فدوى موسى

تاني التعامل!

تاني التعامل!
مازال أهل السودان مذهولين حتى الآن بما جرى ويجري في كل بقاع البلاد من احتراب وتمدد آثاره.. و«الذهلة» هنا مخلوطة بـ«هلعة» من الجانبين المؤتمر الوطني والحركة الشعبية، فالرئيس يؤكد الوقوف مع الجهود الداعية للسلام ويقول لاعودة إلى البروتوكولات، ولكن فقط اتفاقية نيفاشا، قاطعاً بعدم السعي إلى شيء جديد ما لم يتم تطبيق ما اتفق عليه.. والحركة تلوِّح في خطابها التاريخي لإعلان دولة الجنوب أنها لن تنسى مناطق داخل حِمى الدولة المجاورة ولا يقول قادة البلد حيال ذلك «التكتح».. وما بين هذا وذاك طيف من امتحانات وابتلاءات محلها هذا السوداني الصميم.. ولكن موجة الغلاء وعذابات السوق الأخيرة شلّت حتى فكرة الاكتراث بتسلسل الإنفلات الأمني في أوقات الاحتراب أو الخروج عن الاتفاق وعلو صوت «البنادق والدوشكات والطيران» ما دام الحواجز والخطوط الحمراء صارت تحت أبواب تردد موجات السياسة ما بين الفرقة والعودة التي يقولون إنها مشروطة. نعم من حق أي سوداني أن يعيش في أرض أجداده وآبائه، ولكن هل أفسدت نوازع السياسة وحب السيطرة كل قيم الهوية والمواطنة والجنسية.. والشيء المدهش أن صوت البطون الآن علا فوق أصوات آليات ومتحركات الحسم العسكري، وبات خطر السوق على البلد أكبر من خطر العمليات العسكرية، ولكن كيف لا ينزلق الشارع في غياهب الاضطرابات كل قرار يتلبس بشبهة «مرجوع في مسماه» فهل وقفت القرارات على أبواب «سلك.. ألف أحمر».

ü أبدوا صغار تكبروا:

في هذه البلاد كل شيء يبدأ كبيراً ثم يضأل ويضمحل.. صديقتي تؤمن بأن الأفضل لأي شخص أو أي مجموعة أن تكون البداية صغيرة لتكبر، لا أن تكون كبيرة لتصغر.. ولا أعرف كيف يمكننا أن نصل لنظام حياة متكامل؟ فهل نبدأ من جزئية صغيرة ونتوالى في الجزئيات حتى نستطيع أن نتوازن في «سيستم» راكز«رغم أن الظروف المضطربة في البلاد لا تتيح الاستدامة في توالي أي حراك في خطة بما يؤمل له» إلا أن وضع لبنات للأفكار قد يدعم هذا الاتجاه أو أن نحاول مبدأ التغيير الكلي بصورة صادمة ومن ثم نحاول معالجة التبعات والآثار.. ولا زلت اعتقد بكثير من الجزم أن نظرية البداية الصغيرة يمكن أن تولد نتائج باهرة في كل عمل نقوم به ولكن كيف نبدأ؟ والبدايات الصغيرة قد تكون رؤوس خيوط ضائعة في وسط نسيج الحياة العامة والخاصة.. حتى أن هذه الصغيرة تبعد عن مؤسسيها ضغوطات كثيرة تجعلهم في محل الاجتهاد بجد والطموح للتوسع.. صديقتي تعود وتقول أحياناً اللاواقعية في طرح البداية تصعب على المبتدئ المداخل والولوج إلى عمق العمل والإنجاز، رغم أن هناك شطاراً يبدأون كباراً ويظلون كباراً.. والكبير الله.. «المهم تبدأوا في شنو ما معروف؟».

آخر الكلام:

في بلادنا.. لنا ميزة سودانوية، في بداياتنا وفي نهاياتنا وفي تعاملنا.. في كل خلجاتنا واختلاجاتنا.. في كل سكناتنا وحركاتنا.. ولكن لابد من أن نبدأ من زاوية جديدة لم نعرفها بعد في المسير.

مع محبتي للجميع..

سياج – آخر لحظة
[email]fadwamusa8@hotmail.com[/email]