فدوى موسى

گيمياء الإنسان

گيمياء الإنسان
صديقتي تستشيرني وتخيرني في اتخاذ القرار، فقد تقدم لخطبتها «عبدو» الخمسيني العمر ذو المكانة الاجتماعية المرموقة، والآخر «الشاب» النكرة صاحب المرتب المحدود، أو هكذا أفادتني في قائمة المواصفات التي ساقتها في حديثها وكأنها تريدني أن أقول لها «أحسن ليك عبدو» وأرى أنها تريد أن تبرر فارق السن بينها وعبدو وترد الأمر إلىَّ «إنني التي شاورتها في الأمر».. فاضطر إلى «جررتها» في سلسلة أسئلة «ياختي.. انتي عبدو دا عندك معاهو أي بوادر تفاهم ومشاعر ولّه الحكاية بيت وعربية وقروش ووضع اجتماعي».. فترد عليّ «أنا شاورتك.. أنا الاتنين ما عندي معاهم فكرة».. «كيف الكلام دا دي حياتك انتي ما حياتي أنا.. ياختي شاوري زولاً تاني».. وبعد ثلاثة أيام جاءني منها تلفون قائلة «تعالي لينا في البيت بنجهز للعقد.. عقدي على عبدو يوم الجمعة الجاية» وعلى عجل وصلتها سائلة «هوي.. ياختي انتي و عبدو دا بينكم في كيمياء إنسانية؟» ولا أعرف من أين لي بتلك الجرأة غير المعهودة لترد مختصرة «استغفر الله».. وتمر الأيام والليالي وتتبعها الشهور وصديقتي كلما سألت عنها عرفت أنها في الخارج.. سفر وفسح وآخر رحلات عالمية.. واستحال عليّ أن التقيها في لحظة صفاء أو تجلي.. حتى كدت أن أنساها.. وفجأة الهاتف يعيدني إلى أيامها وحديثها ومسامراتها لتدفع لي بمفاجأة «أنا زهجت من عبدو دا».. «يا زولة السفر.. القروش.. العربات الفارهة.. البيت.. والمكانة الاجتماعية.. مالك يا زولة البطر دا في شنو..».. «يازولة بيت شنو.. ووضع شنو أنا الزول دا ما بيني وبينه أي كيمياء».. «صمت طويل».. ليكون الرد بلا تحفظ «انحنا قبيل شن قلنا»، ومن تلك اللحظة وأنا أحاول أن أمارس دور الوسيطة ما بينها وعبدو إلى أن انهار جدار صمتها معه وأنهى الأمر على تسويات يعرفها عبدو وتعرفها هي.. خرجت من هذه الزيجة ببعض «الغنائم» كما تقول، ولكنها عادت تسألني أن «الشاب النكرة صاحب المرتب المحدود اتصل عليها فما رأيي» لتجدني هذه المرة أكثر لؤماً وسخفاً «دي حياتك يا أختي»..

اخر الكلام:

الإنسان مجموعة مشاعر وكيمياء معقدة لا يعرف حدودها إلا الشخص نفسه، فالإطار الخارجي قد لا يحوي الصورة المطابقة لأبعادها.. ومبروك يا زولة مقدماً
..

مع محبتي للجميع..

سياج – آخر لحظة
[email]fadwamusa8@hotmail.com[/email]