رأي ومقالات

د. عبد الماجد عبد القادر: التفكير بالطريقة الروسيَّة !!


[JUSTIFY]قلنا في غير ما مرة إن الفرق بين الروس والأمريكان هو أن الروس يهتمون بإيجاد الحلول بينما يهتم الأمريكان بتفاصيل المشكلة.. مثلاً، كان الروس والأمريكان يتنافسون في عقد الخمسينيات من القرن الماضي حول أيهما يستطيع مسابقة الآخر ويطأ على أرض القمر قبله.. وما بين علماء الفضاء الروس والأمريكان كانت تقع الكثير من «المكايدات» والمنافسات والتي لا يخلو بعضها من الطرافة.. ومن ذلك أنه في إحدى المناسبات قام العلماء الأمريكان باختراع سلك رفيع جداً بحيث يصعب رؤيته بالعين المجردة ووضعوه في ظرف خطاب وأرسلوه لزملائهم من علماء الفضاء الروس… وقالوا لهم إنه توجد بالظرف هدية لكم إن استطعتم العثور عليها..

ويقال إن الروس عثروا على السلك الرفيع.. وأحدثوا فيه ثقباً وملأوا الثقب بمادة أخرى ثم أرسلوه إلى الأمريكان. ويتصادف أن كلاً من العلماء الروس والأمريكان تقابلهم مشكلة الجاذبيَّة الأرضية فيما يتعلق بأقلام الحبر لغرض الكتابة بها في القمر.. والمعروف أن القلم يكتب لأن الحبر ينساب من داخل القلم إلى الخارج بفعل الجاذبية.. ولأن الجاذبية تنعدم في سطح القمر والطريق الموصل إليه فإن ما يحدث هو أن الحبر لا ينزل من القلم بل على العكس قد ينشفط عكسياً. واجتهد الطرفان في الأمر.. ولأن الروس يهتمون بإيجاد حل للمشكلة فإنهم قد استعملوا أقلام الرصاص في الكتابة على المركبة الفضائية ولم يتعبوا كثيراً بينما اهتم الأمريكان وغرقوا في المشكلات المتعلقة بالجاذبية وعلاقتها بقلم الحبر والاهتمام بإنتاج قلم حبر للكتابة على سطح القمر.. واضطروا لانتظار عامين آخرين وصرفوا على التجارب والبحوث ثلاثمائة مليون دولار ليصلوا إلى قلم الحبر الذي يكتب عكس الجاذبية.. وهنا بالطبع يكمن الفرق ما بين مَن ينظر إلى النصف المليء من الكوب وذلك الذي ينظر إلى النصف الفارغ. فأحدهما متفائل والآخر متشائم… أحدهما يستشرف المستقبل والآخر يتجرع مرارة مشكلات الحاضر.. وأحدهما يفكر دائماً في إيجاد الحلول والآخر لا يرى غير المشكلة والمعوِّقات.

وإذ نعيش هذه الأيام ظروفاً مناخية أشبه بظروف السيول والأمطار في عام 1988م عندما كان السيد الصادق المهدي رئيساً للوزراء ينقسم عندنا الناس إلى قسمين.. بعضهم يقول إنها كارثة بكل المقاييس تحتاج إلى الإعلان الدولي والآخرون يقولون نعم إنها قد تكون كارثة ولكن «الخير في الشر ينطوي»… وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خيرٌ لكم.. ولا نحتاج إلى درس عصر لكي نحكي عن الخير المنطوي في شر الغيث المنهمر… ولن نضيف جديداً إذا ما قلنا إننا أصلاً وفي أدنى المستويات نتعرض إلى إجمالي أمطار يبلغ حجمها «اثنين ألف مليار» متر مكعب.. يعني اتنين ترليون متر مكعب من المياه التي ينزل جلها على ما يُعرف عندنا بحزام الصمغ العربي.. وهذا الكم من الأمطار هو الذي يغذي المياه الجوفية في آبارنا وفي مخزوننا المائي تحت الأرض.. ويغذي الحفائر ومصبَّات المياه ومواعين حصاد المياه والأنهر الموسميَّة والخيران والترع والمساقط.. بل يغذي الأنهار الفرعية والنهر الرئيسي الذي يجري فيما يسمى بماعون نهر النيل «العدلاني» من الخرطوم حتى القاهرة ومنها إلى البحر الأبيض المتوسط… وبالطبع يصلنا من ذلك بعض المليارات التي نستغلها في ري المشروعات المروية..

