فدوى موسى

جمعة التقلية بالكسرة

جمعة التقلية بالكسرة
صديقتي تتأسف للحالة العامة من غلاء الأسعار والضغوط التي تلاحق المواطن وتجعله في مهب الريح وتعلن غضباً أنه لم يخرج للشارع، وصادف ذلك حضورها إلىَّ في يوم الجمعة التي هي للبعض جمعة للخروج للشارع للمطالبة ببعض الحقوق وكل الكرامة.. وهامزتني قائلة «اها يا زولة جمعتكم شنو» فلم أجد إجابة لحظتها إلا «جمعة التقلية بالكسرة»، وقد كنت سلفاً أعددت هذه الثنائية لفطور الجمعة ولأنها رأت أن هذا الرد فيه بعض الاستفزاز لغضبها النبيل رفضت أن تتناول معي الوجبة مرددة «لحدي ما تجيء الجمعة الجد جد بفطر معاك» وولت عائدة وعدت أراجع هذا الرد وما به من دلائل.. ولو تصبرت صديقتي لأدركت أن التقلية كانت مثل «البصارة» بلا لحمة ولا دهنها.. «آسفة صديقتي الغاضبة».

٭ كمل الكلام:

وصاحب عربة الخضار ينادي على خضاره «الطماطم.. البطاطس..» ونساء الحي من جانب الأبواب المواربة يتساءلن «عملت كم؟» ومن ثم يغلقن الأبواب وعمك «يطنطن».. «الشيء النسوان ديل بيوكلن أولادن ورجالهن شنو ما دايرات الخضار دا».. وحقيقة كمل الكلام من كثرة ما قيل في أمر الغلاء حتى باتت الكلمات تمر من حول آذان المعنيين مر النسائم نعومة ورقة وكأنما لا شيء يعنيهم، بل كأن الأمر يطربهم.. صديقتي تقول لي «لا أعرف فيما تفكر هذه الحكومة وقد حاصرها الغلاء والانفلاتات والضغوطات رغم ذلك تمارس عدم الاكتراث.. هل الأمر كذلك أم أن هناك أشياء فائتة علينا».. ولأنني لا أعرف الإجابة أدعوها لمراقبتهم في وسائل الإعلام المختلفة وهم يبدون في كامل هندامهم وأناقتهم وأمامهم صحانة الفول والحلوى يمارسون «القرمشة على أصولها» وأصمت على ذلك الجواب.. فما رأيك يا صديقتي.. عليك بالقرمشة أو الصمت المطبق.

٭ دموع اللؤلؤ:

أما العودة للوراء وجرد بعض الحساب النفسي واستيعاب أن دموع اللؤلؤ هي خزن اليوم وكل الغد.. انحني صبراً على بعض عثراتي وأبحث عن ذرائع فشلي في إدراك أن خزائني تحتشد بالنفائس الإنسانية وأن مغيب الوعي صدمة كبرى.. أما زال الزمن يسعفني أن أرد لروحي بعض ما يهدي من روعها.. أجبني بلا يأس ولا فتور فمن عساه أن يحتمل ما اغترفت يداي إن لم تفرج أنت عن مساحة الغفران والسماح.. ألا تقدر بعضاً من دموعي الغالية التي تبلل الوسادة كل ليلة.. ما أقسى أن توصد أبوابك عن طارق محمولاً على عشم المبيت خلوداً في داخل الدار.. لم تعد الدار دارك وحدك مليكي.. إنها ديار الحيارى اجعلها مفتوحة ولا توقف الركائب العابرة إلى ولوج السكينة وراحة البال.. لا أريدك أن تمارس الانتقاء والتصنيف.. اعطني شرف الوقوف أمام الأبواب مع الجماهير الهادرة صوب حصون شرفك الغالي.. اعطني ولا تنتظر مني أن اتفجر عطايا.. فقد سبقني سيف الوصف وجعلني بخيلة جداً.

٭ آخر الكلام

حتى مشاعرنا الإنسانية صارت في حاجة للخروج للشارع.. ما أصعب هذه الأيام وأثخنها بكل جراحات العشم.. أما زال الكلام ممكناً أم أنه وصل حدود العبارة «أن قلنا كل شيء.. ما تبقى منه شيء».

مع محبتي للجميع..

سياج – آخر لحظة
[email]fadwamusa8@hotmail.com[/email]