فدوى موسى

العدو.. جانا

[JUSTIFY]
العدو.. جانا

من كثرة ما استمعت إلى شاكلة هذه العبارات من أفواه الساسة «إننا مستهدفون.. وإن العدو يتربص بنا..».. بت أتخيل أن ظلي عدو من خلفي يريد أن ينقضّ عليّ.. فإن تحدث معي أهل داري نظرت إليهم على أنهم «أعداء محتملون».. يريدون أن يقتصون مني طبخاً.. ومكواة وشراباً.. مسحاً وغسيلاً.. وإن وجدت رسائل اليكترونية ظننت أن الراسلين يرسلون ذلك الفيروس الخطير الذي سيدمر الحاسوب.. لذا لم اقتني جهاز حاسوب.. ودائماً ما أفتح بريدي في حاسوب الآخر الذي أتربص به الدوائر «فاحفر له الحفر ومواطيء الوقوع غير الآمن».. فإن همّ رئيسي في العمل بتكليفي بمهمة ما.. ظننت أنه أضمر لي خلاف ما أظهر.. فإن قال «عليك إنجاز هذه المهمة».. ظننت أنه يريد مني أن «اتلكلك» في إنجازها.. والعلة في تشربي باعتقاد وما يشيعه ساستنا أننا أمة وشعب مستهدف.. بالتالي أنا مواطن مستهدف.. لا أدري ممن.. ولكني كذلك.. وهذه النظرية المؤامراتية حملتني كثيراً على مظان أتهم فيها نفسي بالتآمر على نفسي حتى أثبت خط الساسة السودانيين «جزاهم الله خيراً».. على أنهم جعلونا نمشي ونحن نتلفت يمنة ويسرة لعلنا ندرك العدو قبل أن يقول «بقِم».. وعندما تكثر الابتلاءات على ساستنا وتزداد معدلاتهم بتلك التصاريح الاستهدافية.. تزيد عندنا نحن معدلات «الوهمة» حتى وإن طنّت حولنا ذبابة أو باعوضة سارعنا قبل أن تدخل مجال الانقضاض علينا ولسان حالنا «تلقيها عند الغافل».
أخنق.. فطِّس:

وددت لو أنني كنت سياسية في هذه البلاد.. لكنت ممن لا يتخيرون إلا الألفاظ والعبارات المسيخة من شاكلة «اخنق.. فطس».. «أعصر طلع الزيت.. اسلخوا سجموا.. حتوا وفتوا.. أكسحوا وامسحوا..».. «أها في زول يقدر يحد من مدى التعبير غير المتوازن هذا»؟!.. سوف لا أكترث كثيراً للمنظمات والجهات التي لا يرضيها مثل هذا النهج من التصاريح.. باعتبار أنهم جميعاً واقعون في نظرية المؤامرة التي بلا شك تستهدفني حتى لو كان هذا الأمر الآن في محطة «التخيل» السياسي الفطير.. وطالما العالم من حولي في حالة استهداف.. فإنني سأواجه بالتأكيد «مسح وكسح».. أو كما يقول أهلنا «البيلاقيك متشمر لاقيهو عريان».. لن أعيي نفسي كثيراً عندما يتحقق لي ذلك.. لأنني بلا شك سأكون قد اختزنت زخيرة كافية من الكلمات الجارحة والمتعدية واللازمة لإثارة حفيظة الآخرين الذين هم بالتأكيد «الأعداء.. أو كما يقول أهلنا في صعيد مصر.. التانين».. ومن تلك الأطر سأخرج على العالم أجمع أنني طاغية كلاماتية ليس إلا.. وذلك لأنني سأعتمد على سلاح الكلام فقط دون الأذية بالأدوات والأسلحة الأخرى.. «وليكم عليّ ما أقيف ليكم في محكمة أو جودية للحد من مدى اللا محدود بالكلام».
آخر الكلام:

وعندما تتملكني الحالة تماماً «باعتبار ما سيكون».. سأزاوج ما بين «العدو.. جانا..» و«سلاطة اللسان» التي هي أخنق فطس العدو قبل ما يجيك.

مع محبتي للجميع..[/JUSTIFY]

سياج – آخر لحظة
[email]fadwamusa8@hotmail.com[/email]