[JUSTIFY]
لم أكن أرغب أبداً في أن أتشطر على البردعة كما في حكاية المثل المصري الذائع «غلبو الحمار إتشطر على البردعة»، أو أن أطعن ضل الفيل بدلاً عن الفيل نفسه كما في المثل السوداني المعروف، ولكن المعارضة لم تترك لي خياراً غير أن أتشطر عليها وأطعن فيها رغم إشفاقي على حالها المهلهل الذي لا يسر حتى كثيراً من كبارها، لم يكن المرحوم محمد ابراهيم نقد أولهم حين لبى دعوتها للتظاهر وعندما وصل إلى مكان التجمع بميدان أبو جنزير لم يجد أحداً غير نفسه ومن كان في معيته، ولن يكون آخرهم الأستاذ المحامي كمال الجزولي الذي نعاها بالأمس القريب وقال إنها ماتت وشبعت موتاً، وإذا استمرت على حالها هذا فلن يكون الصادق المهدي ألذعهم في نقدها عندما نعتها بـ «الطرور». إذن ماذا بقى للمعارضة بعد أن سخر منها نقد وترحم عليها الجزولي وهجاها المهدي، والثلاثة هم من هم في سيرة العمل المعارض للانقاذ، بعد هذا وبدلاً من أن تلتفت المعارضة ممثلة في تحالف قوى الاجماع الوطني إلى حالها فتصلح منه وتعد نفسها بالصورة اللائقة التي تؤهلها للعب دور المعارضات كما ينبغي وكما هو معروف، إذا بها تخرج على الناس بتقليعة جديدة أسمتها «مائة يوم للإطاحة بالنظام» وهي التي لم تستطع إخراج مظاهرة واحدة يعتد بها طوال أربعة وعشرين عاماً هي عمر النظام حتى الآن، فما الذي استجد اليوم ليجعل المعارضة تتحدث عن مائة يوم فقط لتغيير النظام؟. إن حسابات المنطق وواقع المعارضة تقول إن هذه المائة يوم لن تكون إلا إضافة لسنين الفشل التي رافقت مسيرتها الطويلة، فما عجزت عنه المعارضة عبر السنين لن تحققه خلال أيام غير أن تفضح نفسها وتكشف عنترياتها وشعاراتها فارغة المحتوى، فتزيد في خذلان نفسها بنفسها، بعد أن تنقضي المائة يوم والنظام ما يزال باقيا كما هو لم يتزحزح قيد أنملة هذا إن لم يزدد رسوخاً، إنني والله أشفق على المعارضة وأخشى عليها بعد إنقضاء المائة يوم هذه أن تكون هي الذي قد أُطيح به واقتلع من جذوره وليس النظام…إن حكاية إستئساد المعارضة فجأة بعد سبات عميق وطويل وضعف ظاهر ورغم هذا تتحدث عن مائة يوم لإسقاط النظام بدأت إعتباراً من هذا الشهر، ذكرتني بحكاية شلاضيمو العجلاتي، قيل إن شلاضيمو العجلاتي وهو رجل محب للسكر والسهر خاصةً مع الأفلام الهندية، دخل يوماً سينما عروس الرمال بالأبيض والفيلم هندي كالعادة، كما كان شلاضيمو ثملاً كالعادة، وكان بطل الفيلم ويدعى تاو ذا شكيمة وبأس وقوة خارقة وسرعة قياسية في الفتك بخصومه، يصرع هذا ويجندل ذاك ويركل ما يشاء من الأشياء دون أن يتحسب لشيء أو يهاب أحدا، على عكس صاحبنا شلاضيمو الذي يقال إنه كان «يخاف من ضلو» وكان من عاداته أن يغني بصوت عالٍ عندما تجبره الظروف على السير وحيداً في آخر الليل، ولكن يبدو أن السكرة قد أخذت بلبه، فخرج من السينما بعد نهاية الفيلم وهو يحاكي تاو في كل حركاته وسكناته، يمشي رافعاً رأسه، شامخاً أنفه، فارداً ذراعيه، إلى أن وصل سوق «أبو شرا» وهو سوق طرفي بمدينة الأبيض، وهناك صار شلاضيمو يركل بقدميه أوعية بائعات الفول والطعمية وهو يصيح «تاو يثير الرعب في المدينة، وعندما حضر رجال الشرطة أخذ يقاومهم وهو يصرخ «تاو يقاتل رجال الشرطة»، ولما قبضوا عليه قال بيأس «تاو يستسلم للشرطة»، القى به العساكر على أرضية الكومر وانشغلوا عنه لبرهة بأمرٍ ما، فانتهز شلاضيمو الفرصة وقفز من الكومر وانطلق يجري بصورة درامية وهو يصيح «أخيراً تاو يهرب من الشرطة»…
فهل يا ترى شاهدت المعارضة فيلم تاو مثل شلاضيمو وأخذت تصرح بإسقاط النظام خلال مائة يوم؟. لا أعرف ولكني أستطيع أن أؤكد أنها أخيراً ستلقي ذات مصيره.
صحيفة الصحافة
حيدر المكاشفي
[/JUSTIFY]
شكرا حيدر فقد أعطينتا أخيرا إسما مطابقا لهلمجرا: شلاضيمو