نور الدين مدني

(جراحات) هيكل والمخرج السوداني

[ALIGN=JUSTIFY]* عرفنا الكاتب الصحفي العملاق محمد حسنين هيكل منذ ان كان يكتب مقاله الأشهر (بصراحة) في (اهرام) الجمعة المصرية الذي كان يبدأ في الصفحة الأولى ثم يتمدد في الصفحة الثالثة.
* عرفنا أيضاً ان هيكل كان يستعين بمكتب سكرتارية يعد له كل المعلومات التي يريدها لكتابة مقاله، واستمرت سكرتاريته المعلوماتية معه حتى بعد ان ترك (الأهرام).. حتى أصبح موسوعة معلوماتية قائمة بذاتها.
* لعل هذا هو سر الحضور الذي ما زال يميز هيكل وهو يقدم شهادته للتاريخ كل خميس عبر قناة (الجزيرة) الفضائية، فقد اصبح هيكل مرجعاً مهما في التاريخ المعاصر، ليس فقط لأنه شاهد على العصر وإنما لأنه أيضاً صاحب رؤية متكاملة.
* ظل السودان في قلب اهتمامات هيكل، كما هو في قلب اهتمامات الحكومات المصرية منذ ان كان تحت الحكم الثنائي البريطاني- المصري وحتى بعد ان نال استقلاله عام 1956، وله اجتهادات مقدرة في الشأن السوداني، يختلف الناس حولها ويتفقون ولكنها تظل مؤشرات لها دلالتها وأبعادها.
* نقول هذا بمناسبة ما جاء عن الشأن السوداني في محاضرته التي قدمها خلال لقاء نظمه نادي القضاة المصريين بالقاهرة وهو يتحدث عن مجمل الأوضاع في المنطقة العربية، محذراً من مصير دولة الأندلس في أواخر عهدها قبل انهيارها على يد ملوك الطوائف.
* وما يهمنا هنا مناشدته أهل السودان بضرورة انهاء المشكلات العالقة بين مختلف ولاياته، منبهاً إلى خطورة التشظي الحالي الذي قال هيكل ان الدولة الوطنية لم تستطع محاصرته منذ ان استقلت البلاد.
* بغض النظر عن رأينا فيما قاله هيكل ونسبته للاستعمار الذي، في رأيه، كرّس لقيام جنوب ينتمي لغرب افريقيا، وغرب ينتمي لما يطلق عليه فرنسا الاستوائية، فإن ما يجري حالياً خاصة بعد قيام الحركات الجهوية والإثنية المسلحة، يصب في ذات الاتجاه الذي أشار إليه هيكل.
* ولكننا نرى ان المخرج السياسي من سيناريو تقسيم السودان إلى دويلات، بغض النظر عن من يقف وراءه ويدعمه، انما يكون بمعالجة من الداخل عبر الاتفاق السياسي القومي المنشود.
* والاتفاق القومي المنشود لا يعزل حزباً أو كيانا أو حركة مسلحة، شرط تحولها الجاد إلى حركة سياسية، فهذا هو المخرج السلمي الوحيد لتأمين السلام وتعزيز الوحدة والاستقرار والمضيّ قدما نحو المستقبل، بعيداً عن النزاعات والعنف والعنف المضاد.[/ALIGN] كلام الناس – السوداني-العدد رقم:917 – 2008-06-2
noradin@msn.com