رأي ومقالات

عبير زين : لا تنابزوأ بالألقاب!

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلا نِسَاء مِّن نِّسَاء عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ وَلا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلا تَنَابَزُوا بِالأَلْقَابِ بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الإِيمَانِ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) سورة الحُجرات- الآية (11)

التنابُز بالألقابِ والتشفي اللفظي من أسوأ الأدوات التي يُمكن أن يتراشق بها البشر فيما بينهم وتمّ التحذير والنهي الشديد عنها لأنها تزرع البغضاء والفتن والأحقاد والتفرقة بين البشر، وهذا أمرُ لا يحتلف عليه إثنان.

و لكن ما قد يشتبهُ على الكثيرين أن التخاطب بالألفاظ والألقاب الرنانة لا يقل خطورةً نن التنابز بالألقاب بل قد يوازيه فى نفس عمق التأثير من خلق التفرقه والتمييز بين الناس، فقد أُصيب مجتمعنا بمرض الألقاب الذي تداعى به جسده بالسهر والحمى!! فأصبحنا نتسابق ونتبارى لنيل لقب أستاذ ودكتور وأديب وشاعر وفنان وبروفسير حتى يحظى كُل مِنا بصفة أو لقب تسبق إسمه وتحجز له مقعداً وثيراً بين مقاعد (الوجاهه) الإجتماعيه، حتى أن البعض يكاد يستشيطُ غضباً إن نسيت أو تناسيت و لم تسبق إسمه باللقب أو الصفة التي تصنفه من ذوي المراتب العلمية أو الأدبية أو الفنية المرموقة.

الأكثر خطورة فى هذه الظاهرة أن اللقب أصبح هدفاً فى حد ذاته فالتنافس ليس على المكانة العلمية أو الأدبية أو الفنية بل على ما يليها من مكانة وإحترام و (بوهية) إجتماعية تتفاوت وتتفاقم مع علو وسمو المكانة على حسب اللقب، فإنعكست هذه الحُمى على أجيال المُستقبل القادم، فأصبحوا يتزاحمون على الكليات التى تعطيهم قيمةً ووزناً فالكُلُ يتمنى دخول الكليات التي تمنحه لفب دكتور ومهندس فور قبوله كطالب فيها و حتى قبل البدء فى إجراءات التسجيل! فنسمع أن الدكتور فلان تم قبوله فى كلية الطب فى الجامعة الفلانية، والباشمهندس فلان طالب فى كلية الهندسة الفلانية، والبعض يُسرع للتسجيل فى برنامج الدكتوراه وقبل أن تُجاز الخطة يمنح نفسه لقب دكتور وربما بروف! …. فمن أين لك بــ(الدكترة و التهندس و البروفيه)؟؟

وهذا لا ينفصل بالطبع عن علاقاتنا الإجتماعية بل يندسُ فيها بشكل مُخيف ومريع في محاولات يائسة لمن لم يُنعم الله عليهم بالألقاب الرفيعة إلى توطيد صِلتهم بذوى البكوية والبهوية العصرية، ففلان خاطب دكتورة وعلانه متزوجه من مهندس وعلتكان مناسب بروف وتتوالى علينا نغمة السخط الإجتماعي واللهث وراء النعوت الرنانة والباهتة.

لا يكتسب الإنسان قيمته من خلال ما يرتديه من ألقاب لا تستر تحتها سوى جسدٍ ضئيلٍ من المعرفة الحقيقية، فالتواضع هو التاج الذي يُزين العلم والأدب، وقد يفوق ذوى المهن المُمهشة إخوانهم من ذوي الألقاب البشوية عملاً وعلماً وإنسانيةً بل ولا يريدون جزاءً ولا شكوراً، وبعض البشر يحملون تلك الألقاب كما يحملُ الحِمار أسفاراً، لا عمل ولا فائدة منها للمجتمع سوى الوجاهه!

