تحقيقات وتقارير

مبادرة البشير للحل الشامل.. هل تتخطى حواجز «الصقور» ؟


[JUSTIFY]بترقب يشوبه الحذر ينتظرالشارع السياسي السوداني تفاصيل مبادرة الرئيس البشير التي كشف عنها نائبه الأول علي عثمان، والتي تهدف حسبما أُعلن إلى إجراء تسوية سياسية شاملة بين فرقاء السياسة في البلاد تفضي إلى معالجات جذرية لكل القضايا السياسية وإحداث مصالحة وطنية بين الخصوم السياسيين وحل القضايا الأمنية في دارفور والنيل الأزرق وجنوب كردفان.. ومن المتوقع أن تحدث المبادرة التي سيتم طرحها بعد عيد الفطر حراكاً سياسياً ضخماً في المسرح السياسي السوداني الذي باتت أيامه حبلى بالمفاجآت الجسام. وفيما يبدي البعض تفاؤلاً حذراً إزاء الطرح المرتقب، بدا آخرون غير آبهين لإعلان المبادرة الرئاسية التي يلقي فيها الرئيس البشير ونائبه علي عثمان بثقليهما، وذلك ربما لتكرار المبادرات الحكومية التي غالباً ما يُدفع بها في توقيت محدد وفي ظروف معينة وبتاكتيك محدد لتحقيق أهداف مرحلية، حتى بات معروفاً أن المؤتمر الوطني يسعى لشراء الوقت في مثل هذه الظروف الضاغطة، وأنه يلجأ للقوى السياسية المعارضة وألد خصومه السياسيين في أوقات الشدة فقط، ويطلق مبادرات الوفاق الوطني والمصالحة السياسية بهدف التخدير ريثما تمر العواصف، أو في مثل هذه الفضاءات يقرأ الكثيرون مبادرات الحكومة وحزبها الحاكم.

وثمة أسئلة ملحة تفرض نفسها هنا بوضوح: لماذا اختار الرئيس البشير هذا التوقيت بالذات لطرح خطة التسوية السياسية الشاملة والحلول الجذرية؟ وما هي الدلالات السياسية للطرح نفسه؟وهل سيقدّم المؤتمر الوطني تنازلات حقيقية لخصومه هذه المرة أم سيتخندق ويبدي المواقف المتصلبة كما كان يفعل في كل مرة؟ وهل لهذه المبادرة من جانب حكومة المؤتمر الوطني علاقة بتصاعد نبرة الحراك الإصلاحي داخل الحزب الحاكم؟ وقبل كل ذلك هل يمضي المؤتمر الوطني بجدية ومن منطلقات استراتيجية، أم أن الخطوة مجرد مناورة وتاكتيك سياسي محدد لتجاوز بعض المتاريس الحالية واحتواء أصوات الإصلاح المتصاعدة، والتصعيد العسكري الجاري في شمال وجنوب كردفان، والحراك الذي تمارسه قوى التحالف المعارض؟ والسؤال الأهم هل صقور المؤتمر الوطني المتنفذون سيقفون مكتوفي الأيدي حيال التسوية الشاملة والمعالجات الجذرية التي تتطلب تنازلات كبرى من بينها التنازل عن المناصب والمواقع المهمة والحساسة؟ وهل ستسمح مراكز القوة بالمؤتمر الوطني وأصحاب المصالح الذاتية بتمرير خطوات كهذه؟ وما علاقة التقارب الظاهر والمستتر بين المؤتمرين «الوطني والشعبي» بهذه المبادرة التي تبنتها رئاسة الجمهورية؟ وما هي الظروف والملابسات المحيطة بهذا الطرح على الأصعدة المحلية والإقليمية والدولية؟ وما هي أهم وأبرز العقبات والمتاريس المحتملة؟ وما هي فرص النجاح واحتمالات الفشل أمام مبادرة الحل الشامل التي بشَّر بها النائب الأول لرئيس الجمهورية؟

التوقيت والدلالات:

بالنظر إلى توقيت المبادرة الرئاسية ودلالاتها ومغزاها، يمكن الإشارة إلى أنها جاءت في توقيت دقيق وحساس، حيث تشهد الساحة ضغوطاً متعددة المصادر على الحكومة وحزبها الحاكم، فمن جهة يتصاعد الحراك الإصلاحي داخل حزب المؤتمر الوطني ويتعاظم ويرتفع صوته، وأصبح يتمدد بصورة مدهشة ويتجاوز نطاق الحزب الحاكم إلى قوى معارضة يستنصر ويستقوى بها، ولعل هذا ما بات يشكل مصدر قلق لدى القادة المتنفذين، ومن جهة ثانية مازالت قوى المعارضة تُصّعد نزالها مع الحكومة عبر تحركات سرية وأخرى معلنة تهدف إلى إسقاط النظام عبر ثورة شعبية كما أعلن ذلك حزب المؤتمر الشعبي أثناء اجتماعاته الأخيرة، ومن جهة ثالثة مازالت الجبهة الثورية المسلحة وقطاع الشمال تمارس تصعيداً عسكرياً في مناطق شمال وجنوب كردفان، وتجد مناصرة عالمية وتعاطفاً دولياً يبدو أكثر جلاءً من خلال الضغوط الدولية على الحكومة وإرغامها على الحوار مع قطاع الشمال والجبهة الثورية تحت وطأة تهديدات قرار مجلس الأمن الدولي رقم «2046»، ومن جهة رابعة يمضي حزب الأمة خطوات جديدة في اتجاه المرحلة الثانية من توقيعات ما سماها «تذكرة الرحيل»، ويمارس ضغوطاً ناعمة في إطار معارضته «الناعمة» للنظام، ومن جهة خامسة يطرح تحالف القوى الإسلامية والوطنية الذي يضم أكثر من «30» حزباً سياسياً نفسه البديل المناسب للحكومة الحالية التي قال إنها فقدت صلاحيتها ولم تعد قادرة على حكم البلاد، بينما يلتقي كثير من هذا الحراك في منطقة وسطى ربما تقبل القسمة على الجميع وهي منطقة الدعوة لعقد «مائدة مستديرة» للحوار تفضي إلى تشكيل حكومة انتقالية يشارك فيها الجميع تكون مهمتها إدارة الانتخابات المقبلة، وهي دعوة وجدت القبول حتى داخل حزب المؤتمر الوطني الحاكم، في حين أن بعض المفكرين الإسلاميين أطلقوا دعوة مبكرة للرئيس البشير بضرورة تشكيل حكومة قومية يكون رئيسها البشير بصلاحيات أقل، على أن يتنازل الرئيس البشير من بعض الصلاحيات لرئيس وزراء يقوم بتصريف الأعباء خلال مرحلة انتقالية تعقبها انتخابات رئاسية وبرلمانية، كما جاء على لسان البروفيسور حسن مكي في وقت سابق.. إذن هناك عدة عوامل أصبحت بمثابة عناصر ضغط وتزامن حدوثها أو بمعنى أدق سبقت مبادرة الحكومة لإنهاء حالة الاحتقان والمعالجات الجذرية لأمهات القضايا السودانية، وشكلت هذه العوامل خلفية للمبادرة، لذلك لا بد أن يقرأ توقيتها في ذات السياق.

التقارب مع الشعبي:

