حوارات ولقاءات

القيادي الإسلامي السوداني ابن عمر محمد أحمد

[JUSTIFY]القاسم المشترك لكل تفاصيل هذا الحوار هو أنه تمّ بسهولة من حيث تحديد موعده ومحاوره التي لم تحدد مسبقاً وإجاباته التي كانت حاضرة برغم أن بعضها كان ساخناً أو مفاجئاً .. أما فحوى الإجابات فكان طابعها السهولة مع العمق لأن محاورنا يعلم أننا نخاطب القارئ بلغة وسط ـــ لغة الصحافة والإعلام ــ برغم أنه يمتلك ناصية القول لغة ومفردة ومجازاً وتورية وإستعارة..
القيادي الإسلامي السوداني التاريخي ابن عمر محمد أحمد تقدمه (الوطن) في إطلالة فوق العادة لقرائها، إذ أنه إبتعد بعض الشئ عن دائرة الأضواء وبرر ذلك بقوله (أنا الآن لست فاعلاً أسال الله تعالى العافية» في إشارة لبعض ظروفه المرضية نسأل الله تعالى له عاجل الشفاء وموفور الصحة والعافية .
الحوار سيمتد لحلقات نحاول من خلاله سبر غور الكثير من القضايا ، والحوار سيكون مزاوجة ما بين الماضي بكل تفاصيل تاريخه وما بين الحاضر بكل تفاصيل وقائعه مع الوضع في الاعتبار للمستقبل باعتبار أن استشرافه أمر مهم ..
نوقن أن هذا الحوار وبما حوى من إجابات وإفادات ستحرك ساكن الكثير من المياه في محيط الدولة والمجتمع والتي تحرك تروسهما ماكينة الحركة الإسلامية السودانية .. لذا من الطبيعي أن ندور حول ردود أفعال هنا وهناك كلها ستجد النشر من باب إفساح المجال لكل الآراء لإيماننا بأن الحوار والمزيد من الحوار هو معبرنا للوصول لغاياتنا.
٭ كلمة حركة مرتبطة بــ «يس»:
سألناه في مفتتح الحوار : الأستاذ ابن عمر محمد أحمد خلال اللايام القليلة الماضيه غيَّب الموت الأستاذ يس عمر الإمام رحمة الله تعالى عليه، وبالطبع هو فقد للسودان والحركة الإسلامية إذ كان شخصية فريدة في الحركة الوطنية معاً.. ماذا أنت قائل ؟
– رد وفي تعبيرات صوته نبرات حزن ظاهرة :
أولاً كلمة حركة اكتسبت دلالاتها من تجربة الأخ يس في العمل الإسلامي .. إذ لم تكن تجمعات الطلاب والمنتخبين في ذلك الوقت لم يتم الانفتاح عليها من قبل قيادات الحركة الاسلامية وقتها ، حتى كان المرحوم يس أول من تفرغ لها ، تفرغ من كل عمل خاص ، لأداء مهام تنظيمية متصلة، ولعلَّ هذا الوعي الحركي الذي كان مصاحباً لمسيرته قد نبهه لضرورة التوجه نحو قطاع الزراع باعتبارهم فصيل مهم من حيث النوع «قطاع منتج» ومن حيث النوع «اعداده كبيرة ومنشرة في أنحاء متفرقة في السودان بانتشار الزراعة نفسها».
٭ سألناه مقاطعين : هل يعود ذلك الإهتمام للمرحوم يس لانتمائه السابق ..
– رد مقاطعاً : ربما هذا التنبه يعود لانتمائه السابق ولكن من الواضح أن إهتمامه ووعيه بقضايا الفكر الإسلامي عموماً قد نبهه لذلك، فالزراع له تأثيرات واضحة وبينة على الإقتصاد السوداني .. وهذه التأثيرات ذات منحى تاريخي بعيد .
٭ سألناه : وماذا عن قطاع العمال لا سيما وأن المرحوم يس أتيحت له فرصة العمل بأكبر مدينة عمالية في السودان؟
– أجاب قائلاً : قطاع العمال بمدينة عطبرة يمثل قوى فكرية كانت الأكثر وعياً بقضايا واقعية نتيجة للتمدد الواضح للحزب الشيوعي السوداني في مفاصل هذا القطاع ..
