نادية عثمان مختار

الحكومة (تكذب) وتتجمّل !!


الحكومة (تكذب) وتتجمّل !!
رحم الله نجم السينما المصرية العملاق أحمد زكي والذي كلما سمعت ( الحكومة) تكذب تذكرته، وكلما رأيتها (تتجمّل) أيضاً تذكرته من خلال أحداث فيلمه الجميل ( لا أكذب ولكني أتجمّل) الذي شاركت في بطولته النجمة آثار الحكيم، حيث تحكي أحداثه عن فتاة من طبقة أرستقراطية وقعت في غرام زميل لها في الجامعة، وخططوا سوياً للزواج بعد التخرج، خاصة وأن حبيبها (أحمد زكي) كان شاباً طموحاً ومتفوقاً، ولكنه لم يصارحها بموقفه المادي ومستواه الاجتماعي، بل كان يكذب عليها ويوهمها بأنه ( ود وزير) وحين عرفت حقيقة وضعه كـ (ابن حانوتي)
يقوم بدفن الموتى، حاولت أن تتقبله كما هو وتتعايش مع وضعه؛ ولكنها لم تستطع وكان الفراق مصير العشاق الأكيد للأسف لعدم التناسب الطبقي !!
تذكرت أحداث هذا الفيلم وأنا أطالع صحيفة (التيار) الغراء وفيها تصريح للدكتور مهدي إبراهيم القيادي بحزب المؤتمر الوطني قال فيه: ( إنّ الأزمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد الآن تحتاج على الأقل لثلاث سنوات لتجاوزها.. ولا نريد أن نكذب على الشعب.. لن يحدث انفراج قبل ثلاث سنوات)!!
هكذا قال الرجل من خلال الندوة السياسية التي أقامها اتحاد الشباب بولاية الخرطوم بمناسبة الاستقلال؛ حيث أوضح ( بصراحة شديدة) أن السنوات الثلاث القادمات هي الأقسى على الشعب نتيجة لتأزم الأوضاع الاقتصادية !!
وجاء في الخبر أن الدكتور قد استدرك قائلاً : (الحكومة لن تقف مكتوفة الأيدي، وضعنا خطة إسعافية محكمة خلال هذه الفترة لتجاوز آثارها السلبية والتخفيف من حدتها على المواطنين) !
وقال: ( لا يمكن أن نتحدث عن أزمة الاقتصاد السوداني بمعزل عن الأزمة المالية العالمية.. ولكن السودان لديه ظروفه الخاصة التي يعلمها الجميع بعد خروج البترول من الموازنة)!
هذا كان مجمل تصريح الدكتور مهدي الذي لم أستطع أن أختصره؛ لأنه في الأساس مختصر وواضح حد الصفعة !!
أظن- وليس كل الظن إثم- أن الحكومة قد ارتأت أخيراً أن تنتهج نهج (الشفافية) والوضوح تجاه الشعب، و(ماتدس منو شيء) !!
ولكن السؤال هو : هل الشعب في حاجة لهذه الصراحة الحكومية لتؤكد له المؤكد فيما يتعلق بالضائقة الاقتصادية التي عاشها ويعيشها منذ سنوات؛ لتجدد له مُر الذكريات وتقول له بأن الزمن المتبقي للمعانأة ثلاث سنوات قادمات ؟!!
الشعب الصابر اعتاد على الضائقة المعيشية، وليس الغريب بالنسبة له عدم انفراجها؛ بل قد يكون انفراجها (بيد الحكومة) هو الغرابة بذات علامات تعجبها !!
الشعب لا يريد من الحكومة أن تغير من طبعها وتبدو (صريحة) وتترك قناع
(التجمّل) بشعاراته الأنيقة القائلة دوماً: ( بأن الوطن على مايرام واقتصادنا فوووق والانفصال لم ولن يؤثر فينا، وياجبل مابيهزك ريح) ! وهكذا مقولات اعتدناها من الحكومة؛ نسمعها ونقارن بواقع الحال فنتعجب في صمت ونمضي لحال سبيلنا لا نلوي على شيء !!
إن (كذبت) الحكومة، أو لو أنها (تجمّلت) فلن يغير ذلك من واقع الأمر شيئاً، فكذبها وتجملها سيان لا فرق ..!!
الفرق الوحيد أن المسؤول الحكومي عندما يخرج للناس متوشحاً (مسوح القديسين) ويتلو على الناس (آيات الصراحة) فإن منظره يكون بالتأكيد (بايخاً) وقد لا يكون هو ملم بتفاصيل هذا (البوخ) لذا رأينا أن من واجبنا أن ننبهه لوجه الله تعالى !
و
أسمع كلامك أصدقك .. أشوف عمايلك أستعجب !!

نادية عثمان مختار
مفاهيم – صحيفة الأخبار
[email]nadiaosman2000@hotmail.com[/email]