من حيث التوقيت أيضاً يمكن القول إن الطرح الرئاسي جاء في توقيت متزامن تماماً مع التقارب الظاهر بين المؤتمرين «الوطني» الحاكم و «الشعبي» المعارض، وبدا الأمر كأنه نتاج طبيعي للحراك الذي أحدثه لقاء «العليين» ببرلين في مارس الماضي، وهو اللقاء النادر الذي جمع بين النائب الأول لرئيس الجمهورية علي عثمان محمد طه ونائب الأمين العام للمؤتمر الشعبي الدكتور علي الحاج محمد، وبحث آخر تطورات القضايا الأمنية في دارفور والنيل الأزرق وجنوب كردفان، وبدا من خلال بعض القراءات أن الحاج قدم مقترحات لحل تلك القضايا خاصة قضية دارفور التي تُعد في الوقت الراهن من أكبر المهددات الأمنية والتحديات التي تواجه حكومة المؤتمر الوطني، وأن طه وعد بطرح تلك الأفكار للتشاور فيها مع الرئيس البشير ومؤسسات الحزب الأخرى.. وبعد لقاء برلين راهن البعض على إنسلاخ علي الحاج وانخراطه في المؤتمر الوطني على نسق الحوار «الفردي» الذي جرى مع القيادي السابق بالمؤتمر الشعبي الدكتور الحاج آدم نائب رئيس الجمهورية السابق ونتائجه، غير أن دلالات الأحداث ومؤشراتها تعزز فرضية نجاح علي الحاج في جر حزبه للحوار السري مع الحكومة والتقارب معها، ويرى أكثر من مراقب سياسي أن مبادرة الرئاسة الحالية لحل أزمة دارفور والقضايا الأمنية الأخرى لا تعدو أن تكون استجابة لطرح الدكتور علي الحاج في برلين خاصة أن «الحاج» وزعيم حزبه «الترابي » يتمتعان بنفوذ قوي داخل كثير من الحركات المسلحة خاصة حركة العدل والمساواة التي تطلق عليها قيادات الحكومة اسم «الجناح العسكري لحزب الترابي» لشدة وقوة نفوذ زعيم الحزب داخل مؤسسات الحركة، ولا شك أن نفوذ الترابي داخل «العدل والمساواة» أمر معلوم بالضرورة وتؤكده أيضاً مقولة أطلقها الترابي وتناقلتها الصحف في وقت سابق: «نحن لو ترك لنا أمر قضية دار فور نستطيع حلها خلال أربع وعشرين ساعة».. ولم يُستبعد أن يكون ثمن التقارب والتنازلات التي ستضمنها مبادرة البشير هو شراء نفوذ «الشعبي» وتأثيراته لاحتواء الحركات الفاعلة في الجبهة الثورية بما في ذلك قطاع الشمال نفسه.

السيناريوهات المتوقعة:

بإلقاء نظرة فاحصة تأخذ في الاعتبار أهم القضايا الأمنية الملحة والتي تشكل تهديداً مباشراً للأمن القومي، وأهمية توحيد الإسلاميين بالنسبة للإسلاميين أنفسهم يمكن التنبوء ببعض الإجراءات والخطوات التي يمكن أن تتم كموجهات أساسية ترتكز عليها مبادرة رئيس الجمهورية، وذلك على النحو التالي:
أولاً: تمهيداً لإنجاح المبادرة يتوقع أن يحمل التشكيل الوزاري المقبل مفاجآت حقيقية من شأنها أن تشكل مفاتيح لاختراق كثير من الأزمات الراهنة، حيث يتوقع اختيار شخصيات مؤثرة من بؤر النزاع تستطيع أن تحدث الاختراق المطلوب، كما يتوقع أن يتم توسيع المشاركة السياسية لتشمل أكبر عدد من الأحزاب السياسية.
ثانياً: يتوقع أن تحمل المبادرة موجهات قوية للحوار مع الحركات المسلحة وبعض التنازلات واستحداث بعض المناصب «الكبرى» للقادمين من التمرد، ويتوقع أن تنطلق المفاوضات مع حركة العدل والمساواة والحركات الأخرى التي أعلنت الأسبوع الماضي استعدادها للحوار بترتيب وضمانات من «الشعبي» على نحو أشبه بالصفقة السياسية، وتساق بقية الحركات المسلحة إلى الاتفاق النهائي، كما يتوقع أن تتجاوز تلك التنازلات القوى المعارضة التي سيُكتفى لها بتقديم «الأظلاف».
ثالثاً: يتوقع أيضاً إعلان رسمي لاستئناف المفاوضات مع قطاع الشمال والوصول معه إلى تسوية سياسية تنتهي بدخول قادة القطاع في الحكومة.
رابعاً صدور قرارات مهمة تمهد الطريق للمصالحة والحوار مع القوى السياسية دون قيد أو شرط كإطلاق سراح المعتقلين، والاستجابة لمطالب القوى السياسية كالمائدة المستديرة ونحوها.

