جعفر عباس

لماذا زوغت كوندوليسا من كوريا

لماذا زوغت كوندوليسا من كوريا
صار من لا يجيد الإنجليزية يتعرض للبهدلة في سوق العمل وحتى في المطاعم: تدخل المطعم وأنت بالكاد تعرف ان شريحة اللحم اسمها «ستيك» وتلعب على المضمون وتطلب الستيك، فيأتيك السؤال: ويل دن أور هاف دن؟ فتقول بلاش من الستيك طالما الأمر يحتاج الى شهادة توفل، وتطلب فِش (سمك)، فيأتيك السؤال: فرايد أور قريلد؟ فتتوسل للجرسون: ممكن استعين بصديق، فلا يفهم قصدك ولكنه يحس بأنك مزنوق ويعرض عليك صور الأكلات الموجودة في المنيو فتنفرج أساريرك وتؤشر على الكفتة لأنك تحس بأن الأمر لن يستوجب المزيد من استجوابك!! ذلك ان الإنجليزية انتصرت على نحو حاسم على اللغات الأخرى بوصفها أداة لتكنولوجيا المعلومات وتبادل المعارف، ولكن من يجد الإنجليزية أو غيرها على حساب لسانه الأصلي، فقد يجد وظائف مغرية، ولكنه سيخسر روحه وجوهره وانتماءه، ولا أتردد في تشجيع كل شاب أعرفه على تعلم الإنجليزية وإتقانها، ولكن هناك لغة جديدة هي الماندرين وهي لسان غالبية أهل الصين ستصبح مطلوبة بقوة في سوق العمل لأن الصين ستصبح أقوى دولة اقتصاديا وعسكريا قريبا جدا! وسيتهافت الناس للعمل في الصين او الشركات الصينية، وكما هو معلوم فإن اللغة الصينية سهلة ولا يستغرق تعلمها أكثر من عشرين سنة.. يعني بدلا من ان توجع راس طفلك ابن الست سنوات بالمفعول به وس أس 9 ومناخ البحر الأبيض المتوسط وثاني اوكسيد الكرتون.. هات م الآخر وعلمه اللغة الصينية بحيث يكون ملمّا به بدرجة معقولة عندما يبلغ السادسة والعشرين، ويستطيع بالتالي التفاهم مع كفيله الصيني.
ذات مرة نشرت زاوية بعنوان: «نكستان» وهي مثنى نكسة وقلت إن النكسة الأولى كانت هزيمتنا على يد إسرائيل في 5 يونيو (حزيران) من عام 1967، والثانية انني رزقت بـ«بنت» هي مروة في مثل ذلك اليوم، (ويفترض في كل من تجري في عروقه ولو بضع قطرات من الدم العربي أن يفرح فقط بولادة الأولاد)، وتحصنت بالمعوذتين وقلت لمروة وكانت لغتها العربية وقتها عرجاء: خذي اقرئي هذا الموضوع، فقرأت العنوان وسألتني: نكستان دي في افريقيا وللا آسيا؟ وقد سبق لها ان سألتني وهي صغيرة عندما سمعت كلمة فلافل للمرة الأولى (نحن مثل المصريين نسميها طعمية): بابا، الفلافل نبات وللا حيوان؟
ولكن لا يعجبني الهوس باللغة الإنجليزية الى درجة ان البعض يحسب إتقانها يجلب المكانة الاجتماعية والثقافية الرفيعة، وفي الوقت نفسه لا يعجبني تحدث بعض العرب الإنجليزية مطبقين عليها قواعد اللغة العربية، وأعرف ان هناك آلاف العرب المستعدين لبذل النفيس للتحدث بالإنجليزية بلكنة أمريكية او بريطانية، وتتردد على ألسنتهم مفردات وعبارات من شاكلة: شيت..دام..صن أوف أ.. .. .. وما الى ذلك من ألفاظ سوقية اشتهر الأمريكان بها! وأنصح هؤلاء بالتوجه الى كوريا الجنوبية حيث تخصص جراح يدعى نام إيل وو في قطع غلالة رقيقة من الأنسجة من تحت اللسان فيتخلص من يخضع للجراحة التي تستغرق عشر دقائق، من عيب في النطق يعاني منه الكوريون، لأنهم يقلبون الراء الى لام، واللام الى راء، وهكذا يصبح اسم كاتب هذه السطور في كوريا «جافل» لأن حرف العين يتحول الى ألف، والراء في آخر اسمي تصبح لاما (ل)، وهذه بسيطة ولكن قد يذهب الواحد منهم في بلد ناطق بالإنجليزية الى مطعم ليطلب طبقا من الرز، وبدلا من ان يقول: أريد رايس يقول: أريد لايس، فيحتار الجرسون، لأنه سمع عن مطاعم كورية تبيع لحم الكلاب والصراصير والفئران والقطط والنمل ولكنه لم يسمع عن لايس مطبوخ لان «اللايس» هو القمل! وهل يحتاج القارئ الى تذكيره بأن وزيرة الخارجية الأمريكية كوندوليسا رايس السابقة (معشوقة الراحل معمر القذافي مما يدل على فساد ذوقه ليس فقط في مجال اللبس بل حتى في مجال النساء) حريصة على عدم زيارة كوريا بشطريها الشمالي والجنوبي لأن جميع وسائل الإعلام ستتحدث عنها بوصفها كوندوريسا لايس.. وبهذا جنبت بلادها اشعال الحرب الكورية مجددا بزعم ان وزيرة خارجيتها تساوي «قملة» في نظر الكوريين.

[EMAIL]jafabbas19@gmail.com [/EMAIL]

تعليق واحد

  1. عمت مساءا” أستاذي الفاضل .. صدقني إن قلت لك أن الشخص منا يجب أن يفرح بخلفة البنات أكثر من الأولاد .. ذلك أن الفتاة حينما تستقل عن أهلها فهي تستقل فقط بجسدها أما إرتباطها بأهلها فهو وثيق بل قد يزيد خصوصا” إذا كانت الفتاة ذات قلب كبير وحنونة .. أما الرجل فهو غالبا” مستقل عن أهله ولا يعلم عنهم إلا إذا كانت هناك مناسبة كبيرة تجمعهم أما عدا ذلك فالغالب كل(ن) مستقل بنفسه .. ودعني أذكر لك قصة حدثني بها أحد كبار السن ذلك أنه كان لديه من الخلفة إبنتين و ولد .. وكانت الفتاة كل يوم ترسل العشاء ساخنا” وطازجا” إلى أبيها مع إبنها بعد صلاة العشاء .. وذات مرة كان لدى إبنه مناسبة فقال لأبيه قل لأختي لا ترسل العشاء اليوم لأني سوف أرسله لك بعد المناسبة .. فقال الأب حسنا” إن شاء الله .. فلما أقبل الليل وتأخر الإبن وجاع الأب جوعا” شديدا” جلس الأب خاويا” ينتظر الفرج من رب العالمين .. وإذا بسائق إبنه يطرق الباب في ساعة متأخرة فلما فتح الباب وأخذ الطعام .. وإذا به طعاما” باردا” وليس من أطايب كما تفعل إبنته دائما” !!! فحمد الله وشكره أن أعطاه بدل الإبنة إبنتين .. دام قلمك نابضا” أستاذي العزيز .