يعيش القانون.. يعيش أحمد عرابي!
في إحدى الدول الخليجية يتأهب الكثيرون لخوض انتخابات نيابية للفوز بمقاعد في البرلمان، وكما هو معروف في كل الانتخابات العربية فإن الفوز يكون دائما حليف المرشح الذي يملك «المصاري»، ويقدم الهدايا (اسم الدلع للرشوة) ويقيم المآدب ليشتري بها ذمم العامة، ويبرم الاتفاقيات مع الكبار والهوامير ليساندوه نظير التسهيلات التي سيحصلون عليها بعد حصوله على المقعد البرلماني والحصانة البرلمانية التي تجعله فوق القانون! وطبعا شراء الذمم والأصوات على المكشوف ممنوع حتى في قوانين الانتخابات العربية!! وفي انتخابات شهدها ذلك البلد الخليجي قبل أعوام التزم مرشح في الانتخابات البرلمانية بالقوانين التي تمنع رشوة الناخبين وقرر ان يخوض الانتخابات بشرف بحسب القانون والأصول، فنشر إعلانا لحاجته إلى ألف (نعم واحد وأمامه ثلاثة أصفار) مندوب إعلامي لإدارة حملته الانتخابية.. لا بد ان أوضح مجددا ان الرجل ليس مترشحا في انتخابات رئاسية، لأن هذا النوع من الانتخابات في العالم العربي لا يحتاج إلى «مناديب» لعدم وجود منافسة، بل مرشح لبرلمان في بلد تعداد سكانه محدود!! وسيقبض كل مندوب أكثر من خمسة آلاف دولار أمريكي (وليس دولار إثيوبي) تحت الحساب!! فهمت؟ يعني هناك بونص او حافز إضافي.. ولكن متى؟ يقول الإعلان الديمقراطي القانوني الذي نشره المرشح في صحف بلاده، إن كل واحد من المندوبين الألف سيتقاضى 5000 دولار أمريكي إضافية «في حال نجاح الحملة الإعلامية»!!… وهذا ليس كلاما في الهواء بل يقول الإعلان انه سيتم توقيع عقد مع كل مندوب يقع عليه الاختيار!! خوش ديمقراطية، وخوش قانون، وخوش مرشح!! والآن جاء دور القراء الكرام لمساعدتي على الحصول على تأشيرة وكفيل للتوجه إلى تلك الدولة الخليجية لتكوين نفسي: لو مرشح واحد يعطيك أكثر من عشرة آلاف دولار نظير حملة تستغرق اقل من شهر.. تخيل عشرات الآلاف الأخرى التي قد اكسبها لو وجدت مرشحين او ثلاثة من شاكلة صاحب الإعلان بحاجة إلى مندوب او أكثر؟
وعلى مسؤوليتي فإن المرشح الذكي الذي يحتاج إلى ألف مندوب سيدخل البرلمان بالمزيكة، فكل مندوب سيحصل على 5000 الف دولار فور توقيع العقد، وقد تقول: سأتسلم المبلغ وأفِل، أي اهرب او اعمل معه «بدون نفس»! لا يا ذكي، فمربط الفرس هو في مكافأة نهاية الخدمة «بعد نجاح الحملة الاعلامية»، يعني المرشح سقط، حقك في الحافز سقط.. إذن من مصلحتك ان يفوز هذا المرشح، كي تفوز انت بخمسة الاف دولار اضافية، و«أضمن» طريقة لفوزه هي ان يصوت له الألف مندوب فيضمنوا بذلك حقوقهم ويضمنوا له دخول البرلمان، لأن ألف صوت تكفي وتزيد للفوز بمقعد برلماني! ومن باب اللعب على المضمون يجتهد المندوب لكسب أصوات كذا شخص ويستحق بذلك مسمى «مندوب» عن جدارة واستحقاق!! بس السؤال اللي مجنني هو انه اذا كان الرجل على استعداد لإعطاء عشرة آلاف دولار لكل واحد من المناديب الألف (المجموع عشرة ملايين دولار) فما العائد الذي سيجنيه من دخول البرلمان بتلك الكلفة الباهظة؟ أدري أنه سؤال عبيط!! وإذا لم يكن القارئ عبيطا فعليه ان يتكتك ويرتب أمور نفسه كي يصبح نائبا من نوائب الزمان والبرلمان، لأن شيئا يكلف الدخول فيه عشرة ملايين دولار لا بد أن به مصنعا لسك النقود وطباعة العملة غير المزيفة يكون تحت تصرف المتمتعين بعضويته.. وهناك أصدقاء كثر في صفحتي في فيسبوك يطالبونني بالترشح لرئاسة الجمهورية في السودان وإذا كانوا صادقين في مطلبهم ودعوتهم تلك فإنني اتوقع منهم ان يجمعوا لي عشرة ملايين دولار كي اصرف على المناديب.. خلوها عشرة آلاف وأنا راح «أتصرف»، وبعد جلوسي في الكرسي سيصبح كل متبرع مندوبا رئاسيا ويا بخت من نفع واستنفع (وهي من المقولات البشعة التي نبرر بها الارتشاء والانتهازية).
[/JUSTIFY]
[email]jafabbas19@gmail.com[/email]
هل تدرون أن في أمريكا مؤسسة تسمى مؤسسة صنع الحاكم ؟ أي أن أي أمريكي يترشح للرئاسة ويصعد للكرسي
تقدم له خدمات مالية استثمارية يخرج من خلالها بملبغ لا يقل عن اتنين مليون دولار أقل شيء ، وهذا يعتبر من حقوقه التي يجب أن تقدم له
كل شيء يحدث في تلك الدول يحدث بالتفاهم والإتفاق بالذات الأشياء التي نعتبرها هنا في الدول العربية حرام و سرقة ورشوة وغيرو هم يقننونها
ويجدون لها سبل شرعية متعددة ، المهم ياخدوا حقهم بالتراضي من غير شوشرة ، لذلك إنداح رؤساء الكثير من الدول العربية وأخدوا راحتم خالص
فهم يقلدون دون تفكير !