المعضلات:

الناظر إلى المسرح السوداني على صعيده السياسي يدرك بوضوح تام أن الساحة السياسية في البلاد تعاني جملة من المشكلات أبرزها حدة الاستقطاب السياسي والاحتقان وانعدام الثقة، لذلك كان لا بد من إجراءات عملية من شأنها إزالة أسباب الاحتقان، وردم هوة عدم الثقة ووقف الاستقطاب، وهذه هي أهم التحديات والمعضلات التي تقف حالياً أمام مبادرة الرئيس البشير، فهل تستطيع الجهات القائمة عليها تخطي وتجاوز تلك العقبات بقرارات شجاعة وعملية؟ إذن تلك هي التحديات الحقيقية إلى جانب المتاريس التي يتوقع أن يقيمها متشددو المؤتمر الوطني الذين مازالوا يرون أن البلاد لا بد أن تُدار بالقبضة الحديدية والعقلية الأمنية، فهولاء يمكن أن يشكلوا عقبة أساسية أمام أي تغيير، وسيقفون في وجه أية مبادرات من شأنها أن تسعى لفك الاختناق وإزالة الاحتقان السياسي، باعتبار أن أي تغيير سيكون خصماً على مواقعهم ومصالحهم الذاتية التي ارتبطت بالوضع الحالي.

مخاوف مشروعة:

من الملاحظ أن حزب المؤتمر الوطني درج على إطلاق المبادرات والانفتاح على القوى السياسية والخصوم في الأوقات التي يشعر فيها بالاختناق والضغوط، فهو غالباً ما يبحث عن مخارج يتنفس بها ريثما تمر الأزمة، لذلك نجد أن كثيراً من القوى السياسية لا تكترث كثيراً لمثل هذه الإجراءات التي يعلن عنها. ولعل هذا أيضاً ناتج عن عدم الثقة التي سبقت الإشارة إليها.

صحيفة الإنتباهة
أحمد يوسف التاي[/JUSTIFY]


تعليق واحد

  1. انحنا مواطني الازهري مربع 21 بنعاني من رائحة الصرف الصحي انقلوه لمكان بعيد

  2. يعني بعد الحكي ده كلو و الجري و الطيران نفهم
    انو السيد علي عثمان هو المتحكم الاول ف سياسه السودان

    فصل الجنوب
    قلب شيخو “الترابي”
    والان يعيد شيخو الترابي مره اخري اذا صح الخبر

    و عندما التقي علي عثمان بالهارب علي الحاج
    نفي الموتمر الوطني اول يوم و قال لا علم له
    عرفت انو الامر فيهو شخشخه و بعد كم يوم الموتمر الوطني اقول ان لقاء كبير اولاد نيفاشا بالهارب علي الحاج لقاء شخصي لا علاقه له بالسياسه

    انا كمتفرج من المدرجات بقول انو 3 لو اتشالو من ميدان السياسه السودانيه نهائي السودان ح ابقي دوله متطوره علي حسب راي الشخصي

    1 علي عثمان
    2 الترابي و حزبه
    3 الجبهه الحشريه الثوريه كلها جنود ضباط

    و كلام للاسد البشير
    اذا كان من ضمن مبادره الحل الشامل عوده الترابي و دخول عرمان و الحلو و عقار للحكومه ف من الافضل نكون كده بس و الحل لا يفيد بل ح اغرقنا اكتر

    لا اله الا الله
    سيدنا محمد بن عبدالله رسول الله

  3. الحل واحد وواضح كنس نظام الانقاذوازالة آثارة تماما من مسرح السياسة ومحاسبة كل من اجرم فى حق الشعب السودانى واقامة دولة سودانية علمانية
    تحفظ لكل ذى حق حقة (العلاج واحد الكى بس مراويد حمراء علمانية ملكية القطاع العام لكل شىء افساح المجال للرأسمالية الوطنية لتدلوا بدلوها )
    ارجاع اي قرش اتسرق والناس الحرامية معروفين وظاهرة قروشنا فى كروشم دى
    جربوا العلمانية وشوفوا كان زول اتظلم ؟