الجاني طليق
عاش الإماراتي أحمد علي في هم مقيم منذ أن تعرضت ابنته الصغيرة خلود، البالغة من العمر تسع سنوات، لعدوان غاشم أدى إلى فقدان أصبع في قدمها. والمجرم الذي لم يرحم هذه الطفلة الوديعة يعيش في إمارة رأس الخيمة بدولة الإمارات، وما زال حرا طليقا، لأن السلطات لم تتعرف عليه ولم تحدد هويته.. بل لم تبذل أي جهد للتعرف عليه ومحاسبته، مما اضطر والد الفتاة إلى رفع دعوى على المجلس البلدي.. ولكن القضية قيدت ضد مجهول ولم ينل الشاكي شيئا سوى الطبطبة على الظهر والحث على الإيمان بالقضاء والقدر «والأطباء ما راح يقصرون مع خلود، وإن شاء الله أجر وعافية»، ولا عتب على السلطات، لأن الجاني ماكر وخبيث، ونجح في الاختباء بين بني قومه. الذي قضم أصبع خلود فأر.. نعم ذلك الكائن القارض الذي يعشق التخريب ويهوى قطع الأسلاك.. والفئران مثل الكوريين يصعب التمييز بينها، ويقول أحمد علي والد الفتاة الضحية إن السبب في وجود الفئران في بيته هو وجود زرائب عشوائية للبهائم في الحي الذي يقيم فيه.. وفي المدن العربية الكبرى كافة توجد إدارات للصحة العامة وصحة البيئة، ولكن جميع هذه الإدارات لا تحرك ساكنا إزاء قيام البعض بتربية البهائم داخل بيوتهم (ما لم يكن ذلك في حي راقٍ حيث يسكن ذوو الألقاب الطنانة الذين يستطيع الواحد منهم استدعاء قوات الصاعقة إذا ظهر تيس متشرد في شارع قريب من بيته)، بل تعتبر السلطات وجود ماعز في بعض البيوت جزءا من الفولكلور، وتتعلل بأن من يربونها وسط عيالهم غلابة وفقراء، متناسية أنها بذلك تعرضهم لأمراض تزيدهم فقرا وتعاسة! قد تقول إن أبو الجعافر يتمتع بقدر كبير من البجاحة لأنه سبق له أن كتب مرارا عن نشأته في بيت كانت تمرح فيه الأغنام، وعن أنه مارس رعي الأغنام بل تعلم كيفية مساعدة الحوامل منها على الولادة، وأنه اعترف بأنه كان أحيانا يرضع من ضرع المعزة مباشرة مما يعزز فرضية أن له إخوة في الرضاع من الماعز! ولكن ذلك كان في بيت مساحته نحو ألفي متر مربع، بما يسمح بممارسة كرة القدم في فنائه في حرية تامة.. وعلى كل فكون أني تقاسمت العيش مع الأغنام في بيت واحد لا يعني أن ذلك كان أمرا صحيحا وصحيا.
تعود بي الذاكرة إلى أول إطلالة لي على الخرطوم قادما من قريتي، وأتذكر الحملات المنظمة ضد الكلاب الضالة، وكانت لي قريبة لا تشرب إلا لبن الغنم، وبالتالي لا تشتري اللبن من الباعة الجائلين، وكان صغار الحي يداهمونها بين الحين والآخر: خالتي.. خالتي.. التفتيش جاي، فكانت تقود عنزاتها إلى غرفة نوم وتضع أمامها تلالا من الحبوب والخبز الجاف، لضمان انشغالها بالأكل بدلا من الثغاء ولفت انتباه المفتشين، وكان هذا النوع من التفتيش تقوم به «زائرات صحيات»، يتمتعن بسلطة الضبطية القضائية وفرض وجباية غرامات فورية، وكانت أي بهيمة يتم القبض عليها في الشارع العام تتعرض للاعتقال والنقل إلى ما يسمى «الكاره»، وكان على صاحب البهيمة المعتقلة دفع غرامة معلومة للإفراج عنها، وبالتالي اختفت كليا ظاهرة تربية البهائم في الأحياء السكنية ولكن دخل علينا القرن الحادي والعشرون فنالت البهائم حرية التجول والتسول والسطو، لأن السلطات باتت تخصص الكاره للبشر من معارضيها.
فالحيوانات ناقلة للأمراض والكثير من أمراض الحيوانات قابلة للانتقال إلى ابن آدم وبعضها من النوع المستعصي على العلاج، والبهائم التي يربيها البعض في بيوتهم داخل المدن تمارس حرية التجول والتبول حيث شاءت، وتغشى مقالب القمامة لتأكل منها ما يناسبها وما لا يناسبها، وبداهة فإن كميات هائلة من الجراثيم والبكتيريا والميكروبات تتنقل إليها من القمامة، فتنقلها بدورها إلى البيوت.
جعفر عباس
[EMAIL]jafabbas19@gmail.com [/EMAIL]
أستاذي العزيز جعفر عباس تحية طيبة وبعد … لقد تحدثت اليوم عن موضوع مهم ألا وهو آثار تربية الحيوانات في البيوت ومعايشتها .. وعن قولك بأن الحيوانات ناقلة (للميكروبات) و(الجراثيم) فهذا صحيح ولقد حذر الأطباء من خطر تربية الحيوانات في البيوت وخصوصا” الكلاب لما لها من أثر رجعي سيئ على المربُي .. وينصح الأطباء المفتونين بمشاهدة الحيوانات وملاعبتها بزيارة حدائق الحيوانات بين الفينة والأخرى .. أما حديثك عن (الفئران) فأنا لم ولا أعتقد بأن أرى مخلوق أبشع منه !! أكرم الله السامعين .. دام قلمك نابضا” أستاذي العزيز .