تحقيقات وتقارير

التزوير في الأراضي: مقترحات وحلول


[ALIGN=JUSTIFY]أقامت جامعة الرباط الوطني ورشة عمل حول الجرائم المعلوماتية وناقشت الورشة ورقة عن تنامي ظاهرة التزوير في الأراضي قدمها المقدم شرطة ضو البيت آدم صالح رئيس فرع التحقيق في نيابة مخالفات الأراضي حمَّل فيها عدة جهات مسؤولية التزوير في مستندات الأراضي وبيع الأراضي عن طريق التزوير.
حضر الورشة الفريق بروفيسور عبد اللطيف عشميق رئيس جامعة الرباط الوطني ومستشارون بوزارة العدل ومحامون ومسؤولون بمصلحة الأراضي.
أوصت الورشة بضرورة عمل نموذج لشهادة البحث يحتوي صورة المالك مع إدخال تقنية البصمة للحد من ظاهرة انتحال شخصية المالك، ووضع التدابير اللازمة للبيع بواسطة التوكيل بعد التأكد التام من صحته، مع التعامل بحذر مع التوكيلات الواردة من خارج السودان.
ودعت التوصيات اتحاد المحامين الى تحديد ذوي خبرة طويلة ومشهود لهم بالنزاهة كموثقين لعمليات التواكيل والبيع في الأراضي مثلاً تكون خدمة الموثق أكثر من (51) سنة. وقالت التوصيات إن معظم عمليات التزوير تتم بواسطة بطاقات شخصية مزورة بانتحال شخصية المالك. عليه لابد من وضع الضوابط الصارمة لاستخراج البطاقة الشخصية.
وطالبت التوصيات مصلحة الأراضي بحصر كل الأراضي الخالية في المربعات المميزة والحجز عليها إدارياً وعدم فك الحجز إلا بعد التحري اللازم مع المالك. أو وضع اللوائح التي تلزم الملاك بتسوير هذه القطع أو تشييدها.
ودعت الى وضع الضوابط اللازمة للوكالات العقارية التي تتعامل كوسيط للبيع. وحصر كل الأراضي التي لا توجد لديها ملفات (فقدت – تلفت) في مكاتب الأراضي المختلفة وحجز هذه القطع وإعلان أصحابها بالصحف اليومية لعمل ملفات لها وتقنين وضعها، وإحكام المراقبة الصارمة على أماكن تجمعات السماسرة وجمع كل المستندات بهذه الأماكن خاصة الخرط، ومراقبة الأماكن التي تعمل في مجال التصوير الملون وأماكن الطباعة التي تستعمل تقنيات حديثة، وترحيل كل المدانين في بلاغات التزوير للسجون الاتحادية وعلى وجه الخصوص معتادي جرائم التزوير.
وأوصت بإنفاذ عمل إعلامي موسع لتوضيح هذه الظاهرة وحث المواطنين على حجز أراضيهم وعقاراتهم وضرورة المراجعة الدورية خاصة المغتربين.
وكشفت الورشة أن جريمة التزوير في الأراضي تتطور بتطور العلم وتقدمه وتطور أساليب الحياة وتعقدها وقالت إن جرائم المعلومات تتصدر غيرها من الجرائم في المجتمعات المتحضرة ولم يكن السودان بعيداً عن هذه المجتمعات حيث انتشرت جريمة التزوير في مستندات التصرف في الأراضي من بيع رهن، وعمليات تزوير أخرى.
وذكر مقدم الورقة أن جريمة التزوير في الأراضي قد تطورت أساليبها وتنوعت أشكالها وأصبحت تؤثر سلباً على ضمانات الرهن العقاري بالجهاز المصرفي، وعلى الملكية العقارية وتسبب ضرراً كبيراً على الاقتصاد القومي لارتباطها بجرائم غسل الأموال. ومن المناطق التي تأثرت بهذه الظاهرة بصورة كبيرة ولاية الخرطوم على سبيل الحصر ونمت في بعض الولايات الأخرى على سبيل المثال مدينة بورتسوان بولاية البحر الأحمر.
وقال إن تطور التزوير في مستندات الأراضي بولاية الخرطوم لها عدة أسباب منها نزوح معظم سكان الأقاليم الأخرى إليها وأيضاً لتوفر الخدمات بها ولأسباب أخرى في المناطق التي هجرها أهلها للولاية. وذكر أن ولاية الخرطوم بها (22) بليون متر مربع مأهولة بالسكان.
ولأن الأرض تعتبر سهلة التسييل والإقبال عليها كبير جداً خاصة المواقع المميزة لذا كثر التزوير فيها.
