاخلاقي لما يجي علي الحرمان ومن الاطفال خاصه شوف عمر بن أسامه بن بلادن لما زوجته طلع عند مشكله في الحمل قاموا استأجر امرأة اخري ووضع البويضه والحيوان المنوي فيها وهو اظنو مسلم.ودا ابن بلادن شيخ الاسلام ومحارب الكفار ومافي زول قال حرام.ولكن نحن عارفين انو حرام والنفس لاتقبل اطلاقا بذلك. ام عن الامراض الوراثيه للبويضه او الحيوان المنوي ودي بريطانيا اكيد عملت ليه مليون فحص وكذلك بيكون تم التحري والتأكد من سلامه المتبرع خوفا من التعويض لاحقآ.اما نحن المسلمين بعد ما تفشل كل الطرق الطبيه وطفل الانابيب نلجأ للزوجه الثانيه ومن ثم يتم خطف الزوج بطريقه غير قانونيه؟؟ ونكون خسرنا كل شئ وعليه العوض ومنو العوض؟؟؟