نادية عثمان مختار

أبو عيسى وتهمة ( العمالة) وبلاغ ضد الحكومة !!


أبو عيسى وتهمة ( العمالة) وبلاغ ضد الحكومة !!
بالأحمر الوهاج والمانشيتات العريضة اعتلى صحف أول أمس خبر (اعتقال) الأستاذ فاروق أبو عيسى، القيادي البارز بقوى الإجماع الوطني، فكان الترقب سيد الموقف، وكحال أفلام ( الأكشن) الأمريكية كنا نتوقع ان تستمر الأحداث عاصفة، خاصة بعدما تسرب خبر مفاده أن الأستاذ أبو عيسى (عميلا) مرتمي في أحضان الغرب، وقد طلب من السفارة الهولندية تمويل المعارضة لإسقاط النظام؛ فزاد الترقب لما هو آت من أحداث ساخنة ستملأ صفحات الصحف ومواقع الإنترنت بالكثير المثير من الإفادات من قبل السلطات المعنية ودفاع الأستاذ فاروق؛ ولكن خابت التوقعات عندما وجدنا أن السلطات أطلقت سراح الأستاذ فاروق بعد سبع ساعات كانت المحصلة فيها مجرد ( ونسة) عادية عن الوضع الراهن؛ وعلاقة أبو عيسى بالسيد الميرغني، إضافة لحليفته (بالطلاق) بأنه لا يعرف مقر السفارة الهولندية بالخرطوم ولم يطلب منهم أموالاً لإسقاط النظام !!
هي مسرحية هزلية أخرى إذن تبدأ برفع الستار والتلاعب بالإضاءة والمؤثرات الصوتية لإضافة التشويق والإثارة على الحضور والمشاهدين ثم يكتشف المتابع بعد ذلك بأن المسرحية في منتهى السخافة، وبايخة (جنس بوخ) !!
مسلسل ومانشيتات مكرورة لاعتقال مسؤولين في المعارضة، ثم يُعرّف الأمر بعد ذلك على أنه مجرد (استدعاء) ليخرج من قيل إنه اعتقلوه من المعارضين، مادحا في أخلاق أفراد جهاز الأمن وواصفا اياهم (بالمؤدبين) !!
وليحدثنا بعد ذلك أن الأمر لم يعدو كونه (ونسة) عادية عن أحوال البلد ثم إطلاق سراحه بعد ذلك !!
عندما قرأت خبر (اعتقال) الأستاذ فاروق أبو عيسى مشفوعا بتصريح لابنته نهلة التي قالت إن أباها قد اقتاده رجال الأمن ولم يسمحوا له بأخذ دوائه، كنت قد قررت الكتابة عن الأمر، وكيف أن رجال الأمن يقومون بهذا الفعل اللاإنساني وعن اعتقال المعارضين وعدم الديمقراطية في البلد وأشياء كثيرة أخرى؛ إلا ان حديث الأستاذ ابو عيسى وإطلاق سراحه بعد سبع ساعات من استدعائه أربكني فلم أعد أدري على ماذا استندت السلطات في استدعائه؟ ناهيك عن الحديث عن اعتقال ؟!
فاذا كان الرجل قد حلف ( طلاقا) أنه لا يعرف مكان السفارة الهولندية التي وجه له اتهام بالتخابر معها والعمالة لصالح إسقاط النظام فهل بهذا يكون قد أغلق الملف وراحت المانشيتات الحمراء ( شمار في مرقة)؟!
وماذا عن الرأي العام الذي تابع الأخبار منذ خبر الاعتقال وحتى الإفراج وتفاصيل المؤتمر الصحفي الذي عقده الأستاذ فاروق بمنزله، وهل يعد ذلك كافيا لإسدال الستار على خبر تصدر مانشيتات الصحف الرئيسية وشغل الرأي العام يوما أو بعض يوم ؟!!
اتهام الأستاذ فاروق ابو عيسى للحكومة بإشانة سمعة المعارضة، والوعيد بمقاضاتها ليس كافيا، ولكن مانريده هو (بلاغ) رسمي ضد الحكومة من قبل الأستاذ ابو عيسى، طالما أنه واثق من براءته ؛ وعلى كل حال فالرجل أراد إنقاذ نفسه وتبرئة ساحته من تهمة العمالة والارتماء في أحضان الغرب، ولكن لكي يثبت للعالم براءته فلابد من مقاضاة من اتهموه زورا وبهتانا، ولابد ان يرفع ابو عيسى قضية (رد شرف) ضد الحكومة؛ أو بالعدم فعلى الحكومة أن تثبت بالأدلة والبراهين (عمالة) ابو عيسى؛ أما غير ذلك فيصبح الأمر ضحكا على (الدقون) وأفلام باهتة السيناريو وضعيفة الإخراج !!
و
لا يسلم (الشرف) الرفيع من الأذى !!

نادية عثمان مختار
مفاهيم – صحيفة الأخبار – 2011/10/16
[email]nadiaosman2000@hotmail.com[/email]