وشرح مقدم الورقة جريمة التزوير في القانون الجنائي لسنة 1991م وقال إن المادة «122» والتي تُقرأ: «يعد مرتكباً جريمة التزوير في المستندات من يقوم بقصد الغش باصطناع مستند أو تقليده أو إخفائه أو إتلاف بعضه أو إحداث تغيير جوهري فيه. وذلك لاستخدامه في ترتيب آثار قانونية». وقال إن عملية التزوير في مدلوله العام يعني طمس الحقيقة وفي جوهره الغش والخداع وفي مبتغاه اغتيال لعقيدة الغير للوصول الى كسب غير مشروع أو تسبيب خسارة غير مشروعة وهي جريمة تنتشر في المجتمعات الحضارية التي أصبحت المستندات ذات المحتوى الكتابي الوسيلة الأساسية للمعاملات القانونية لنقل الحقوق والالتزامات. ولقد أسهم التطور الالكتروني كثيراً في تأمين المستندات من التزوير ولذا فإن جريمة التزوير من الجرائم التي لا تُرتكب بالصدفة أو الخطأ وإنما بتخطيط ومهارات فنية وهي ذات طابع يستلزم تعاون مجموعة من الأشخاص على ارتكابها كل حسب دوره. ووفقاً لهذا التطور فإنه يمكن ان تُرتكب عن طريق عدد من الأشخاص في مواقع مختلفة ذلك بفضل التطور الالكتروني الذي أشرنا اليه «أي يمكن إعداد مستند وإرساله الى آخر عن طريق الانترنت» وتزداد هذه الجريمة نسبة لعدم الحيطة والحذر وضعف الرقابة على المستندات في الإمكان التي تقدم فيها، أو قلة خبرة الأشخاص الذين يوكل لهم العمل أو يتعاملون مع هذه المستندات، ويستغل مرتكبيها هذه الثغرات، وتقل تدريجياً ظاهرة جرائم التزوير كل ما كانت هناك قدرة على تأمين المستندات تشديد الرقابة عليها.
وقال مقدم الورقة إن التزوير في الأراضي كظاهرة بدأت في سبعينات القرن الماضي وكانت ظاهرة محدودة وتعتمد على مساعدة موظفين في تسجيلات الأراضي أو الأراضي وذلك بإنشاء سجلات وهمية لأراضٍ غير موجودة ومملوكة للغير يتم استحداث سجل بتغيير أورنيك «23» لها ثم يتم التصرف فيها بالبيع، وكانت هذه الظاهرة محصورة في السواقي المطرية في منطقة الجريف غرب وشمبات والجريف شرق مطري كركوج واللاماب ومناطق أخرى كثيرة مما أدخل الدولة لاحقاً فيما عرف بالمشترين حسني النية إذ أنهم اشتروا بشهادات بحث بغرض البيع صادرة عن تسجيلات الأراضي. وتم تعويضهم لاحقاً مما ساعد في إهدار موارد الدولة. وقال إن الظاهرة أخذت في الانتشار بالتحديد في العام 1983م، وبدأت بقضية المواطن «أ.ع» الذي تمكن من سرقة عدد كبير من العقودات وفورمات شهادات البحث واستطاع الحصول مع آخرين على قطع بأسماء وهمية في مربعات مميزة وفي المنطقة الصناعية أم درمان وقاموا بتسجيلها ومن ثم قام بالتصرف فيها بالبيع بواسطة توكيل من المالك الوهمي واحتفظوا بالعقودات الخاصة لهذه القطع لتباع على دفعات على فترات مختلفة، وذلك باستخراج بطاقة باسم المالك الوهمي ومن التصرف فيها بالبيع. ثم أخذت الظاهرة بعد ذلك في الانتشار وأخذت منحىً آخر حيث يقوم مزورون بمعرفة رقم قطعة باسم مالك محدد واستخراج بطاقة شخصية باسم هذا المالك أو عمل توكيل منه دون علمه، وقد لعب بعض المحامين دوراً سلبياً وأساسياً في ذلك حيث كانوا يقومون بعمل تواكيل دون حضور الشخص الموكل ويتم التعرف على مستندات إثبات الشخصية من ملف القطعة بواسطة موظفي الأراضي لاستعماله في التواكيل وقد تسببت هذه الظاهرة في ضياع حقوق الكثير من المواطنين وخلقت ربكة كبيرة في سوق العقارات في ولاية الخرطوم، ثم بدأت بالإنتشار في ولايات اخرى. ومن ثم تطور الأمر إبان فترة البدل في الأراضي في الأعوام 1996 – 2001م حيث ان البدل يتم بواسطة الاستحقاق وهذه ظاهرة كانت تتمثل في سرقة ملفات مواطنين من داخل مكاتب الخطط الإسكانية والتلاعب بمعلومات الملف (تعديل في الإسم مثلاً استحقاق باسم «سمير» يعدل الى اسم «سميرة») ومن ثم عمل توكيل إجرائي لأغراض البدل وعمل مبايعة مفتوحة وبعد استخراج القطعة يتم التصرف فيها بواسطة المبايعة المفتوحة وهذا النوع كان سهلاً ودون عوائق لأن الملف بعد تعديل الاسم يصعب الوصول لصاحبه الحقيقي وان التعديل في الاسماء أضاع جل المعلومات المهمة. وفي زمان البدل كانت شبكات إجرامية تعمل داخل الأراضي من موظفين وسماسرة يقومون بعمل إجراءات بدل لقطع موجودة ومملوكة لحكومة السودان دون دفع رسوم البدل حيث تقوم هذه الشبكات بأخذ ملف المواطن المراد البدل له وأخذ رسوم البدل، ومن ثم عمل إيصال مزور وعمل عقد صحيح وإتلاف الملف وإرسال العقد للتسجيلات باسم المالك ليفاجأ المالك بعد فترة بأنه لم يسدد رسوم القطعة «بلاغات آسيا بدوي» ولا يوجد له ملف.
