مرة أخرى .. التعليم الاجنبي في الميزان
أود أن أركز على النقاط التي وردت في مقال الإنتباهة متوخياً التسلسل حسب ما ورد في المقال. الأهداف القومية ــ الإيجابيات: دراسة د. حمدان أحمد حمدان أبو عنجة: «تقدّم تلك المدارس خدمة تعليمية باللغة الإنجليزية لأبناء السودانيين العاملين بالخارج».. هل هذا هو الهدف والغاية لنشوء تلك المدارس؟ ولو سألنا كم عدد أولئك الأبناء حتى تكون هناك 50-60 مدرسة أساس وثانوي؟ ما هي تلك الدول التي عاد منها أولئك الأبناء وما هو نوع التعليم فيها؟ من المعلوم أن90% من السودانيين العاملين بالخارج يوجدون في دول الخليج وأكثر من 80% منهم بالمملكة العربية السعودية ــ وبخلاف السعودية ــ توجد ببقية دول الخليج مدارس أجنبية يمكن أن يلتحق بها أبناء المغتربين إن أرادوا وهي مدارس أكثر استقراراً وتجهيزًا وحداثة وأكفأ معلمين وتفوق الموجود عندنا عشرات المرات. وفي السعودية أكثر من 95% من أبناء العاملين العرب المسلمين منتظمون في مدارس وزارة المعارف حكومية أو خاصة.
السلبيات: ذكر منها: 1/ تجسيد الخالق وتشبيهه بما لا يليق به. 2/ رفض بعض تلك المدارس تدريس مادة التربية الإسلامية أو عندما تدرس في بعضها تكون بوجهة نظر شعبية. 3/ تدريس الحروب الصليبية بوجهة نظر غربية صليبية. 4/ تدرس المحرقة اليهودية والتي لا يوجد مسلم بل لا يجب ألاّ يوجد مسلم يعترف بها. 5/ تاريخ السودان مجهول تمامًا وجغرافيته تدرس خطأ .. مثال خلو الخرائط من مثلث حلايب 6/ احتواء المنهج على الثقافة الجنسية وتشمل الواقي الذكري، الإجهاض، حبوب منع الحمل، الإخصاء الاختياري للرجل وقطع أنابيب فالوب لدى المرأة ولكنهم أغفلوا شيئاً مهمًا وأعتقد أنهم سوف يضيفونه لاحقاً عندما يستوعب تلاميذهم الجرعات السابقة أقول نسوا حق المثليين في الزواج والعيش دون تمييز وحرية العمل في كل مرافق الدولة بما فيها الجيش والأمن أليس هذا ما يوجد في المناهج الأمريكية والبريطانية والفرنسية؟ ألم يشيّد المثليون مسجدًا في فرنسا؟ هل حقًا نحن في دولة عربية ومسلمة ناهيك من دولة المشروع الحضاري الذي يصدعون به رؤوسنا ليل نهار؟
لنسأل بكل بساطة ما هي الجهة المسؤولة عن وضع المناهج وتحديد أهدافها ورسالتها لخلق المواطن الذي يمكن أن ينتسب لهذا الوطن دينًا وخلقًا وقيمًا ويحمل همومه؟ ليتهم أرجعونا للمناهج العلمانية التي كنّا ندرس قبل مناهج المشروع الحضاري لأنها على الأقل زرعت فينا المروءة والحياء والانتماء لهذا الوطن. فيما وزارة التعليم هل كل من أتى من أمريكا أو بريطانيا أو فرنسا أو حتى نيكاراجوا متأبطاً كل أنواع السفه والعفن التي يسمّيها مناهج يسمح له بتزيينها وتدريسها لأبنائنا ونحن نتفرّج وبمنتهي البله والغفلة فاقدين كل إرادة لوقف هذا العبث. ألا يعني ذلك أننا ندفع هؤلاء الأبناء للتغريب والتيه والانتماء لتلك الدول والثقافات مجاناً؟ والآن دخلت اللعبة المدارس التركية والذي يريد أن يعرف عن المدارس التركية فليرجع إلى تحقيق «الإنتباهة» العدد 2567 بتاريخ 28/4/2013م وليقرأ رأي الأستاذ عبدالله عمر آدم مدير الإدارة العامة للتعليم الخاص في تلك المدارس ورأيه في المعلم السوداني الذي يعمل بتلك المدارس مقارنة بالمعلم التركي ومجموعة التبريرات التي قدّمها ليجمّل بها الأوضاع في تلك المدارس ويجعلها أحد الحلول لمشكلات التعليم في هذا البلد المنكوب برجال التعليم فيه وعندها سنرى إلى أي مدى وصل بنا الانحطاط.
