جعفر عباس
غازي بلاسيبو
ولم يخيب القصيبي قط ظني، فما قرأت له سطرا إلا وانفشخ فمي بابتسامة أو انفجرت ضاحكا، بل استغل الرجل إعجابي به، وصار يفرض ذوقه الشعري عليّ، مستغلا حبنا المشترك لأبي الطيب المتنبي، فقد صرت مؤخرا ألجأ إلى كتب القصيبي كلما أردت الحصول على شاهد شعري مجنون او عاقل، بل عرّفني القصيبي بشعراء قدماء و«جدداء» لم أسمع بهم من قبل، وكلما قرأت للقصيبي اكتشفت فيه ضلعا كان خفيا، فالرجل الذي هالت حفيده ضخامة جسمه حتى صاح فيه: جدو انت دبة انت «فات»، متعدد الزوايا والأضلاع والطبقات الأدبية والفكرية والسياسية، ويتولى التنسيق بينها عفريت ظل يلازمه منذ ايام طفولته وصباه في منطقة المبرز بالهفوف بالمنطقة الشرقية بالسعودية، ولكن اكثر ما يعجبني فيه هو ما لا يراه فيه الكثيرون: شجاعته وجسارته وصراحته الحادة، ومبلغ علمي فإن هاتين الخصلتين عادتا عليه بغير قليل من الخصومات..وعلى طول سنوات عيشي في منطقة الخليج لم أسمع سوى القصيبي يعلن بكل فخر واعتزاز (مع الاعتذار لمن خيب ظنهم) بأنه ليس «قبيليا» بالدرجة التي حسبوها (رغم أنه في الواقع سليل بيت عريق النسب). وكم منا يدرك مغزى ان يتسمى بابو يارا؟ ومن غير القصيبي يصدر على نفقته كتابين او ثلاثة، والغاية من وراء ذلك تسليط الضوء على شعراء ومبدعين اختاروا العزلة او حرموا من الأضواء بفعل فاعل!..وبعد وقبل كل هذا فإن ما شدني إلى القصيبي منذ ان اكتشفته، هو حس الدعابة الرفيع والراقي، الذي يتمتع به، ولو قيض لي ان أجمع وأنشر فقط ما قاله في صديقه الوزير البحريني الراحل يوسف الشيراوي من «مهاترات» رائعة بديعة لأصبح لي شأن وأي شأن في عالم النشر،.. وكل بضعة ايام أفتح الورقة الأولى من كتاب القصيبي «في رأيي المتواضع»، وأقرأ عليها الإهداء: إلى يوسف الشيراوي، الصديق الذي لم يعرف عنه رأي متواضع واحد،.. وأضحك كأنني اقرأ ذلك للمرة الأولى، ثم أقرأ افتراءاته على الشيراوي خلال مؤتمر لوزراء الصناعة في البحرين عندما أصر الشيراوي «بغير وجه حق» على ان يرأس الجلسة، وقال لوزير عربي اعترض على ذلك: اسمع يا غشيم.. اننا في الخليج بحارة وبدوان ولا نؤمن بالبروتوكول بين الإخوان ثم أنشد: تعودت الرئاسة طول عمري/ فكيف من الرئاسة تحرموني/ بقانون سخيف سطرته/ برقراطية عميا العيون/ سأرأسكم رضيتم ام أبيتم/ فهيا نبتدي لا تعطلوني!! جعفر عباس
[EMAIL]jafabbas19@gmail.com [/EMAIL]
رحم الله د. القصيبي ، وفي جامعة الخرطوم /قسم اللغة العربية بكلية الآداب رسالة دكتوراه لطالب فلسطيني عن غازي القصيبي الأديب ، والرسالة قدمت على أساس ماجستير ورفعت بعد ذلك .أحسبنا في السودان نحبه