جعفر عباس
حمار فلتة
ليتنا كلنا ذلك الحمار، فالدنيا كثيرا ما تعطيك ظهرها، وقد تجد نفسك في جبّ عميق من المشاكل، ينهال عليك التراب، فماذا انت فاعل؟ تجلس على الأرض مفرشخا رجليك وتبكي وتلطم الخد، أم تتصرف كما فعل الحمار وتنفض عن نفسك الغبار وتسعى للخروج من الحفرة/ المأزق؟ دعوني أمارس بعض التباهي بشأن تجربة شخصية تصرفت فيها مثل ذلك الحمار.. في سن مبكرة أدركت أنني أملّ عائلتي، فقد كان حالنا مستورا لأن أبي كان يملك تجارة شبه ناجحة، ثم أصيب بجلطة سببت له شللا جزئيا، وقطع شقيقي الأكبر تعليمه ليعول الأسرة، وكنت وقتها في المرحلة المتوسطة ولكنني أدركت وقتها أمرا جوهريا: نجاحي الأكاديمي وحصولي على وظيفة سيعنيان طفرة في مستوى معيشة أهلي، ولا بد ان اجتهد وأنجح في دراستي كي أفوز بمنصب مجزٍ.. ولكنني كنت بليدا في الرياضيات ومن ثم الفيزياء والكيمياء…. يعني لا أمل عندي في الوظائف التي فيها الزبدة مثل الطب والهندسة والصيدلة والمحاسبة، بل إن فقدان درجات متلتلة في مواد ثلاث رئيسية كان يعني ان فرص نجاحي الأكاديمي ضعيفة، ولكنني رأيت أنه ما من سبيل أمامي سوى التفوق في مواد أخرى يجدها كثير من الطلاب «صعبة»، وجعلت من الانجليزية «مادتي» الأساسية.. يتفوق علي طالب في مادة الرياضيات بـ20 درجة فأتفوق عليه في الانجليزية بـ15 درجة.. لم يكن ذلك كافيا.. كان لا بد من التفوق في مواد أخرى كي أغطي «فرق» الدرجات المفقودة في بقية المواد العلمية، فركزت على اللغة العربية، وكما اعترفت مرارا فقد ولدت أعجميا ناطقا بالنوبية حيث لا تذكير أو تأنيث أو مثنى.. وقمت بتكثيف القراءة باللغة العربية واحسب انني قرأت كل ما هو متاح من روايات ودواوين شعرية عربية معروفة في زماني قبل ان أغادر كرسي الدراسة.. ولم أهمل الجغرافيا والتاريخ والعلوم الدينية.. وإلى يومنا هذا فإن نصف قراءاتي تتعلق بـ«التاريخ».. وهكذا خرجت من البئر الذي أوقعتني فيه الرياضيات وتوابعها الزلزالية.. ولكن بعد ان صار لي عيال في المدارس أدركت أنني لم أكن «حمارا» كما قال عني أكثر من مدرس رياضيات، بل كانت الحمورية صفة المناهج وطرق التدريس.. فقد تعلمت من كتب عيالي المدرسية ان الرياضيات تقوم على المنطق.. المهم ان العربية والانجليزية اخرجتاني من البئر وصارتا أداتي لكسب العيش.. اقرأ سير كل الناجحين في مجال التجارة وستكتشف أنهم وقعوا في البئر عدة مرات ولكنهم نفضوا التراب والغبار عن أجسادهم، وخرجوا منه في كل مرة وهم أقوى عودا وعزيمة. جعفر عباس
[EMAIL]jafabbas19@gmail.com [/EMAIL]
[B][FONT=Simplified Arabic]انا تقريبا مريت بي نفس المشكلة
كنت شاطرة في الرياضيات بس بليدة في الفيزياء والكمياء
واجد نفسي في اللغة العربية والتاريخ والجفرافيا
لمن قررت امتحن ادبي كل الاسرة عارضت وطلبت امتحن علمي عشان ابقي دكتورة انا اصريت علي رغبتي ودخلت محاسبة وهسي الحمد لله ناجحة في مجال شغلي …دام قلمك يا استاذي [/FONT][/B]
(اقرأ سير كل الناجحين في مجال التجارة وستكتشف أنهم وقعوا في البئر عدة مرات ولكنهم نفضوا التراب والغبار عن أجسادهم، وخرجوا منه في كل مرة وهم أقوى عودا وعزيمة.)
صدقت أيها الكاتب العبقري .. ودعني أذكر لك مثل يكتب بماء الذهب ألا وهو (إصنع من الليمون شرابا” حلوا) أي لا تجعل من العواقب التي تعتريك من المنغصًات التي توقف مسيرة الكفاح .. بل اجعلها أداة قوة لك في الوقوف مرة أخرى .. سألوا أحد التجار الكبار وقالوا له .. ولدت فقيرا” ويتيم الأبوين وكنت حمًالا” في السوق وليس لك من يعينك !!!! فكيف بنيت نفسك وأصبحت تاجرا” يشار له بالبنان ؟ فقال :(صحيح أنني لم أولد وفي فمي ملعقة من ذهب ولكنني صممًت على نفسي بأن أثُابر حتى أبلغ غايتي) وكم هي القصص والأمثلة كثيرة على النجاح من لا شيء !!! دام قلمك نابضا” أستاذي العزيز .