جعفر عباس

حتى الناس صاروا فوتوكوبي!


حتى الناس صاروا فوتوكوبي!
استنادا إلى أسطورة يونانية قديمة، كتب المسرحي الايرلندي برنارد شو مسرحية بيجماليون، والتي تحولت إلى الفيلم المشهور «ماي فير ليدي»، وقد تُرجم بالعربية إلى «سيدتي الجميلة» وقام ببطولته كل من ركس هاريسون واودري هيبيرن، وهو عن استاذ لغة وصوتيات يعثر على ليزا دوليتل الفتاة الجربانة التي تبيع الزهور، وتتكلم إنجليزية الكوكني (وهي لهجة لندنية يصعب فهمها حتى على بقية سكان إنجلترا)، ويعلمها التحدث مثل الارستقراطيين، وأرغمها على الاستحمام يوميا، وارتداء ملابس راقية، فارتفع شأنها في المجتمع واصبحت ضيفة الحفلات «اللي هيّ» وشيئا فشيئا تنكرت للرجل الذي جعلها تصعد السلم الاجتماعي بالأوانطة! ووقعت في غرام شاب هايف. وتذكرت ذلك الفيلم وأنا اقرأ تقريرا في مجلة نيوزويك الأمريكية عن الاستنساخ، وكيف ان بعض الباحثين مازال يعمل سرا على استنساخ البشر، وتذكرت محمد الفايد ذلك المليونير الذي كان صاحب الدكان اللندني «هارودز» الذي سألت مرة في التسعينيات عن ثمن كيلو اللحم فيه فقالوا لي: 45 جنيها، فقلت لهم: جنيه سوداني؟ فكادوا يعلقونني مع خرافهم من عرقوبي (تذكرت أيضا الآن حكاية ذلك المريض في مستشفى للأمراض العقلية الذي أنقذ زميلا له من الغرق في حوض السباحة حيث غطس وانتشله فقرر الأطباء الإفراج عنه، من منطلق ان ما فعله دليل صحوة عقلية واثناء استكمال اجراءات خروجه من المستشفى، دخل ممرض ليقول للطبيب ان الشخص الذي تم إنقاذه مات مشنوقا، هنا قال المريض الذي كان قاب قوسين من الخروج إلى العالم الخارجي: اعرف ذلك لأنني علقته على الحبل كي ينشف)! المهم محمد الفايد كان اول من أعلن رغبته في استنساخ نفسه! ربما لكونه نرجسيا ويعتقد ان البشرية بحاجة إلى بقائه أطول مدة ممكنة، وربما لم يهن عليه ان يترك أمواله لغيره فرأى ان يستنسخ نفسه ويوصي بثروته للفايد المستنسخ! ويطيب لي ان أقول له مفيش فايدة يا فايد، لأن نسختك لن يكون أنت بالرغم من انه قد يشبهك 100%! بعدين فإن الدليل على ان البشرية لن تفتقدك هو ان بريطانيا لا تريد ان تمنحك جنسيتها، رغم الملايين المتلتلة التي يودعها في البنوك البريطانية، ومنحتها لصوماليين وسودانيين ومصريين وأكراد دخلوها من الشباك!
ابن آدم على وشك ان يصبح «ملعَبة» فالباحثون الذين يطلبون المجد لا يقيمون وزنا للاعتبارات الأخلاقية، فمعظم طالبات الاستنساخ في أمريكا من النساء السحاقيات، واذا نجحت التجارب فليس ثمة داع للزواج: الكل يسرح ويمرح مع من يشاء وعندما تكون هناك رغبة في الإنجاب يحك الواحد جلده ويقول للمختبر: خذ هذه،.. وهات واحد بيبي وصلّحه!! وقد يسرق الباحثون جينات هذه او تلك من كوب شاي او خصلة شعر فتجد امرأة مّا أن أخرى تشبهها تماما تمارس الدعارة، وان الكل يعتقدون أنها هي الفاجرة! وقد يقوم أحدهم باستنساخ وحش مثل هتلر،..بالمناسبة يعجبني في الغربيين انهم يرمون غيرهم بدائهم وينسلّون، فالعرب أمة إرهابية، ومع هذا فان من قتلهم الإرهابيون العرب، ومن قتلوا من الطرفين في الحروب التي دخلها العرب منذ فجر التاريخ لا يساوون نصف ضحايا هتلر في أربعة أعوام!! دعكم من هتلر: الطبيب البريطاني شيبمان وحده قتل اكثر من 400 شخص كانوا من مرضاه أي أمانة في رقبته، وهو في أسوأ الأحوال مجرم يستحق السجن، ولكن الطفل الفلسطيني محمد الدرة «إرهابي» يستحق الموت! ماذا قال احمد شوقي عند اختراع الغواصة:
وأفٍّ على العلم الذي تدعونــه
اذا كان في علم النفوس رداها!

جعفر عباس
[EMAIL]jafabbas19@gmail.com [/EMAIL]

تعليق واحد

  1. تحية طيبة أبو الجعافر ، هذه ليست أسطورة يونانية ، هي قصة واقعية حدثت بالفعل وتتكرر في كل البلدان والمجتمعات ،
    إلا أني أتساءل ! وأرجو أن أجد الرد ،، ما الذي كان ينتظره منها ذلك الرجل الكريم الذي مد لها يد العون ؟ أتبادله العطاء بالعطاء ؟
    أم تكون له حكرا ، بما أنها التمثال الذي صنعه ؟
    هذه القصة من أروع القصص التي تحولت إلى مسرحية في بريطانيا وفي مصر وبنفس إسم الرواية ( سيدتي الجميلة) والعجيب في الأمر أن ممثلي هذه الرواية كانوا يمثلون حقيقة أنفسهم ولم تكن مجرد تمثيلية . التحية لك أبو الجعافر ، على الرغم من أن المرأة لم تسلم من قلمك أيضا هذه المرة .