همسات – عبير زين

‫2 تعليقات

  1. مقال جميل …. حقيقه نحن السودانين غرقنا في مثل هذه الالقاب والوجاهات .. لا شك هذا الامر ناجم هي تركيبه معقده في اجتماعياتنا …
    اعمل الان في الخليج ووقد احتكيت بعدد من الجنسيات الوثقافات المتعدده … زملائي من شمال افريقيا استغربوا جدا من استخدامنا نحن السودانين والمصرين لهذه الالقاب .. و اهتمامنا بها .. في حين انهم ذكروا لي ان ذلك في بلدهم غير موجود في ادبياتهم و ثقافتهم عندما تنادي شخص تناديه باسمه وكفي … ذكروا لي انه من العيب عندهم ان ينادي الشخص رؤسائه و زملائه ب باشمهندس و دكتور ويقولون عليه بالشخص ( الطحان ) اي كسار ثلج عندنا .. وانا ذلك ينذوي تحت مجال النفاق الاجتماعي …
    حقيقه نحن كسودانين تاثرنا جدا بالثقافه المصريه التي ولجت لنا عبر المسلسلات وكثير من المؤثرات .. اضافه الي ضعف ثقافتنا السودانيه و ركاكتها ..

  2. موضوع جميل بس مفسرة الاية غلط يعني لو (اللقب غير مذموم ما فيها حاجة )ويعني الواحد تعب وقرا لمن بقي دكتور او مهندس عشان يجوا ينادوة ذية ذي اي زول واصلا الحياة درجات فكل واحد يرضا بالي مقسوم لة .
    .
    (( وَلا تَنَابَزُوا بِالألْقَابِ بِئْسَ الاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الإيمَانِ ))

    { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلا تَنَابَزُوا بِالألْقَابِ بِئْسَ الاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الإيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ }

    وهذا أيضًا، من حقوق المؤمنين، بعضهم على بعض، أن { لا يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْمٍ } بكل كلام، وقول، وفعل دال على تحقير الأخ المسلم، فإن ذلك حرام، لا يجوز، وهو دال على إعجاب الساخر بنفسه،

    وعسى أن يكون المسخور به خيرًا من الساخر، كما هو الغالب والواقع،

    فإن السخرية، لا تقع إلا من قلب ممتلئ من مساوئ الأخلاق، متحل بكل خلق ذميم،

    ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم “بحسب امرئ من الشر، أن يحقر أخاه المسلم”

    ثم قال: { وَلا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ } أي: لا يعب بعضكم على بعض،

    واللمز: بالقول، والهمز: بالفعل، وكلاهما منهي عنه حرام، متوعد عليه بالنار.

    كما قال تعالى: { وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ } الآية،

    وسمي الأخ المؤمن نفسًا لأخيه، لأن المؤمنين ينبغي أن يكون هكذا حالهم كالجسد الواحد، ولأنه إذا همز غيره، أوجب للغير أن يهمزه، فيكون هو المتسبب لذلك.

    { وَلا تَنَابَزُوا بِالألْقَابِ } أي: لا يعير أحدكم أخاه، ويلقبه بلقب ذم يكره أن يطلق عليه وهذا هو التنابز، وأما الألقاب غير المذمومة، فلا تدخل في هذا.

    { بِئْسَ الاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الإيمَانِ } أي: بئسما تبدلتم عن الإيمان والعمل بشرائعه، وما تقتضيه، بالإعراض عن أوامره ونواهيه، باسم الفسوق والعصيان، الذي هو التنابز بالألقاب.

    { وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ } فهذا [هو] الواجب على العبد، أن يتوب إلى الله تعالى، ويخرج من حق أخيه المسلم، باستحلاله، والاستغفار، والمدح له مقابلة [على] ذمه.

    { وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ }
    >
    >
    >

    فالناس قسمان: ظالم لنفسه غير تائب، وتائب مفلح، ولا ثم قسم ثالث غيرهما.

    _______
    >>

    [/]