فدوى موسى

نظرة حفية


نظرة حفية
أنظر إلى صفح الورقة البيضاء واقرأ ما بين بياضها وسواد الخيال مداد كلام لم يجرِ بعد عليها.. والخيال يستعصم خلف خضم الكثير من تفاصيل أيام متمهلة في فكر إعادة النظر في مجمل مجرى الحياة والرؤية بشيء من التفاؤل للكلية الحياتية، أهي إيجابية أم سالبة أم أنها عوان بين ذلك، وانظر للوعاء الذي أمامي أهو حفي بالشرب بأن حوافه لم تكن معايرة للامتلاء وأنها الأقرب للخواء، حفية بجعلها مبرراً للاستمرار في الاستزادة من حوله أم الزهد والاستسلام بأنه واقع السنام أكثر قابلية للتأكسد والامداد والدعم.. لا أجفل بخاطري وأريد أن أحلب لبن العصفور ولكن العشم يلازمني بأن انسياب فسحة الأمل قادم من بين ثنايا هذا الوهم الآني.. الذي يجعل الحاضر عصمة في حصون قلاع الواقع الماثل.. أهي شذرات أم نفح من خيال صعب على المداد الإفصاح عنه ويتعسر أن يخرج من الوريد إلى صفحة الورقة البيضاء التي تترأى لي الآن أكثر وضوحاً بأن أنزوي جانباً وأترجل من صهوة جواد المنى وأغرق في يابوس رمال الواقع الذي يبدو الرهاب فيه بحراً منابع الفيض.. ولأن الرهاب ولبن العصفور متلازمتان في الحياة.. أقنع بالإنزواء والصمت وإن جادت بعد ذلك الأيام أن أرفض التطوع بقبول ما جادت به.. فالمحطات لا تعاد.. والمرور في الاتجاه الواحد لا سبيل للرجعة منه.. فالمخرج لا يحتمل تداعيات العودة والانتفاخ بشحنات الواقع البائس واحتشاد مرارة في لذة غائبة.. وتمثل الخيال لآهات حرى لم تخرج عن مكبوتها.. ولذّات واهمة علقت في سفوح النخيل ونشوى البحار على خارطة المنام والأحلام.. فالتغيرات المناخية طالت حتى تلال ووديان الأراضي الداخلية وضربت سهول نفسي وثقبت «أوزون قلبي» ولا مفر إلا باستيعاب التغيير وطلب المساندة من دول الإنسانية حولي وأمم الرحمة.. فقواتي مهزومة مهزومة.. وأنا أصعد في قمم الاستجداء والتنادي ولا أرجو إلا الخروج من القوقعة المحكمة ببعض الرضا وشيء من كرامة إنسان اعتاد أن يبتلع الإجحاف كما يبتلع لقيمات الطعام عند أقصى الجوع والحاجة لسد الرمق فتمر «البلعة» كما تمر المنزلقات على المتشحمات سهولة ويسراً.. ولكن الجروح غائرة والإعاقة دائمة والنفس منكسرة.. وأمعن النظر في الورقة البيضاء واقرأ من بين سطور بياضها أن لا مكان لي فيها.. فقد قسمت مواقعها على استحقاقات الآخرين ولم يذكرني أحد عند ذلك التوزيع.. فكان نصبي دوماً أن أمعن وأدم النظر في المساحات اللا محدودة وللا مدركة فأخرج بحصيلة عبراتي وعظاتي من كل المواقف والأمور.. واحتبس الدمع خوفاً من أن أُغرق به صفح ذلك البياض الذي لا يخصني ولا يعنيني في شيء… فقد صرت خارج الحدود والوطن لصفحة تلك الورقة وكنت أظنها الورقة الرابحة.

٭ آخر الكلام:

لا شيء يستحثني على الاستمرار في ذلك السطح والكون أطبق عليّ بقوته وجبروته ولا أملك إلا أن أنحني وتمر من أمامي العواصف والكون يبرق ويرعد وهي تمطر بعيداً عني ولا يأتيني خراجها..

مع محبتي للجميع..

سياج – آخر لحظة
[email]fadwamusa8@hotmail.com[/email]