أما التزوير في السنوات الأخيرة فقال مقدم الورقة إنه الحديث وخلق التزوير باستعمال الكمبيوتر والماسحات الضوئية وذلك باستخراج شهادة بحث بغرض البيع ثم التلاعب بالمعلومات الواردة فيها وذلك بمسح اسم المالك وإنزال الشخص المراد البيع باسمه وتظل الشهادة في شكلها العام وأختامها دون تعديل. وهذه الشهادات تستعمل لأغراض البيع أو الرهن للبنوك أو بإستحداث شهادة بحث لعقار وهمي وباسم شخص مستندات الاثبات له وهمية، ومن ثم رهن هذا العقار للبنوك (بلاغ بنك الخرطوم .. «أ.ش».. وآخرين). نجد ان الظاهرة الأولى «إنشاء سجلات وهمية» أدخلت الدولة في التزامات مالية لمواطنين مشترين لأراضٍ هي أصلاً مملوكة للدولة وبيعت لهم عن طريق التزوير أو غير موجودة ومسجلة وبيعت لآخرين مما أدخل الدولة في تعويضات فيما عرف بالمشتري «حسن النية» في مناطق «الكرمتة، والسبيل الجريف غرب وشرق، وبقر شمبات.. إلخ».
أما الظواهر الأخيرة «تزوير بطاقة باسم المالك أو توكيل» فيقول مقدم الورقة إنها أثرت على مواطنين أبرياء ظلوا يتابعون أمام المحاكم لسنين حيث يوجد المالك الذي بيعت أرضه عن طريق التزوير والمشتري حسن النية ويختفي أصحاب البطاقات المزورة والبائع المزور والشهود وقد أدخلت هذه الظاهرة أيضاً المؤسسات المالية في مأزق كبير جداً إذ أن العقارات المرهونة رهنت عن طريق التزوير مما يؤدي الى زعزعة الاقتصاد السوداني. عليه وللقضاء على ظاهرة التزوير لابد من وضع بعض التدابير لحماية المشترين وتأمين أراضي الغير خاصة المغتربين خارج السودان. وقد قامت نيابة الأراضي بالتنسيق مع المسجل العام للأراضي باستصدار منشور من المسجل العام للأراضي أوقف بموجبه البيع بواسطة التواكيل كان ذلك في العام 2005م إلا أن القرار لم يستمر طويلاً لتصادمه مع قوانين اخرى وواجه احتياجات كبيرة من قبل شرائح مستفيدة من التواكيل «إتحاد المحامين». بالرغم من ان القرار ساعد على الحد من ظاهرة التزوير بصورة كبيرة جداً. وحمل مقدم الورقة السماسرة مسؤولية التزوير في الأراضي وقال إنه انتشر بصورة كبيرة مع ظاهرة البيع عن طريق السماسرة وما يسمى بالوكالات العقارية التي أنشئ لها اتحاد في السنين الخمس السابقة. حيث كانت في السابق مكاتب بيع الأراضي وهي التي تعرض الأراضي للبيع بواسطة سماسرة يتعاملون مع هذه المكاتب ثم بعد ذلك أنشئت هذه الوكالات وفق نظام هش ولاتوجد بها أدنى أسس لحفظ حقوق البائع والمشتري إذ يسعى أصحاب الوكالة والسماسرة العاملين معه لأخذ عمولتهم فقط وأحياناً يقومون ببيع القطع الصحيحة بأسعار أكبر من السعر الذي يعرض به البائع وذلك لتحقيق الربحية لهم دون مراعاة أدنى شروط المهنة التي تبيع لهم أخذ (5%) من القيمة لهذه الوكالات كعمولة. وأحياناً تكون لهذه الوكالات قناعات كافية أن العقار المعروض مزور (مضروب) ورغم ذلك يقومون بإتمام عملية البيع لضمان الفائدة التي يحصلون عليها فقط. ولا تتحرى هذه الوكالات عن القطع المعروضة ولا من أصحابها رغم أن معظم الوكالات بالأحياء تقوم بعمليات البيع في الحي الذي توجد فيه الوكالة. والمعلومات متوفرة لهم ولا تحتاج لكثير عناء. وبالرغم من أن الفوائد العائدة عليهم كبيرة إلا أنهم لايزالون بعيدين عن العمل المؤسس، عليه لابد من وضع الأسس والضوابط لعمل الاتحاد وللوكالات العقارية حتى يتم ضبط الوكالات.
