نادية عثمان مختار

جنوب كردفان .. النار ولّعت !!


جنوب كردفان .. النار ولّعت !!
بينما الأمة الإسلامية جمعاء تحتفل بعيد الفطر المبارك في كل بقعة في الأرض وتنتزع لنفسها أربعة أيام ترفل خلالها في حبور العيد السعيد تأتينا الأخبار المؤلمة من ولاية جنوب كردفان، لتنكد ملامح الفرحة وتلونها بلون الدم ورائحة البارود والموت، وتدق فوق الرؤوس طبولا للحرب أبت إلا أن تحصد أرواح الأبرياء وتسفك دماءهم الطاهرة لتتحول فرحة البيوت بإطلالة العيد المبارك للطم على الخدود وشق الجيوب من أخوات وزوجات وأبناء وبنات وأمهات ثكلى نائحات فقدوا أعزائهم وأحبابهم سنبلة ومن تحت رأس (شيطان) الحرب الذي يغرس نصل قرونه الحادة في خاصرة الوطن الذي لم يهنأ بالكم الهائل لتوقيعات اتفاقيات السلام ولم ينل جراء ذلك إلا انفصالا موجعا ومزيدا من الخراب المؤسس !
الأحداث المؤسفة المتلاحقة في ولاية جنوب كردفان والتي ( مسخّت علينا عيد الله) أخذتنا أيضا بتصريحات المسئولين من الجانب الحكومي والحركة لمجاهل التناقضات التي لا يستطع معها المرء أن يقف على حقيقة الأوضاع في الولاية ليعرف مدى الموت والدمار والخراب الذي لحق بها وبأهلها !!
الحقيقة أنني لم أتفاءل خيرا أبدا لمجريات الأحداث في جنوب كردفان بدءً بتصريح رئيس الحركة الشعبية في ولاية جنوب كردفان، عبد العزيز آدم الحلو، والذي قال فيه (إن حركته لن تأخذ إعلان الرئيس عمر حسن البشير وقف إطلاق النار في المنطقة من جانب واحد مأخذ الجِد)!! فمن مثل هذا الحديث كان يبدو جليا أن الأمور ستصير من سيء لأسوأ في الولاية المنكوبة وقد كان ؛ و طالعتنا الأنباء بما صرح به الجيش بأخبار مفادها (قتل 14 مدنيا وجرح 11 آخرون في هجوم نفذه الجيش الشعبي لتحرير السودان بجنوب كردفان على منطقة مرونجي جنوبي الولاية)!
وبالتأكيد موتى وجرحى من جانب الحركة فمن الخاسر غير الوطن وشعبه؟
هي الحرب إذن .. بكل ما تحمله الكلمة من معان دموية وحارقة للناس والوطن، خاصة وأن السيد الحلو لم يخف ذلك ولم يجمله حينما قال (إن الحركة الشعبية في ولاية جنوب كردفان لم تعد تثق في نظام البشير، وأن ميزان القوى في الحرب، التي تدور بين قوات الحركة الشعبية والجيش السوداني منذ شهور يميل الآن لصالح الحركة الشعبية) !! وهذا الحديث جد غريب ممن جرب طعم الحرب سنينا عددا ؛ فهل أجدت الحرب فتيلا أخي عبد العزيز الحلو في حرب السنوات الطوال بين الشمال والجنوب ليكون الاحتفاء بـ (ميزان) القوى في الحرب وكفته الراجحة لجهتكم أو الطرف الحكومي كما جاء في سياق الحديث المنسوب إليك ؟!
عدم ثقتكم في الحكومة حديث ليس بجديد ومعروف للحكومة قبل غيرها إذ كانت تتفوه به قيادات الحركة الشعبية دوما وستظل ولكن ذلك لم يمنع الدكتور جون قرنق بذات (تمرده وقوته) من الجلوس للحوار مع الحكومة ليس (من أجل سواد عيونها) ولكن من أجل حقن دماء شعبه ورعيته التي في ذمته ومسئولة منه وبالطبع من أجل (جنوبه) الذي أحبه حتى النخاع وعاش ومات بعشقه !!
الم يقلها د. جون ( الرمز) و( الأب الروحي) للحركة مرارا وتكرارا أن الحرب لغة أثبتت كامل فشلها في إيجاد الحلول للمشكلات مهما استطالت سنواتها ولن يكون الحل إلا من خلال الحوار وإخراس صوت البندقية ؟
فما الذي يجعل الحرب ميزانا للقوى في الحرب المشتعلة بولاية جنوب كردفان الآن ؟!
الحرب هي الحرب في كل زمان وفقط يختلف المكان ؛ لكن يظل طعم الفزع والموت والخراب واحدا لا ثان له !!
و
النار ولّعت ياربي طفيها !!

نادية عثمان مختار
مفاهيم – صحيفة الأخبار – 2011/9/3
[email]nadiaosman2000@hotmail.com[/email]