ولن نضيف جديداً إذا قلنا إن الثروة الحيوانية والتي لا تقل عن مائة وخمسين مليون «وحدة حيوانية» تجد أعلافها بنسبة 75% مما تُنتجه الأمطار.. والوحوش كلها تعتمد على مياه الأمطار.. وبسبب الأمطار تنمو أشجارنا في حزام الساڤنا وتتشكل منها ثلاثون نوعاً من «الأكاشيا» وأهمها الطلح والهشاب واللعوت والسلم والكتر والسنط وهذه تمدنا بما قيمته اثنين مليار دولار من حطب الحريق وحطب المباني والفحم النباتي لأغراض الاستهلاك المحلي ولأغراض التصدير وخشب الطلح «لنساء السودان» الذي يحتاج هو الآخر لأكثر من مائة وخمسين مليون شجرة يتم قطعها سنوياً للإيفاء بهذا «الالتزام» وهذا ما يجعل عدد زرائب بيع حطب الطلح بالخرطوم وحدها يصل إلى ثلاثة آلاف وخمسمائة زريبة. ومن المؤكد أننا نحصل على منتجات الغابات الأخرى مثل الصمغ العربي واللالوب والنبق والتبلدي والعرديب والعسل والدوم والقضيم الخ الخ بسبب الأمطار الساقطة بنفس هذه المعدلات.. ولا ننسى أن محصولاتنا الزراعيَّة المطريَّة في مساحة خمسين مليون فدان تُعطينا عشرة ملايين طن من الذرة ونصف مليون طن من السمسم والكثير من زهرة الشمس لأغراض الصادر وحب البطيخ والكركدي والفاصوليا والفول السوداني والبهارات الأخرى.. وهذه كلها محصولات نعتمد عليها في غذائنا المحلي ونصدرها لكي نحصل من عائداتها على كل الواردات التي تجعل حياتنا سهلة… كل ذلك سببه الأمطار والغيث المنهمر علماً بأننا لم نذكر شيئاً عن الفوائد البيئيَّة والمناخيَّة. واذا نظرنا إلى النصف المليء من الكوب نقول إن علينا أن نستعد من الآن لموسم زراعي ضخم فيه يغاث الناس وفيه «يعصرون» وإن شاء الله «تاكلوهو بالعافية أو تشربوه بالعافية».

صحيفة الإنتباهة[/JUSTIFY]


تعليق واحد

  1. فتح الله عليك وبارك لك في علمك واستزادك فيه وانت تؤكد للمشفقينن والخائفين والمتشائمين!!وتذكر الشاكرين بنعم الله التي ترقد في بطن النقم ككارثه الامطار التي تتبعها السيول وتحمل بعض الاضرار الظاهريه

    لبعض الناس!! ولكنها تحوي الخير العميم لمعظم المخلوقات الحيه وفي مقدمتهم (الانسان)والحيوان والاشجار والبيئه!!وتملاء الارض بالخيرات والمنتجات الزراعيه المتعدده!! وتتكاثر الثروه الحيوانيه!! ومخزون

    المياه في باطن الارض وظاهرها كالانهار والخيران والحفائر!!وتخضر الارض ويعتدل المناخ ويشبع الانسان والحيوان ويرفل الناس ويسعدوا بانعم الله ويعبدوه ويشكروه ويزيدهم من افضاله!هكذا يجب ان تكون

    نظره الانسان المؤمن الواعي ونظرته وتقيمه للنعم المستتره والظاهره !! فهو دائم الثقه في الله!! متاكدا من حكمته فيي تصريف الامور !! متفائلا!! ناظرا الي ابعد من قدميه وارنبه انفه!! مستشرفا للمستقببل !! متعلما

    ومعلما.
    فلنساعد اخواننا من المتضررين من السيول!!ولنشمر عن ساعد الجد للتحضير للموسم الزراعي القادم الذي يبشر بانتجايه عاليه اذا ماعملنا فيه بجد واجتهاد يتناسب مع انعم الله التي وهبها لنا في شكل مياه عذبه

    يحتاجها الانسان والحيوان والنبات والارض فهي اساس الخلق وكان عرشه فوقها حتي قبل ان يخلق الله الارض وبقيه المخلوقات…….والله من وراء القصد.. ودنبق