ثم ازدادت جريمة التزوير في المستندات، بيع، ورهن الأراضي تزايداً مضطرداً في الفترة الأخيرة لأهمية العقار في حركة السوق العام بوصفه أكثر الضمانات الرهنية أماناً للوفاء وقد تطورت الأساليب حيث تجاوزت الأساليب العادية بتقليد التوقيع والأختام واصطناع المستندات الرسمية الى نسخها أو استبدال بياناتها بالمعلومات غير الحقيقية وهي عده أساليب منها:
أساليب باصطناع شهادة البحث: وهو نوع تقليدي يتم باصطناع شهادة مشابهة للشهادة العادية ومن ثم وضع توقيع وختم مزور عليها ثم عرضها للبيع أو الرهن البلاغ (241/8002) بنك الخرطوم ضد «أ.ش» وآخرين حيث قام المذكورون بتقديم شهادات بحث لعدد (24) قطعة مميزة ورهنه الى بنك الخرطوم اتضح أنها مزورة).
وأسلوب التزوير بالتصوير الإلكتروني، وهذا النوع يتم بنقل التوقيع من مستند أصل الى مستند آخرعن طريق هذه التقنية.
والتزوير باستعمال ناسخات الليزر الملونة، وهذه التقنية يوضع أصل المستند داخل الماسح الضوئي (Scanner) ويتم مسح البيانات وتستبدل بالبيانات غير الحقيقية وبذلك يتم الحصول على مستند مماثل للأصل.
والتزوير باستعمال الطابعة السطحية الإلكترونية، وعملية التزوير تتم بتصوير أصل المستند ضوئياً وتؤخذ الصورة وتوضع ملاصقة لسطح طابعة تتم معالجته كيميائياً بوضعه على آلة الطباعة التي تحتوي على أسطوانات لترطيب المواقع بالمستند غير المراد طباعته بينما تأخذ المواقع الأخرى حبر الطباعة ليتم طبع الجزء المراد طبعه وهو الختم والتوقيع وترويسة الورقة الأصلية وبذات الطريقة يمكن الحصول على عدة نسخ من الأصل بطريقة الطباعة السطحية ويتم ملء الأماكن الشاغرة بالمعلومات المزور. وهذه الطريقة تستعمل في تزوير شهادة البحث بغرض الرهن أو البيع.
وهنالك نوع آخر من التزوير ظهر حديثاً: البلاغات 971/8002م ، و942/8002، و052/8002، و152/8002 وفي هذه البلاغات تم عمل تواكيل صادرة من الشهر العقاري بدولة مجاورة للمتهم الرئيسي في هذه البلاغات لعدد أربع قطع بمربع (9) كافوري، وتم اعتماد هذه التواكيل من الخارجية والسفارة السودانية والمسجل العام للأراضي ومن ثم تم التصرف في القطع بالبيع.
حافظ الخير :الراي العام [/ALIGN]

تعليق واحد

  1. إذا كان بعد كل هذه السنين ما زلنا لا نملك نظام متين لصيانة الحقوق خصوصا في موضوع الأراضي، وتلافيا لعقيدة (النار تأكل الأسرار)، ومثلما أوفدت الحكومة 70 طبيبا بيطريا للبهائم المرسلة للسعودية في موسم الهدي !!!!!!! فلماذا لا يستفاد أيضا من النظام المتين المطبق بالسعودية في خصوص ملكية الأرض وإجراءتها القوية البسيطة؟. فالترسل الحكومة أيضا من قضاتها ليقفوا على التجربة السعودية المتينة في هذا المجال ليحاولوا تطبيقها لدينا لكي لا نصحى ذات صباح ونفاجأ بمالك جديد لمنازلنا التي شقينا لأجل تامينها ولكي لا يضيع المغتربون شمار في مرقة كما يحدث لهم دائما. 😡