الشيخ يس عمر الإمام دخل عطبرة بوعي تام بأهمية الدور الذي ينبغي أن يلعبه فيها فبدأ بحثه عن وظيفة «عامل يومية» والتي لم تكن ميسورة.. ولكنه في نهاية الأمر وجد وظيفة كانت مدخله للعب دور مهم ومبكر لطلائع الإسلاميين في أوساط العمال ولعلّ من نتاج هذا الدور المبكر تجربة النقابي الإسلامي الشيخ «موسى متى».
أخلص للقول بأن الشيخ المرحوم يس عمر الإمام كان الأوثق من بيننا جميعاً بقطاعات السودان وبمجتمعاته جميعاً
٭ سألناه «مقاطعين»: كتب الأستاذ جمال عنقرة رئيس تحرير (الوطن) الصادرة اليوم الخميس 16 رمضان 1434هـ 25 يوليو 2013م مقالاً عن الراحل يس عمر الإمام قال فيه إنه أول من زوج بين «الإخوانية» و«الأمدرمانية» في إشارة لإنفتاحه على المجتمع .. ؟.
– أجاب مقاطعاً : نعم هذا صحيح فالمرحوم يس هو الأكثر فهماً وعمقاً بالمجتمعات السودانية .. فهو من الجيل الأكثر تحرراً وإنفتاحاً عليها، فهو يقرأ الواقع جيداً ثم يصمم البرنامج الذي يناسب الواقع .
ويضيف قائلاً : ويعود للشيخ المرحوم يس الوعي الإسلامي الحركي السوداني بقضايا وحركات التحرر الإسلامي والتي لعبت أدواراً مقدرة في تشجيع تلك الحركات لمقاومة القوى الاستعمارية والإستبدادية، وقد لعب هذا الوعي المبكر للراحل الشيخ يس في أن تدرك حركات التحرر الإسلامي ضرورة مواجهة الشر الامبريالي الامريكي، فكان له الدور الأبرز في الجزائر والكنغو وامريكا اللاتينية والتي وجدت إهتمامه ووعيه حيث أوصل السلاح لثوار أريتريا والكنغو والجزائر ، وكان صاحب آخر محاولة لإصلاح ذات البين بين الثوار الافغان لكنه عاد يائساً من توحدهم وقال بعد أن شهد في الطائرة التي أقلته إلى هناك كميات كبيرة الأموال يحملها أعداء الوحدة الأفغانية «المال دخل الحرب والموت لن يتوقف».. كذلك ليس ينسى أدواره التي لعبها في العراق خاصة مع الرئيس الاسبق صدام حسين رحمه الله وحين عاد جاء وهو يحس بالمرارة وقال العراق سيحتل وأن الرئيس صدام سيقتل ..
٭ هذه مشكلة سودانية بحتة :
سألناه : أستاذ ابن عمر محمد أحمد كل هذا التاريخ الثر لم يوثق .. كذلك كل تاريخ الحركة الإسلامية في صدور قيادتها وربما ذهب بعضه إلى القبور …
رد مقاطعاً : هذا صحيح أوافقكما الرأي ، وأرى أن هذا الجيل لديه حرص على التوثيق أكثر منّا، وقد شاهدت التلفزيون يطوف على الناس في يوم رحيل الأخ يس .
٭ سألناه : هل يعود عدم التوثيق والتسجيل إلى طبيعة حركات الإسلام السياسي التي تعتمد السرية في منهجها ؟
– أجاب : المشكلة ليست فيما يخص حركة الإسلام السياسي السوداني فقط .. بل هي جزء من واقع كل الحركات في المحيط من حولنا . فمثلاً على أيام عهد جمال عبد الناصر كان أعضاء حركة الاخوان المسلمين يجدون الملاذ الآمن والمخرج، حيث كانوا يأتون لمنزل الأخ حسين بابكر بعطبرة..
فالمشكلة ليست نتيجة للسرية وحدها التي يتحلى بها السودانيون ، بل المشكلة فينا كسودانيين كثيراً ما نضن بما عندنا من معلومات للتوثيق فهذه مشكلة سودانية بحتة..
٭ عجز في قراءة المستقبل :
سألناه : أستاذ ابن عمر دعنا نسأل في محور آخر كيف تنظر لمشاكل الراهن السوداني على ضوء سنوات حكم الإسلاميين ؟
