جعفر عباس

مشروع لبيع الكلام

مشروع لبيع الكلام
قبل نحو عشر سنوات ثارت ثائرة عدد من الصحفيين السعوديين، لان صديقي بلبل كلينتون تقاضى مليون ريال، نظير مخاطبة المنتدى الاقتصادي الذي استضافته مدينة جدة وصار تقليدا ثابتا للمدينة، ورغم ان معظم الأقلام اعترف بان قيمة استضافة بلبل تكمن في استثمار اسمه على صعيد العلاقات العامة، أي للترويج للمنتدى عالميا، فانهم عبروا عن استيائهم بكفاءة واقتدار و«حقد»!! لأن كليتنون فاز بمليون نظير التحدث 30 دقيقة «كاملة»، فقلت لهم وقتها إن بلبل قبل ان يأتي الى المملكة، خاطب تجمعا في بريطانيا نظير 500 ألف إسترليني، أي قرابة ثلاثة ملايين ريال، فلا داعي للقرّ فتلك تسعيرة زعيم دولة عظمى محال الى أرشيف التاريخ!
هل تذكرون يا جماعة كيف انه قبل بضع سنوات كان أصحاب الشاحنات يكتبون عليها: ماذا يفعل الحاسد مع الرازق؟ إذن دعونا من الحسد والقرّ ولنفكر في طريقة للإبقاء على زيتنا في دقيقنا؟ بلبل تقاضى مليون ريال للتحدث نصف ساعة أي بواقع أكثر من 33 الف ريال عن كل دقيقة! وبهذا فإنني أدعو الى إنشاء شركة للكلام في بلاد الجامعة العربية، أكون انا مديرها المالي!!! ونستدرج إليها طويلي اللسان من الصحفيين والمواهب الجديدة التي ظهرت مع موجة «الشعب يريد تغيير النظام» فسرقوا الثورات وصاروا أوصياء عليها بطق الحنك، ونطيح في المؤتمرات كلاما يقطر عسلا،.. ولا تنسوا ان الكلام ببلاش، والرك على الوجاهة والعنطزة والكلام «الكبير» المطعم بشوية مصطلحات من فصيلة «الاعتبارات الجيوسياسية في إطار خطة استراتيجية تستشرف المستقبل المنصرم، وتستلهم الحاضر الستاتيكي الذي خسارة فيه «الاستيكة»، تكون تسعيرتنا بواقع دقيقة من الكلام بخمسة ريالات فقط – يا بلاش – طبعا مع الوجبات المجانية والإقامة الجبرية في الفنادق، ولأننا من جماعة الفول والويكة، ودقي يا مزيكا وترلم ترلملم شيكا بيكا، ونختلف عن بلبل بتاع السيجار ومونيكا، فسنقدم عروضا خاصة للمؤتمرات الكحيانة، ونخاطبها فقط نظير «بطوننا» بمعنى ان على تلك المؤتمرات فقط توفير الطعام والشراب (فنرتاح من الكبسة والفول وفطائر السبانخ)، وكلنا بدون فخر تلاميذ المدرسة الإعلامية العربية التي تجعل من الفقر رفاهية، ومن الاضطراب استقرارا، وتنصب الجاهل سيد العارفين، ولهذا كان القذافي عميد الزعماء العرب (هذا كلامه هو ولا داعي لتأويل هذه الجملة لمحاسبتي بالطريقة العربية التي تجعل الارنب يعترف بأنه ضبع)..تخيل أصداء وردود أفعال العالم عندما يقف ابو الجعافر أمام مؤتمر قائلا: ما كان هذا المؤتمر ليلتئم لولا الجهود المخلصة للسيد فهمان شكمان كنكان الجالس أمامكم في براءة الحملان، وما كان للامة ان تنتقل الى الألفية الرابعة بجرة قلم لولا براعته في الاستنكاف!! صدقوني يا أستاذ ان مثل هذا «الخرطي» يجيب دهب! ويمكن ان نختم كل مؤتمر بأغنية «لولا لولا لولاك»،..وسأسرد عليكم حكاية تؤكد جدوى «لولا»، سبق لي الكتابة عنها مرارا وتتعلق بمعلق رياضي سوداني فذ اسمه طه حمدتو (اسم سوداني صرف يأتي من تحوير كلمة «حمدتُه» أي حمدت الله)، وكان اكثر شعبية من جميع السياسيين عندنا مجتمعين، ولكنه كان ينسى نفسه عندما يذيع مباراة أحد طرفيها نادي الشاطئ الذي كان رئيسه، وفي ذات مباراة كان حارس مرمى الشاطئ ناشئا اسمه بندر وكان سخيا اذ سمح لـ 12 هدفا بدخول مرماه فقال حمدتو: ولولا براعة الشبل بندر لمني الشاطئ بهزيمة كبيرة!!

[EMAIL]jafabbas19@gmail.com [/EMAIL]

تعليق واحد

  1. في الحقيقة إنني أوافقك الرأي أستاذي العزيز في أننا شعوب كلامية أو هلامية سمها ما شئت يا عزيزي !!! لكن المحزن أن المخلص عندنا يتهم بالخيانة والمتملق و (المتعنطز) هو من يقرب ويستشار ويشار إليه أيضا” بالبنان ودعني أذكر قصة قديمة حصلت مع أحد السلاطين وهو أن السلطان سئم أكل اللحوم والأسماك ذات يوم!!! فقال لحاجبه ما عندكم للغداء اليوم ؟ فقال له كل خير يا مولاي فما تأمرني ؟ فرد عليه السلطان ألديكم طعام شهي من غير اللحوم؟ فقد تعبت معدتي و ترهل جسمي من أكل اللحوم .. فقال الحاجب على الفور ما رأيك بطبق من الباذنجان ؟ فرد عليه السلطان أحضروا لي هذا الباذنجان .. فلما أكل منه قال ما أشهى هذا الطعام !! فرد عليه الحاجب صدقت يا مولاي الباذنجان طعام شهي .. فلما أكثر منه وامتلأ بطنه من الغازات .. قال ما اسوأ الباذنجان .. فقال الحاجب صدقت يا مولاي فالباذنجان طعام سيئ .. فإستغرب السلطان من تناقض أقواله فقال له كيف تقول أن الباذنجان طعام شهي ومن ثًم تذمه .. فرد عليه الحاجب وقال له (أنا خادم السلطان لا خادم الباذنجان) دمت بخير أستاذي العزيز.