ذكر الأستاذ الطيب مصطفى النور مدير مدارس القبس أن منهجهم مُعتمَد من جامعة كمبردج وتحت مظلة المجلس البريطاني في الخرطوم حيث يتم تدريس المنهج البريطاني الوطني وأن وزارة التربية البريطانية تصدر قائمة بمخرجات التعليم!!! حسبنا الله ونعم الوكيل وإنا لله وإنا إليه راجعون هذا يحدث بعلمك وأمام ناظريك يا وزارة التربية والتعليم الأمر الذي لم يحدث وبريطانيا كانت تسيطر على كل مقدرات البلاد ولم تفرض علينا المنهج الوطني البريطاني.
كذلك ذكر الأستاذ أنهم لا يجاملون المناهج التي تتناقض مع عاداتنا وتقاليدنا والتي بالنسبة لهم خطوط حمراء!! فبالله أسألك كرجل تعليم متى كانت العادات والتقاليد معيارًا للتعليم؟ ألا يوجد شيء أكثر ثباتاً ووضوحاً ومرجعية؟ هل الذي تقوم به تلك المدارس لا يتصادم مع أساس عقيدة وسلوك أهل هذا البلد؟
وأيضاً ذكرت إحدى الأمهات أنها خريجة أعرق الجامعات السودانية إلا أنّ ابنها يجيد اللغة الإنجليزية أفضل منها والسؤال هل كل الغرض من التعليم الأجنبي إجادة اللغة الإنجليزية وماذا عن الأهداف التربوية الأخرى؟
سيدي وكيل وزارة التعليم كيف صدَّقتم لهذه المدارس أن تعمل ولم تقوموا بدراسة مناهجها والأهداف والإضافة التي تقدِّمها للتعليم وتفكرون الآن في مراجعة تلك المناهج ومعالجة الخلل فيها؟ ألا ينطبق على فعلكم هذا المثل السوداني «الجس بعد الذبح؟» أقول لكم بكل وضوح إن وجود هذه المدارس والسماح لها بالعمل وترك أبنائنا لتصيغهم تلك المدارس هو الخلل الأكبر في تاريخ الوزارة التي أؤتمنت على مستقبل هذا الوطن وبنيه ولكنّها ضيَّعت تلك الأمانة، فهذا العمل لا يخرج عن كونه بيعًا بالمجان لمستقبل هذا الوطن.
أخيراً المعذرة إذا خرجت عن الموضوع قليلاً لأن الذي يحدث لا يخرج عن أن وزارة التربية والتعليم فقدت البوصلة تماماً ولم تعد هي القائد للعملية التربوية وأصبحت تتمسك بالقشور دون اللباب واصدق مثال على ذلك ـ «مؤتمر التعليم» الأخير والذي تحدثت به الركبان والذي انعقد لمدة ثلاثة أيام.. تصور كل هذا التردي الذي حدث في التعليم احتاج لثلاثة أيام لمعالجته وكان من أهم مخرجاته إضافة سنة للسلم التعليمي القائم والمقترح أن تكون في مرحلة الأساس!!!
ولا أدري إن كان الذين توصلوا لهذا القرار وهو «إضافة السنة إلى مرحلة الأساس» هل استوعبوا خطورة هذه الخطوة؟ أقول للذين أرادوا معالجة قضايا التعليم بهذه الطريقة الخالية من أي مسؤولية أما سمعتم ماذا فعل الإخوة المصريون لمعالجة مشكلات التعليم عندهم كوّنوا لجنة وأعطوها ثلاث سنوات لاحظ الفرق ليس ثلاثة أيام رغم أنّ التردي الذي حصل عندهم لا يساوي 10% من الذي أصاب التعليم عندنا وأول مقترح عندهم كان فصل الست السنوات الأولى أي المرحلة الابتدائية إلى مرحلتين مدة كل واحدة منهما ثلاث سنوات ومؤتمرنا الهمام أضاف سنة أخرى للمرحلة الابتدائية لتصبح تسع سنوات والله المستعان.
عبداللطيف أبو الحسن محمد
مدرس بالمعاش ــ المرحلة الثانوية
سلمت يداك يا استاذ …هذا ندائك فهل من مستجيب