– أجاب : دائماً أرد المشاكل إلى الداخل فعجزنا عن قراءة المستقبل أدخلنا في إربكات مكلفة .
٭ سألناه مقاطعين : ألا توافقنا أن كل مشاكل الراهن السوداني خاصة قضايا الهامش الذي رفع السلاح في وجه الدولة لم تصمم في الأصل في برنامج الحركة الإسلامية ؟
– أجاب قائلاً : هذا عمل الدولة ولايستطيع أحد تجريد كل ذلك تجريداً كاملاً .. فكل السودان هامش .
٭ سألناه مقاطعين : ولكن البعض يعتقد أن حركة الاسلام السياسي في السودان قد أخفقت في بعض برامجها، وهذا الإخفاق قد أثرّ في تجربة نظيرتها بمصر على ضوء أحداث الأسابيع الماضية ..
– أجاب مقاطعاً : ما حدث في مصر عمل استخباري بحت مرسوم الخطوات .. هذا فرق كبير بين ما يحدث في مصر وما حدث في السودان للفرق بين الإسلاميين في البلدين .
٭سألناه : إذاً أين المخرج لمشكلات الراهن السوداني ؟
– أجاب : مزيداً من الحرية للشعب وليس للمثقفين فحسب فكل شئ يقبل التصحيح .
سألناه : ماذا تقصد بالتصحيح .. تصحيح الداخل الخاص بالحركة الإسلامية أم….؟
– أجاب مقاطعاً : ليس الأمر خاص بالداخل فقط بل بمشاركة الخارج وبمزيد من الحرية لأنها حالة طبيعية للإنسان ..
سألناه مقاطعين : معنى ذلك أنك من دعاة الغيير الذي تنادي به بعض التيارات إلى أي منها تنتمي؟
– أجاب قائلاً : إن كنا قد خسرنا فيما مضى أكثر مما كسبنا .. علينا أن نفكر في المناهج والبرامج والسياسات فتغيير الاشخاص لا قيمة له .
الآن أنا لست فاعلاً أسأل الله العافية ولكن علينا أن نترك في التاريخ آثاراً أفضل .
ويضيف قائلاً :
الآن من الواضح أن المخاطر التي كانت تتهدد مجرد التوجه الإسلامي في السودان قد تمّ استئصالها … ففي عقد الثمانينيات من القرن الماضي تمّ إبعاد الحركة الإسلامية من الحكم بمذكرة الآن لا أحد لا يستطيع أن يتعرض لها .
فالإسلام الآن بشكل عام أكثر رسوخاً …
٭ إستعادة الجنوب أمنيتي :
ويضيف مستدركاً : أتمنى أن نستعيد الجنوب فإقرأوا جيداً مقولة الفيلسوف «آرنولد نولد توين بي عن الجنوب السوداني» تحدي الإسلام الحقيقي في القرن العشرين هو حل مشكلة جنوب السودان..
وهو يقصد أن دولة الإسلام التي تستوعب الاديان المختلفة هي دليل نجاحه في عصور التعدد الثقافي والديني الموجود في هذا القرن والموجود في السودان ..
ويختتم حديثه بالقول: هذا الحديث الذي يتسق تماماً مع ما حدث في دولة المدينة في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم فالأديان والثقافات تداخلت وأصبحت تتعايش دون علوية من الآخر …
فالتاريخ الإسلامي كان الأوسع استيعاباً حيث عاش اليهود أزهى عصورهم في حضن الإسلام.

حوار: معاوية أبو قرون ـ أشرف إبراهيم:صحيفة الوطن[/JUSTIFY]

تعليق واحد

  1. من ايام محمد حسين الثانوية ونحن نلاحق خطاباتك الجميلة بالمفردات لم تكن عملا سياسيا اكثر من كونها ادبية ذات دلالات لغوية ممتازة وكنا نتوقع ان تستمر في ذالك المناول حتي تؤالف كتب ولكن تكون مستقل دخولك المعترك السياسي قلل كثير من عطاءك كيف يمكن ان يعيد التاريخ نفسه ونري منك كلمة حق بنفس النهج السابق